الأفْــعَـى الــغـُرْبَـةُ
بقلم: الشّاعرة التّونسيّة إبتسام عبد الرّحمن الخميري
جَلسَـتْ أَمام الأفْعَى
تتــَلـذَّذُ سمُـومَـها.
للْأفـْعـى أَلـْوانٌ شَـتَّى...
وَ رَقـصَاتٌ مُكْـتنِزَةٌ
وَ... ريــقٌ يُشبـِهُ العَسَـلَ...
الأفْـعَـى تُـلاعِبُ الأحـْـلامَ
و... تَبْــتَسِمُ.
و أحْلامِـي تَوَدُّ مـُغادَرَتي
تَـرْفُسُ/ تَضْـرِبُ
تَـرْقُصُ مع الأفْـعَـى و لا تتَـلَـوَّى.
مُنْتَـصِـبًا كـانَ الحلمُ...
و انْـهَـارَ قـبْـلَ صـلاةِ الاسْـتِسْـقَاءِ.
كـانَ يحـتَضِنُ أشْـيـاءً جَــمَّــةً.
كـانَ يَـنْـتَفِخُ...ثُـمَّ
تَشَــبَّعَ بِـمَـذَاقَـاتٍ شَتَّـى...
نَفَـخَتِ الأَفْـعَـى
فَارْتَـجَّ الـوَجْـدُ/ الحُـلـمُ و تَزَلْزَلَ.
قـَـالَ:
أَتَـرَمَّـلُ عِـنْـدَ انْـبِـلاجِ الـرَّبيــعِ
و أَتَـهَــادَى...
قـصْـرًا/ عَـمْـدًا.. أتَـهـادَى
يـــــا مَـلَكـوتَ اُسْـجُدي
مـازلـتُ هُـنــا...
يــــا رَواسِــي لا تَـمِيــدي
فَأحْـضانـي خَصِيــبَـةٌ
نَـكّـسَـتِ الأفْـعـى هُـنيـْـهةً ثــمَّ نــادتْ:
"يــــــا غـُربـَـتـــــــي"
تبَــــــسَّـمَ الحُــــلـــــمُ السَّـاكِــنِ فِــــيَّ.
صَـرخْـتُ:
يــــا رفيــــــــقَـةَ وِحْـشَــتِــي
يــَــا... زفـَراتـِـي
اِهْـتَـــزّي و هُــــزِّينـــــي قبْلَ....
يـــا مـَـلاءَتـــي الـمُهـْــتـرِئَــةَ... ذاتَ صَــبـــاحٍ.
تَدلَّـيْ و دُلِّــــــيــني الطَّريــــــقَ...
شَـدّتْ أوْزارَ العتَــمــَةِ
قــــالــتْ: يــــا بـــَـابُ تَــــرجـَّلْ
أشْبــــــاحُ الـحُـلـــمِ...تـَـغـْــفـــــو
تكـتــُــبُ أوْجـــاعَ صَبـِـــيـَّـةٍ...
بــَـليــــدٌ مَــــوْتُـــــنــــا
الآنَ، مَـــدَامــــعُ الشَّـــوْقِ... تبـْـتـَـسِــــمُ
و حَــفيـــــفُ الْــعِــشْــــقِ... مُـــــوصَــــــدٌ.
شَــبـحُ الـْـمــوتِ يُــضـــاجِـعُـنــي
و لـــســــتُ نـَــبِيـّـًـــا...
أرتـَــكِــــبُ الــحـــلــمَ صَــبــاحًـا
و لا يُفــــارِقنـــي عَشِـــيًّا.
الأفــْــعـَــــى تتـَـغـــزَّل... جـَـــهــــارًا
فـــأنْـــهــَــشُ الـــصَّـبـــرَ و .... أُقَبـِّـلُـــــه.
فَـــجـرٌ، « يــــا مَـــوْلاتــــي" دَعَــــانــــي..
أَ أُحَــــدّثُــــهُ بــِــأَنـِّـــي...و بـــأنـِّـــي...؟؟
أشْـــيَـــاءٌ عُــظـــمى/ قُـــصْــوى.. مـــــن قَـصِيِّ الــــلَّــوْنِ
أنـْـبـــتُ كـــمــا مَــراتيـــجِ الـحَــدَقـَـةِ
أنـْـيَـــابُ الـزّمَـنِ ... تُـفــتِّتــُـني
فـهـَل أنـْـضـُـبُ ؟؟
و الــدَّمُ تـجَمَّــــدَ/ تــبلَّـــدَ
جــاءَ مـنْ قـعـْـرِ الـحـُـلْـــمِ.
عـفْـــوا/ جــاءتِ الأفْــعـــى تتـَــلوَّي
جــــاءتْ مـــنْ نـــهـْـرِ الـغـَـرَقِ
لــتصـــيرَ:
شــيئـًـا مـــا... لــونـًــا مـــا...
صــوتـًــا مـــا... يتخـَـلّـَـــلـُـنـِـي...
قـــالـــتْ:
يـــا الــجَــاثِــمَ عــنــدَ ربـْـوَةِ الـعَـتـَمَـةِ
يـــا المــاثـِـلَ للْأحْــزانِ المُـقـفِـرةِ.... هُنا
قـــارُورةٌ نـِصـفُ جــــائِـعَـةٍ
تحْــوِي خَـطيــئـَــتَكَ الأُولــــى
هُـــنـــا...أَغْتَـسِــلُ بـيـنَ مُـقْلَـتـَيْـكَ
فحــدِّقِ بـِـدرْبِــي.
هُـنـــا... أتَـجَـمَّـلُ بِـلَـــوْنِ خُــطـــاكَ
فـهَـدِّىءْ مــن سُـرْعَـتـِـكَ
أنــــا مِــن خُـطــايــَـاكَ
و أنـْـتِ،
خَطيــــئَـتـي عــلى مرِّ الزّمَـنِ
أوْدعْتـُـكَ بـيْـنَ الجـفْــنِ و الجـفْــنِ
حــدَّ الغِــــوايــَـةِ
بـِــلا مِـئْـذنَـــةٍ/ بـِـلا صَـوْمـعــةٍ
أنــتِ: خَطيـــئَتِـــي الحُـبْـلـى بِلحْـظي الغَريــــبِ
أنــــتِ: خطيــــئَتي الغَـــرْقى
في جـــوفِ الأرقِ و الأشْـواقِ
داعَبَــــني رمـْــشَكِ قـبـْلَ الـغـــروبِ... و مـــا هَـــدأَ.
مــســـاءً...
رأيـْــتُكِ تَعْــبُريـــنَ... حَــدائِـــقَ الْـــوَجْـــدِ هـائِـمـَـــةً
رَأَيْتُـــكِ تسْــكُبِيـــنَ نَبيـــذَ الشَّــوْقِ على الــمَـرايــا...
و تبْــتَـسِميــنَ...
إلــــيَّ غُـــربـَــتــي..
قــالـــتِ الأحْـــلامُ:
"حُثـِّــــي الخُــطـــى و تَرجَّـــلي بُنيَّـــتي
قبـــلَ بــــدْءِ غُـرْبــَــتي."
غَمْــغَـم الْفَــرْحُ فِــيَّ و غــابَ..
اِنـْــبرى يحتـَـــضِرْ... و يـرقُــصُ
اِنْـــبَرى يحــمي الجــوارحَ مـن العِــدَى
فــصرختُ:
"يـــا جوارِحي لا ترحَلي
إلـــيَّ تعاليْ عــندَ عُمـــر الموْلــِــدِ...
مـــا كنتُ أنـــزَعُ ثـوْبَ وَقــــاري و عِــفّـتــــي...
مــــا كنـــتُ أرقُـــصُ
كمـــا الـغَـريـــبِ الشّــارِدِ...
مــــا كـنتُ....وَ..حْ...دِ...ي..
شــــــاخَ الــزَّمـــــانُ و أنــتِ لـي... دوْمًــــا سَبيــــلِـــي
نـــــاحَ الــزّمــــانُ و أنـــــتِ لــــي... دوْمًــــا دَليــلــــي.
و غُــــرْبـَـــتـــي...
رحْـــلَــــةُ الـعـُـمـرِ الجـَـميــــــــــلِ تــــلُفـّـُـنـــي...
تُــــــــوقـظُ فِــيَّ نـَـوازِعــــي وَقْــــــــــتَ الهـَــجيـــــــــرِ.
و لا أصْــطَلـــي مــــن هَـجْـــــرِكِ
دومًـــــا أُنــاديـــــكِ غُــرْبَتــــي
وَ الأفْــــــعـَــــــــى دَرْبـــــــــي...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق