قضية ورأي
مررت بمنشور يتضمن بيتيْ شعر في هجاء نوال السعداوي وإنه لهجاء مبتذل نزل إلى مستوى الجسد ليصفها بالقردة وبالقبح موظفا صاحبه كلاما بذيئا لا أشك أنه قد قاله بدافع الحماس والغيرة على مبادئ الاسلام وبناء على ما يراه من اختلاف بين ما تقوله هذه المفكرة والسائد بين الناس .. إلا أنه لا يجب ان يفوتنا أن هذا الاختلاف هومن يولّد لدينا التوازن الفكري .. ولا شك أنّ المسلم الحق كلما أوذي في دينه إلا وتشبث به أكثر وإنّه الاختبار لصدق الإيمان ..فإنني إذا لست أدافع عن نوال السعداوي فلا أنا أحبها ولا أنا أشغل نفسي بكرهها ولا أحتاج أن أفكر بها أو بغيرها ممن لا تأثير لهم على المسلم الحق الذي أنار الله بصيرته ..كما تجدر الإشارة إلى أن للمفكر الحرية لأن يقول ما يفكر به سواء كان يعبر عن فكره أو عن آراء مدفوعة الأجر.
فتوقفوا عن الشتم وتأكدوا إن كنتم تظنون أن هؤلاء يمثلون خطرا على الاسلام فإن شتائمكم لا تحمي هذا الدين الحنيف كما أن الشتم والسب ليسا من أخلاق المسلم و عجيب أن تشتم إنسانا لأنه لم يلتزم بتعاليم الدين فهل أنت التزمت بأخلاق الإسلام لما شتمت الناس ..دعوا الخلق للخالق ..الله وحده أدرى بعباده وهو من يحاسب ولا شريك له في الحكم... قد يعفو الله عنها وعن أمثالها برحمته وقد يعاقب من يظن نفسه تقيا ...اقرأوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) رواه البخاري ...فإذا لا يهمنا أمر نوال السعداوي وما ينتظرها عند الله فلا نوال السعداوي ولا أمثالها يحددون مصيرنا أو يغيرون من إسلامنا قيد أنملة .. دعوا هذه الأمور البسيطة واهتموا بما هو أهمّ وأجدى فالشعوب العربية تسير نحو الهاوية في كل ما يتعلق بميادين الحياة ....وهل تعلمون ما هو الأمر الذي يهبط بالأخلاق إلى الحضيض ويعطي الحق لنوال ولغيرها من المفكرين لكي يقولوا ما لا يعجبكم ؟ وهل تدرون ما سبب انتشار الانحطاط في المجتمعات...؟
إنّ السبب وراء ما ترونه من انتشار الفساد في الأرض هو الفقر والجهل .. وهل تدرون من الذي ينشر الفقر والجهل بين المسلمين. ؟ إنها السياسات التي تكيد للشعوب العربية .. وهل تدرون كيف يفعلون بنا هذا ؟.. إنهم يطبقون علينا....." إذا أردت أن تركع شعبا جوعه وجهله وشتت صفوفه ".... و لقد نجحوا في مسعاهم فصرنا نحن العرب عنوان الجهل والفقر وانعدام الكرامة والفساد ومنتهى الضعف والهزيمة .
إن هذه الأفكار و هذه الصّور التي تطل علينا في الفضاءات الثقافية والاجتماعية أو نراها في منابر وحوارات تدار على الشاشات إنما هي تدخل في صناعة الأحداث الممنهجة والمبرمجة وفقا لتواريخ معينة ومناسبات مضبوطة وهي توظف لامتصاص غضب الشعب ولإشغال الناس عن قضاياهم المصيرية ونحن نقع بكل بساطة في فخ هذه المصيدة التي فيها ضياع المصلحة الأساسية لشعب مغيب وسط المتاهات المفتعلة .. فإذا بنا نتحدث عن الحجاب ولا نتحدث عن المواطن الجائع .. ثم نتهم الأديب الفلاني بالإلحاد وننسى أبناء الشعب الذين ينحرفون بسبب البطالة وينتحرون بسبب اليأس القاتل .. ونسب الفنان الفلاني لأنه ظهر في صورة مع يهودي و نتسامح مع مسؤول يرتكب الجرائم في حق الوطن والمواطن .. لست مع هذا ولا ضد ذاك كل ما يهمني حقا هو الجائع والمحتاج ومن ينام في الشارع ومن لم يجد كيف يعالج إذا مرض ومن عجز عن تعليم أبنائه ومن يضطره الفقر لأن يرمي ابنته الصغيرة للمجهول المخيف لتشتغل في المنازل .. يهمني اليتيم والمتشرد والصبية الجميلة تجول في الشوارع والأزقة تمد يدها متسولة وعيون الذئاب البشرية تترصدها...أهتم بهؤلاء ولا تشغلني نوال السعداوي ولا الصور ولا الأخبار الغريبة المفتعلة و أهتم كثيرا
و أتساءل أين خيرات وطني ؟ هذا السؤال الذي يخيف من يعبث بمصيرنا.
يا عرب لديكم كل هذه الهموم وأنتم لا تزالون تناقشون الحجاب ومن يصلي ومن يصوم ومن قال كذبا على الرسول صلى الله عليه وسلم ومن شتم القرآن ....اعلموا أن الله غني عن دفاعكم وأنه سبحانه وتعالى لا أحد بقادر أن يلحق به سوءا ولا أحد يمكنه أن يؤذي الإسلام و أمّا المسيء للإسلام حقا فهو المسلم الذي يبدو للعالم بغير أخلاق المسلمين والذي يشوه الدين بالخرافات مثل صورة تلك الدجاجة التي تكتب على الأرض "الله " بمنقارها بواسطة الحبوب و لنجد بعد ذلك كلمة الله مرسومة على فخذ مولود كما نرى اسم محمد صلى الله عليه وسلم في السحاب وغيرها كثير من المعجزات الوهمية التي تذهب بهيبة المسلمين وتنسف مصداقيتهم
و حاشا للإسلام أن يكون دين خرافات وقد شهد العالم كله بما فيه الغرب بأن الإسلام دين علم وعمل وأنه قد تنبأ بكل ما حدث وما يحدث اليوم في العالم
و قد عدّد الإسلام كل العلوم التي توصل إليها الغرب
و حققوا بها الازدهار لبلدانهم والسعادة لموطنيهم وأما نحن فلا ننفك نسب بعضنا ونشتم من يخالفنا الرأي ونكره من يطرح قضية لا تناسب مشاربنا ونفتح منابر نناقش فيها مواضيع لا جدوى منها للمواطن الذي يعاني الويلات في وطنه و لا نزال نتناقش فنختلف ويقوم الخصام الشديد بيننا وتنشأ العداوة المدمرة ونصير مشهدا يتسلى بمتابعته العدوّ ويصير لديه واضحا من أين تؤكل الكتف .. فرجاء دعوا هذه التفاهات واهتموا بما هو أهم وأجدى فالشعوب العربية تسير نحو الهاوية .. لقد نجحوا في مسعاهم وصرنا نحن العرب الشتيمة عينها ..ترفعوا عن هذه الدعايات و لا تلقوا بالا إلى هذه الصور ولا إلى تلك المواضيع التي تثار فجأة لهدف في نفس يعقوب .. قاوموا بالعقل والعلم وطاعة الله كي لا تهزمكم صناعة الأحداث المبرمجة والتي تهدف للفت أنظارنا عن كل ما هو فيه مصلحة الشعب الحقيقية ... فكم هو عجيب حوارنا لساعات في المنابر والشاشات حول أمر ديني بديهي وكأننا حديثيّ عهد بالاسلام.
يا أيها المسلمون إن كنتم حقا مسلمون دعوهم يفعلون واتركوهم يقولون وطبقوا ما جاء في القرآن الكريم و كونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ضد العدو....إن عدوكم واحد فكونوا واحدا.... وأكدوا للعالم أنكم فعلا مسلمون
نسيمة الهادي اللحمي
صفاقس ..تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق