الأحد، 28 نوفمبر 2021

القلوب الرحيمة/جمال خليفة/جريدة الوجدان الثقافية


 القلوب الرحيمة

كلمات: جمال خليفة
هيَّ القلوبُ الرحيـمةُ..
عـندما تَقسَ القلوب
في داخِـلـهـا خـيـرٌ وعـطـاءٌ..
عـنـهُ أبداً لاتـتـوب
مهـما تكالبَتِ الأيـامُ..
وأغـرَقـتـهُمُ الخُطـوب
مـعـدَنُهُـم كـنبـعٍ صـافٍ..
لا تُـعَـكِّـرَهُ عُـيـوب
وخـيـرُهم كنسمـاتٍ عـليلةٍ..
وَقعُـهـا جِـدُّ طَروب
هم خـيرَةُ الناسِ..
منهم الصاحِبُ والمحبوب
تراهم في كـلَّ وقـتٍ..
في الصـباحِ والغـروب
أياديهِم للمحتاجِ ممدودةً..
لاتُثنيـهم كروب
يعـشقون ما يفعلونَ..
وكُلٌّ على عملِهِ دؤوب
فهـنيـئاً لهـم صُـنعَـهُم..
مـلـكـوا بـهِ القـلـوب
جـزاؤهم جِـنَّاتُ نعيمٍ..
مـعَ المُـصطفى المحبوب

حلم /محمد حمد/جريدة الوجدان الثقافية


 لا أحبُّ المفاجآت السارّة جدا....

محمد حمد
حلم مخضّل العينين
يستيقظ ثملا في كأس نبيذي الاولى
يتلوى حولي وامامي كافعى رقطاء
برأسين
او كقصيدة شعر سيئة المكياج
لا يستنشق منها القاريء في افضل حالِِ
سوى بيتين يتيمين...
احيانا يقرأني اعمى البصيرة بالمقلوب
ويراني اتكرّر في وجهين
(لعملة واحدة...)
فانا في كل الاحوال
ضيٌعت تقاسيمي وبعض خصالي الاصليًة
ما بين الاثنين
لا انكر اني ارقص في الغالب دون حياء
وعلى اكثر من حبلين
عارِِ من جلباب الحشمة
وقناع التهريج:
اتوشّح بجنون صباي الغابر
رغم بلوغي سنّ السبعين !

خيبات الزمان/الشاعر المهندس / محمد عوض /جريدة الوجدان الثقافية


 خيبات الزمان

***************************
جهز نفسك لخيبة قد تأتيك من قريب
فاُذكر رسولك شوقا وصلِّ على الحبيب
فالخيبة في هذا الزمان شيء عجيب
لا تدري بأي ذنب فعلته أو لأمر غريب
أوصال الصدق تقطعت فهل من مجيب؟
الحق قد تاه بين الصبح وشمس المغيب
والود قد تعكر .... كما يتعكر الحليب
فاُذكر رسولك شوقا وصلِّ على الحبيب
والرحمة صارت تسكن بمكان كالزريب
وحب الباطل صار يؤكل كأكل الزبيب
والكذب ينبش في لحم الصدق كالجريب
المصيبة تأججت بفعل الشاب والمشيب
أيها الغافل عن نفسك في الليل الكئيب
اُذكر رسولك شوقا وصلِّ على الحبيب
قم واُصحُ من الغفوة والفرش المطيب
يناديك الله أعلى سمائه ليصلح التخريب
فاُرفع يداك إلى ربك .... لزوال المهيب
واُصبر لحكم ربك .... ولا تلعن المصيب
راجع نفسك عن ويلات الخيبة والمعيب
واُذكر رسولك شوقا وصلِّ على الحبيب
بقلم الأديب والشاعر المهندس / محمد عوض
بتاريخ : 2021 / 11/ 28

سأوافيكم/رشدي الحمروني/جريدة الوجدان الثقافية


 سأوافيكم بكلاماتي وأجيز

وأفتح الباب دون أزيز
لعلي بإصغائكم أفيز
وأكون بمن أعتز ذلك العزيز
فأنا دائما البلعيز
لماذا لا تحسنون التمييز؟
تعلون شأن الناشز والنشيز
تثيرون في النفوس التقزيز
ولا تنالون إلا الترهيز
أفليس هذا بغميز من كل غميز؟
كلهم لكم ولكنّ وتيز..
إنما كلماتي لبعضكم تغريز
لغتي إعجاز وأسلوبي تعجيز...
رشدي الحمروني

عارٌ عليكِ /محمد جاسم الرشيد/جريدة الوجدان الثقافية


 عارٌ عليكِ........

وحظرتُ اِسمكِ حينَ بانَ تخبّطي
فأردتُ أنْ أنسى فـزاد َتـورّطي
فهَممت ُأنْ أعـدو بدونـِك ِهـارباً
كَـونـي جنيـتُ ما بنـاهُ توسطي
أَفيقي مِن النـومِ العميـقِ فإنّـك
دومـاً بلا رؤيـا فكـيـفَ تُخططي
تُبـديـنَ حالمـةً إذا ذُكـرَ الهـوى
فأخـافُ يغـريـكِ وفيـهِ تسقطي
عـار ٌعلـيـكِ قـدْ أثـرتِ شهـوتي
وجعلتِني وحشا ًورغـمَ تحـوّطي
لا تسأليني بعدَ ما حكـمَ الهـوى
فأنا نبـذتُـكِ شعـرة ًمِن ملقطي
بقلم/محمد جاسم الرشيد
٢٠٢١/١١/٢٤

عار علينا/محمد الدبلي الفاطمي/جريدة الوجدان الثقافية


 عار علينا

ماذا عساهم يفعل الشعراء***وشعوبنا يقتادها العـــــــــــــــملاء؟
سقطت علينا في الحياة مهانة***وأذلّنا في الأمّة السّفــــــــــــهاء
فتهدّمت فوق الرؤوس بيوتنا***وتبوّلت فوق الورى الغـــــــوغاء
نمسي ونصبح كالرّقيق بأمّة***فيها العقول أصابها الإغـــــــــماء
لا خير في طول الجسوم وعرضها***إن لم يكن أصحابها حكماء
يا سوء ما وصلت إليه بلادنا***كثرت بها الآثام والضّــــــوضاء
وتعطّلت أذهاننا بتخــــــلّف***قد خطّــــــــــــطت لفساده الدّهماء
أمّا المدارس فالكساد أصابها***وبها التّـــــــــــعلّم شلّه الجهــــلاء
عار علــينـــــا أن نمــثّل أمّـــــة***تاريخـــها قد شاده العظــــماء
أرسى دعائمها الكــتاب وقادها***أسيادنا الأحـرار والــشّـــرفـــاء
أولم تر الآثار تنطق جــــــهرة***بتقدّم والمكتبات ضـــــــــــــياء
من فقههم نشأت حضارتنا الّتـــي***يزهـو بها الإبداع والإنشـــاء
قادت مسيرتها المعارف وارتـــقى***بلسانها القرآن والفــــــــقهاء
من نسل إسماعيل أشرق صبحها***وتحضّرت ببـيانها الصحراء
وتقدّمت كلّ الشعوب فأنجبت***أدبا رفيـعا صاغه الـــــــشعــراء
فسقت مناهلها الخـلائق كلّها***وتــناقــــلت آثارها الأنبـــــــــــاء
حتّى إذا لحق الهـوان بأهلها***سقطت بهم في الخـــندق الأهواء
فقدوا الحضارة والنّبوغ فأصبحوا***دولا يسوس شعوبها العملاء
وتفرّفوا شيعا يقارع بعضهــم***بعـضا كما يتـقاتل الأعـــــــــداء
فتحوّل الوطــن الكبـير إلى قرى***وأصـابنا في النّائبات بــــلاء
لا خير في شعب تقهــقهر شأنه***وبه العقــول أهــانها الإقصاء
أوليس من ضعف العزائم أن نرى***أوطاننا يلهو بها السّـفهاء؟
محمد الدبلي الفاطمي

عودك ياسمين/هشام كريديح تونس/جريدة الوجدان الثقافية


 عودك ياسمين ومسك وعنبر

وريق رضابك شهدعسل يقطر
كل الخمور بالأقداح مسكرة
ورائحة عطرك طيبه مسكر
*من شهد منكم الشهر فليصمه*
إلا ثبوت رؤية هلالك مفطر
أقيم الليل في محراب تهجده
لغير حسنك عيناى لا تبصر
كل المغرمين يهيمون صبابة
وفيك الصبابة ذنب لا يغفر
ما ولى العاشقون وجوههم
لا غير وجهك في ليله مقمر
أغض طرفي إن بانت بشائره
قلبي لا يخفي هواه ولا ينكر
============
@@@هشام كريديح تونس @@@

أحلام عارية / محجوبة بن حميدة /جريدة الوجدان الثقافية


 أحلام عارية

كل نبضاتي تتسارع
أحلام عارية تراودني
دموع تغمر عينيّ
سؤال عقيم يريد الصراخ
سكرات الموت تقترب
روح تتلاشى رويدا رويدا
فجأة . تصرخ كلمـات
عن لسان ضاقت عليه
النقاط و الفواصل
الفتحة و الكسرة
الضمّة و الشدّة
برد شديد
جسد يرتعش
ظلام قـاتم
قطرات المطر تنزل
صوت الرياح يتعالى
أين أنا من كل هذا ؟
قلمي يرتجف
سطور فارغة
غابت الكلمات
ليس لديّ ما أقول
أو سأقول و لن أقول
ماذا دهاك يا قلمي؟
أين شجاعتك
و أين أنا من حبرك
أعطيتك إحساسي
و اليوم تخونني
لماذا ؟ كيف ؟ هل ؟
هل العيب فيك ؟
أم العيب في تلك
الأحلام العـارية
تراودني و تسلب عقلي
ثم ترحل دون وداع
بقلمي محجوبة بن حميدة
28_11_2021

اليوم / لمياء السبلاوي/جريدة الوجدان الثقافية


 اليوم ..

أسقطت كل صروح النفاق
اليوم جعلت للشتاء حولي
جدرانا عالية..
جدرانا من ثليج..
اليوم عرفت ان العيب في
واني كنت امراة..ساذجة
صدقت ان الوطن ..
احتواء.. وان الاحتواء..
خلق الرجال والنبلاء..
خلق سادة اوفياء..
وانه خلق الفلاحين...
والاصدقاء العظماء؟..
نعم ..كنت بلهاء
صدقت ان الوطن ..
لا يخون من سجد بأعماقه
ذات مساء..
ومن أكل معه الملح والماء...
نعم ..كنت امراة بلهاء..
صدقت ان الحلم وطن..
وان الوطن إستثناء..
ليس عيبا ان نعترف..
العيب ان نستمر..
مخدوعين ..واغبياء...
وان لا نكسر العهد..
وندفنه مع الشياطين..
والاشقياء...
فقد اشقانا عمرا..
ونحن له صائنين..
ظننا ان آخره ربيع
وحارسه قلب وديع..
ظننا.. وبعض الظن اثم..
في حق احلامنا الطاهرة..
وكلماتنا الصادقة..
وبعض أشياء..
حكايات الجدة
وصور ناطقة..
وكلمات أخذتها الرياح...
اصطدمت اليوم..
بأسوار الشتاء العالية..
حولنا ..
وحول قلوبنا المنهكة
والبالية...
واليوم لم يبقى غيرنا أبرياء..
ومن شابهنا من الانقياء..
بقلمي لمياء السبلاوي

و يذبل الورد؟ حميد النكادي/جريدة الوجدان الثقافية


 و يذبل الورد؟

بقلم: حميد النكادي..
كلما تأملت
تجاعيد الجبين
وطفت بجغرافية
هذا الجسد
الهزيل الحزين .
اتضح لي
أن تاريخك
آهات وأنين
فرغم الفستان
الأنيق الجميل
وأحمر الشفاه
و لون حمرة
محتشم يغطي
ذبول الوجنتين
فالحزن عشعش
تحت الجفنين
و آثار مجرى
عبرات حارة
حفر الخدين ..
لا ...لا ...لا..
لا تكذبين ..
أنت لست بخير
فعلى من تكذبين ،؟
كلما التقينا
أوهمتينني أنك
متوهجة كنجم
أنت تسطعين
على ثغرك
ابتسامة تخفي
سرا دفين(ا)..
الورد يا سيدتي
إن لم يسقى
يذبل في الحين ..
هل بإمكاننا
إخفاء ذبوله
ولو جئنا
بسحر مبين ؟
حميد النكادي فرنسا 28\11\2021

عناق الأيادي/الشاعر الحبيب المبروك الزيطاري/جريدة الوجدان الثقافية


 ..............عناق الأيادي...............

نبسط الكفين بحرا في اشتياق
كم أيادي العشق تهفو للعناق
في سياق الحب و العينين ترنو
سفرة الأحلام إذ يحلو المذاق
غمرة العشاق في الإبحار تروي
تنتشي الذكرى و يحلو الإنسياق
كالمرايا تفضح العشق المصفى
ترتجي العينين منها الإختراق
قد ثملنا في سما العشاق ذبنا
يهمس الوجدان أشواقا رقاق
من جمال الورد بان الحسن منها
من نبيذ العشق يسقينا التلاق
في كؤوس يسمع الحب صداها
إن شربنا ليس من بعد افتراق
الشاعر
الحبيب المبروك الزيطاري
من تونس

يسألونني لمااعتدت /حنان لخضر /جريدة الوجدان الثقافية


 يسألونني لمااعتدت

السهر ..!
يلومونني لما أنا صديقة
النجوم ...
جليسة القمر...!
يعاتبونني لما أنامنفردة
لا أخالط البشر...
يتهامسون يتغامزون
حينما أرقص تحت
بريق النجوم....
أنتم الجاهلون أين أنتم
من عالم العاشقون...
أنا وحدي من تدري بما
يجري ...
كل ليلة يضيء بين
نجماتي يصل سويعاتي
بالدفء بالهمسات....
فتنشرح روحي مؤدية أحلى الرقصات...
جليسي هوعالمي الخاص
هواكتفائي فلا تسألوني
بعد اليوم ...
لما اعتدت السهر..؟
لما اعتزلت البشر؟
هو عالمي فيه
تتجلى فيه كل أجناس
البشر ..
حنان لخضر 🇲🇦

آحلى معاني السعادة/عبدالباسط الصمدي أبوأميمه/جريدة الوجدان الثقافية


 آحلى معاني السعادة

عبدالباسط الصمدي أبوأميمه
اليمن
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد
و أنت تشق طريقك
إترك لقمة من خبزك
في بطن جائع
و لف بالفرح قلوبا
تتوق إلى الفرح
و أنت تشق طريقك
ساعد كل من تراه
يحتاج المساعدة
و لا تحزن
إذا خاب الظن فيهم
لأن رد الجميل
من طبع الرجال
و الرجولة
ترضع من الأم رضاعة
في جب أحزانك
إنتظر حبل فرحك
و لف بالفرح بلاد
لا تبتئس
إذا قست الدنيا
وغلقت الأبواب
سيأتي فرحا له
تتفتح كل الأبواب
لاتخف
إذا ضاقت الدنيا عليك
فالفرح من طبعه
يخرج من بين الأمواج
لاتحزن
إذا الدهر أوجعك
قف على باب الله
بما حملت من الهموم
و إبشر بفرجا قريبا
و فرحا بلا حدود
إبتسم
سيأتي الفرح الذي تنتظره
لاتحزن إن للفرح أبواب
و قراءة القران في كل فجر
هي آحلى معاني السعادة
عبدالباسط عبدالسلام قاسم الصمدي أبوأميمه_اليمن

اِنْفِجَارُ الذّاكرَةِ/رؤوف بن سالمة/تونس/جريدة الوجدان الثقافية


 **اِنْفِجَارُ الذّاكرَةِ**

رؤوف بن سالمة/تونس
يَمْرُق الْحَنينُ فَجْأةً
منْ خلْفِ أهْدَابِ الشَّوقِ
وَحظُّنَا السُّهْدُ
الذِّي لمْ نُصِبْهُ
فعَنَّ لنَا السَّهرْ..
هذِهِ جدَّتِي
كانَتْ هُنَا
والسُّبْحَةُ بِالْيَدِ
وبالْأُخْرَى لِحافُ الْكَوْنِ..
هنَا وفوقَ سرِيرِهَا
مسَارِحُ الدُّنْيَا
ومَا ضَاقَ بِهَا المُقَامُ
والْجَسَدُ نخْلَةٌ فَارِعَهْ
أَنيقَةُ المَظهَرِ سَخِيّهْ
تَنْسُجُ السِّيَرَ
وَتَغْزِلُ الْحَكَايَا
معَ قَرَاصِنةِ الْلَّيْلِ
كُلّمَا خَبَا ضَبَابُ الْمَدينَهْ..
عُيُونُ النَّدَامَى
بَحْرٌ أَوْ قَمَرٌ نَحِيلْ
تَفْتًحُ مَمَرًّا
نَحْوَ حُلْمٍ جَمِيلْ..
بقلم/رؤوف بن سالمة

ليس قلبي /منال بركة/جريدة الوجدان الثقافية


 ليس قلبي

__________
كفاك زماني
لا ترفع يدك للصفعة الأخيرة
تريث ثم اخرج قلبي مني
اخرج عقلي مني
افرغني من ذاتي
تُرى ماذا ؟!
سترى قلبًا ملتحم الشروخ
طاعن في العناد شاب وما شاب
يراوغ خداع الدنيا ويحارب غدر الأيام
وهو كقلب عصفور تركته الأعشاش
تعصفه الريح بلا رحمة
ستتعجب إن قلتُ لك أني أكرهه
أهو من يمتلكني أم أنا أمتلكه؟!
أداوي الجرح ويفتحه
أكسر مرآة الماضي
ويرسمه على مرايا عيوني
ويطلق فرس الجموح تجنح في المدى
كم هو قاسٍ يروي ظمأ العطشى
وأنا أجوب حجراته الأربع أتلهف الرواء
تشرب الوسادة دموعي
وهو يكحلها بالأشواق
أشد شعر الليل وأغرقه في النور
وذاك القلب يغريه بالسهر
ويفتتنه بخيال كذاب
فتفيق في النبضات سكرة الحكاية
ويزهر الورد المجفف بين الأوراق
وتغني الصور في ( الألبوم)
والرسائل التي حزمتها
تخرج من سجن الزمان
ودمعة العزة التي تحجرت على جفوني
يحفر لها بحرًا من الحنين
ذاك القلب ليس قلبي
إنه يعاند كل ذرة في كياني
إنه يفك أمتعة رحلة النسيان
يعيدني تحت قضبان العودة
ثم يبتسم لي٠٠٠ يسخر مني٠٠٠ ويقول :
أتمنى لكِ السلامة
ذاك القلب كتبتُ عليه كفى
وعصى وما اكتفى
حكمتك فيه يا زماني
اصفعه٠٠٠ اركله ٠٠٠
اغسله في بحر الحقيقة
ازرعه في أرض العقل نبتة
افعل به ماتشاء ٠٠٠
بقلمي منال بركة _ ٢٨_١١_ ٢٠٢١

تختل التوازن/احمد الرفاعي/جريدة الوجدان الثقافية


 تختل التوازن

عند كل مساء
بلا قدح من مدام
ولكن
حين تهب النسمات فوق قميصي الابيض
واستشعر عطرك
مع اول اشعار بقدومك بوابة صفحتي
تركنا العتبات المرمرية
ووقع الاحذية الذهبية
وشارات الورد
والدانتيل الذي يغلف الياقات حول العنق
والمشي مثل القطاة البرية
تركنا هبات الربيع الدسمة بالدفء
ورجفات الخريف
وحنين الشتاء ليجمعنا حول النار
ونشاط اول الفجر في صيفنا الذي ترك منازلنا الجصية
وانزوينا بالخيالات التي رسمناها من الكتب
كلام العشاق
وقصائد الثوار والرفاق
وجلسنا فرادى فوق مناضد تلم الغرباء
ليل داج
وصراخ واوجاع دون لقاء
حبيبتي بين هذا وذاك ضعنا انا وانت
وبين شفرة مفتاح الهاتف ارتجفنا
اختل توازننا
دون لقاء ودون حقيقة الضوء المنبعث من عينيك
حين يجمد دمي ..وانا ارقبك من بعيد
لا قديم يستطيع الوثوب
ولا فعل حقيقي يجعل كلام الليل
واحلام البلابل
تشق ثوبا ارتديناه نحن التماثيل
التي انزوت في زوايا العتمة
في الغرف الرطبة
وتركت حجرة القطار الخشبية تسير
دون راكبين ....يغازلان بعضهما طول الطريق
دون كلام
احمد الرفاعي

حديقة السيقان /الكاتب والناقد/ ناهـض زقـوت/جريدة الوجدان الثقافية


 حكايات وجع غزة في رواية "حديقة السيقان"

الكاتب والناقد/ ناهـض زقـوت
لا يعرف الوجع إلا من كابده أو ما زال يكابده، غزة في وجع مستمر ومتواصل منذ نكبة 1948 وحتى اليوم، وجع يتباين حسب الفترات المؤلمة التي مر بها: فترة الاحتلال، فترة الانتفاضات، فترة الصراع على السلطة، فترة الانقسام، فترة القصف والتدمير والإبادة الجماعية، وتواصل الوجع مع مسيرات العودة، هذه الكلمة (مسيرة) التي تحولت من مفردة إلى جمع يشكل سلسلة حكايات الوجع، بتراكماتها المأساوية، وما زالت ماثلة بشخوصها كشاهد عيان على عمق المأساة ونزيف الوجع دموعاً ودماً.
لا يختلف النقاد على أن العمل الروائي عالم متخيل، ولكن هذا المتخيل لم يأت من عالم الفراغ، أو من عالم التوهمات، بل هو جزء من الواقع، فكل عمل روائي يعبر عن واقع سواء برؤية رومانسية أو اجتماعية أو واقعية. من هنا جاءت رواية "حديقة السيقان" رواية واقعية لم يدخلها المتخيل إلا في البطولة الورقية التي تجسد نماذج في الواقع عاشت التجربة واكتوت بنارها.
تنفرد رواية "حديقة السيقان" للكاتب محمود جودة، والصادرة عن مكتبة كل شيء في حيفا عام 2020م، بأوليتها في التعبير عن وجع غزة في زاوية من زوايا فضاء غزة الممتد من رفح حتى بيت حانون، كان الشرق في الماضي يحمل الروحانيات التي افتقدها الغرب، أما اليوم فالشرق يحمل تراجيديا وجع غزة، ففي الشرق كانت المأساة عند السياج الفاصل بين حدود كيان مغتصب، وحدود شعب يطالب بحقه في العودة والتحرر والاستقلال.
عتبة العنوان والفصول:
تحفل الرواية بعدد من العتبات، يبدأها العنوان (حديقة السيقان)، ثم عنوان فرعي (إبراهيم) هذا الشاب الذي يبحث عن قضية يتبناها، وحين وصل للقضية أصبح عاجز جنسياً، وبذلك فقد الحياة والمستقبل، وسواء فقد الشبان رجولتهم أو فقد سيقانهم فقد أصبحوا عالة على المجتمع، لقد لخص "إبراهيم" الحكاية كلها.
يعقبه اقتباس يعبر عن اعتراف جندي قناص اسرائيلي بارتكاب الجريمة أو الجرائم: "المفترض أن يكون السيناريو المعتاد هو أن تضرب وتكسر عظمة، في أفضل الأحوال، تكسر الرضفة، وفي غضون دقيقة تأتي سيارة إسعاف لإخلائه، وبعد أسبوع يحصل على معاش العجز". تلك العبارة تلخص الجريمة التي ارتكبت بحق الشبان عند السياج الفاصل على أيدي جنود الاحتلال الاسرائيلي، كأنها تعليمات للجنود بالعمل القصيدي لإحداث العجز لدى الشبان، وهي تمهد لما جاء في حكايات وجع غزة.
وبعدها يأتي عنوان كبير (الحكاية) وهذا العنوان هو المدخل لسرد الحكايات في فصول كانت عناوينها كالتالي: (في السيارة، بانوراما أعلى التلة، في الحلم، نادية، في باحة المشفى، ما زال الحلم يراودني، على موعد، في المعرض، ما زال الحلم مستمراً، في المقهى، المشوار الأخير، والحلم والحقيقة)، اثنى عشرة فصلاً كأنها تمثل السنة التي قضتها مسيرات العودة عند السياج، فهي بدأت من مارس 2018، وانتهت في ديسمبر 2019، وكل فصل يعبر عن حكاية أو أكثر.
أما عنوان الرواية "حديقة السيقان" فيأتي على لوحة غلاف بيضاء فيها السيقان متناثرة، ولكنها قريبة إلى بعضها، يعلوها شريط من الأحمر القاني مكتوب عليه اسم الرواية، دلالة الدم الذي نزف من تلك السيقان. لقد توافق العنوان مع بناء الأحداث، فالسيقان المتناثرة هي سيقان الشباب الذين توزع ألمهم على مساحة قطاع غزة، ورغم تفرقهم في المكان إلا أنهم كانوا قريبين في همومهم المشتركة (الفقر، الجوع، الحرمان، وغياب المستقبل)، وفي مأساتهم ووجعهم الدائم (غياب العلاج، والقدم البديلة)، ومشهدهم الذي أصبح لافتاً للانتباه في كل مكان (شبان على عكاكيز).
أما الحديقة التي تثير في الذهن للوهلة الأولى بجمال الزهور والأشجار الوارفة، كانت كذلك، ولكن على سيقان وأشلاء الشبان. بنى صديق السارد (حسن) حديقة للسيقان عند مكان التظاهرات، فقد كان يجمع ما تبقى من قطع اللحم، والسيقان المفتتة، والأصابع المقطوعة، ويغرسها في الأرض، ويزرع عليها الزهور، يقول: "كل السيقان المبتورة والأقدام والأيدي والأصابع والأشلاء، كل شيء كان يسقط على السياج، كنت أجمعها وآخذها إلى حديقتي الصغيرة وأدفنها هناك، فالزهور التي تراها، زهور تنبت على ساق أو يد أو قدم، أو قحفة رأس"(ص76). رؤية فنتازية ولكنها تحمل رؤية مستقبلية.
بناء الرؤية السردية:
يقوم البناء السردي للرواية على تقنيات السرد المباشر وأسلوب السرد الصحفي، والحلم، وضميري الأنا المتكلم والغائب، والمناجاة الداخلية، ويسير خط بناء الأحداث من خلال شخصيتين هما السارد الذي يمثله الكاتب "سأنتهي من هذه المأساة قريباً، سأندم على كتابتي هذه الرواية" (ص75)، وصديقه (حسن)، بالإضافة إلى النماذج الشخصية التي يقوم البناء السردي على حكاياتها، وإذا كان الكاتب استخدم الأسلوب الصحفي في تجميع الحكايات، إلا أنه بذكاء الكاتب بنى على هذا الأسلوب رواية متكاملة الأركان من شخصيات كان لها دور في البناء السردي، حكاية اخته (ناريمان) مع خطيبها، وعلاقته مع عائلته، وكذلك المكان والزمان.
تبدأ أحداث السرد الزمنية بعد شهرين من انطلاق تظاهرات مسيرات العودة، "هذه التظاهرات التي أصبحت حديث المدينة، التي حولتها إلى مدينة مجروحة ينز دمها" (ص19). أما مكانها فهو الحدود الشرقية لقطاع غزة، والسياج البحري على الحدود الشمالية لشاطئ البحر، أما حكايات المبتورة سيقانهم فهي تشمل كل مكان في قطاع غزة، في الشارع ترى المبتورة سيقانهم، في المقهى، في المشفى، في المعرض، "لقد تعبت، ولا رغبة لدي في معرفة شيء عن هؤلاء المصابين، أصبح لدي شعور أنني أكون واحداً منهم قريباً، تملكني الخوف، ولكن لا مهرب، إنهم بيننا في كل مكان نذهب إليه، للوهلة الأولى شعرت أنني الشخص الوحيد الذي لم يصب بعد ولم تبتر ساقه" (ص61).
يأخذ الحلم مساحة بارزة في سرد أحداث الرواية، فالحلم هو أكثر آليات اللاوعي اشتغالاً في حياة البشر، لهذا فحضوره المصاحب للشخصية الروائية، يبدو أمراً طبيعياً ومقبولاً من ناحية، ومن الناحية الأخرى، فمادة الحلم هي نفسها مادة الإبداع، سواء على مستوى اللغة المجازية والرمزية، أو الطاقة التخيلية. يقول السارد "أرحت رأسي على المخدة، صرت في منطقة وسطى ما بين النوم والصحو، فالمشاهد والقصص تمر أمامي وكأنني في قطار سريع .. لماذا تهجم علي هذه المشاهد كل ليلة في هذا التوقيت؟! يبدو أن السكون الليلي هو من يستدعيها" (ص140).
لقد أصبحت أحلام السارد جزءاً من بناء السرد، ومؤثرة في شخصيته "ثلاثة أيام بلياليها وأنا أحاذر أن تغفل العين، وكلما وهن الجسد من التعب، أفزعته بالذي يدور في العقل. كان خيال صورة القبر والسيقان المبتورة تحيط بي" (ص37)، جاء هذا الحلم بعد تجربته في المشاركة في مسيرات العودة، وقد تحول الحلم إلى فنتازيا حيث أصيب بحالة غريبة وشعور بأن الموت يقترب منه، وأنه مات وخرج المشيعون في جنازته، فدائماً ما يجد الحلم في القصص والروايات معنى له موجود في الواقع، وفي الصحو نكتشف أن الفنتازيا تتجلى في متن الحلم. وكثيراً ما يؤكد علماء النفس أن الحلم هو جزء من الواقع المعاش، أو هرب من الواقع لعدم القدرة على التحمل. ولا تخضع الأحلام لمنطق أو معايير قيمية، لكن لا يمكن قراءتها أو تفسيرها بعيداً عن الأنساق الثقافية المحيطة بالمبدع حيث يختلط السياسي بالمعرفي بالجمالي.
لقد وصل حد سيطرة الأحلام على السارد أن بدأ يكتب من خلال الحلم، فحكاية الشباب (زياد) يسردها من خلال حلم عن صديقه (حسن)، يقول "فخلدت إلى النوم، ورأيت حسن في المنام ... كنت في شوق أكبر لسماع بقية قصة الشاب زياد الذي فقد ساقه والتقاه حسن في الحديقة، فسألته عنه فأخبرني .." (ص141). وكان الإخبار والمعرفة من خلال الحلم. وهنا نكتشف قوة سيطرة الواقع على السارد بتأثيرات ما يدور في العقل اللاواعي.
من مميزات الرواية الحديثة التلاعب في ضمائر السرد، فرغم أن السرد قائم على ضمير المتكلم، إلا أن السارد ينتقل من ضمير الأنا إلى ضمير الغائب داخل السرد، "كنت أصغي بهدوء ... وراح الرجل يواصل سرده: جدتي صفية هي رائحة الذكريات كلها، لا أتخيل المنزل بدون صوتها" (ص43)، أو بالعكس من الغائب إلى الأنا "ليس من عادته أن يختفي هكذا فجأة دون أن يشعرني ولو بمعلومة بسيطة، وفي نفس السياق "حاولت الاتصال بحسن مرات عديدة" (ص12). وأحياناً يترك مساحة للشخصية لكي تروي حكايتها بضمير الأنا، "وراح حسن يكمل حديثه، ركبت السيارة، كان جلوسي في الكرسي الخلفي على الجانب الأيمن يجاورني رجل وزوجته" (ص15). في حين آخر هو يروي عنها حكايتها كما سمعها، وتلك هي حكاية الحاجة صفية التي يستمع إليها من حفيدها، الحاجة التي أصيبت عند السياج البحري حين راحت تهز السلك وتشم رائحة البلاد (ص47)، كان حفيدها يروي حكايتها لحسن، والسارد يستمع إليه، ويتداخل السرد ما بين الحفيد سارد الحكاية، وسرد الجدة التي تسرد الماضي في قرية أسدود. (ص43- 47). وفي حين ثالث يصبح السارد ناقل للحكاية دون تدخل في سردها، وهذا ما نجده في حكاية الشاب "زياد" حيث يكون "زياد" راوي حكايته لـ"حسن"، و"حسن" يعيد الرواية للسارد عبر الحلم، وخلال سرد "زياد" لحكايته يعرج على حكاية "مصطفى" أخ صديقه "ميسرة"، والسارد هنا يكتب الحكاية إلى القارئ كما سمعها (ص141-144).
بناء الرؤية وتشكيل الحكاية:
يقوم بناء الرؤية وتشكيل الحكاية على ثلاث مستويات سردية، يشكل من خلالها السارد البناء السردي للأحداث القائمة على مسيرات العودة، وبعض القضايا الاجتماعية الأخرى، وهذه المستويات تتكون من:
الأنا السارد ... والذات:
وهي الرؤية التي يرى السارد نفسه من خلالها، ويعبر عن موقفه من الأحداث. لم يمنحنا السارد تفاصيل عن حياته، إلا أنه من سكان رفح، وعائلته لديها مشكلة خلاف أخته "ناريمان" مع خطيبها، وتدخله لفسخ الخطبة، وأنه يحب ابنة عمه "نادية" الطالبة في السنة الأخيرة طب، والقادمة من الامارات للدراسة، وقد أصيبت في أحداث السلك البحري، وينقلها والدها للعلاج في الخارج.
يرتبط بصداقة حميمية مع "حسن" ويمثل له الدليل في مغامراته في عالم كان يجهله، فكان حسن الدليل والمفتاح إلى هذا العالم، منذ الاشتراك في المسيرات ورؤية التظاهرات كشاهد عيان، إلى العمل كصحفي يستقي الحكايات من أفواه الموجوعين بالإعاقة والفقر والجوع والحرمان. وهو الذي دفعه للكتابة وحاصره بالمصابين والمبتورين. "هل كتبت شيئاً مما سمعته، أم أنك تكاسلت كعادتك؟ لم أجبه بالطبع، فهو يعرف أنني سأكتب، فهو الذي شجعني ووجه بوصلتي" (ص141).
لقد عبر السارد منذ بداية المسيرات عن رفضه المشاركة فيها "لن أشارك في هذه التظاهرات" (ص14)، وهذا الموقف نابع من رؤيته لتلك المسيرات والتظاهرات يقول في حوار مع حسن: "هذه المسيرات ما هي إلا بوابة للقتل والموت، ... فسنوات الحصار جعلت نفوس الناس في ضيق وعوز كبير، مما قد يدفعهم لرمي أنفسهم للتهلكة في سبيل الهروب من أوجاعهم الشديدة، والتظاهر حق، لكن عليك أن تستخدم حقك بذكاء، كي لا يفقد معناه" (ص14). ولكن أمام ضغوطات صديقه (حسن) للمشاركة أصبح في حالة صراع نفسي داخلي "أصبحت أنا في صراع داخلي بالذهاب وعدمه، بالفعل أنا أحتاج إلى هذه المغامرة، فالمشاهد بعينه غير الذي يسمع بأذنه، قرر حسن أن أذهب، وذهبت" (ص23). في يوم الجمعة الموافق لذكرى النكبة ونقل السفارة الامريكية للقدس، يذهب للمشاركة في التظاهرات، ولكنه يصعد تلة عالية بعيدة عن المواجهات يشاهد ويراقب المسرح أمامه دون أن يشارك فيه، هي ليست سلبية بقدر ما هي قناعة بأن هذا المسيرات لن تحرر ولن ترجعنا إلى البلاد. ولكنه يتراجع ويعبر عن موقفه الرافض بأنه الخوف الممزوج ببعد نفسي يأتي تأثيره من قصة أخيه الذي أصيب في ساقه في انتفاضة الحجارة عام 1987، وعدم قدرته على ممارسة حياته العادية (ص21).
ورغم موقفه من التظاهرات إلا أنه يشعر بإحساس لم يشعره من قبل حين وقف على التلة يراقب الأحداث "كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها هذا المكان القريب جداً من أرضنا المحتلة، حيث الأرض غير الأرض، كان ترابها حنوناً جداً، وملمسه ناعم، وله لون مختلف، صرت في حالة نشوة لم أعشها من قبل، يبدو أن سنوات الحصار والمعاناة والقتل لم تكن كافية لتدريب قلوبنا على القسوة، بل جعلتها أرهف" (ص25).
وهذه الرهافة رغم قسوتها وألمها جعلته يتخذ درباً آخر لكي يعبر عن مشاركته، وهي الكتابة عن هؤلاء المشاركين، وعن وجعهم ومأساتهم، فالحدث كان وانتهى، ولكن معاناتهم بقيت مستمرة، وقد استطعنا رصد ما يزيد عن 22 حكاية من حكاياتهم تضمنها السرد الروائي، وكل حكاية متباينة عن الأخرى، ولكن يجمعها البتر وفقدان السيقان، والعجز الجنسي.
الأنا السارد .. والأخرين:
وهي رؤية السارد إلى الآخرين في بناء حكاياتهم. لقد أشار السارد في أكثر من موقف إلى مسألة الكتابة عن حكايات الموجوعين الذين شاركوا في تظاهرات السياج، وأصيبوا في سيقانهم، يقول: "تعبت أطرافي من الكتابة، ودماغي من سماع القصص الموجعة، الألم لا يوصف" (ص74). مما يعني أن السارد كان يسجل تلك الحكايات بهدف مقصود وهو تقديم معاناتهم للعالم، ومن خلالها يقدم الواقع الذي يعيشون فيه. إن هذا الوعي المتراكم هو نتيجة للتجربة واستقرائها، وهو الذي أفرز حساسية لدى السارد لإلتقاط تفاصيل حياتية قاسية، تصوغها رؤيته في لحظتي انكساره وقوته، واستنفاراً لقوى كامنة فيه.
تحفل الرواية بالعديد من الشخصيات التي تروي حكايتها، وتمثل نماذجاً ينتهي دورها بمجرد رواية حكايتها، فهي تؤدي دوراً في تعميق الحدث الروائي، وإبراز دلالاته الاجتماعية والواقعية. ولكن شخصية (حسن) التي تمثل البطولة الثانية في سرد الأحداث إلى جانب بطولة السارد، هي شخصية مركزية وأساسية في الرواية، وتأخذ دورها من الصداقة التي تربطها مع السارد، ومشاركتها في سرد الأحداث، ومن دورها في ادخال السارد في مغامرة تظاهرات السياج الفاصل كشاهد عيان على الحدث، ومن دورها في حث السارد على الكتابة وتوثيق الحدث وحكاياته.
يأتي الحديث عن شخصية (حسن) من خلال عيني السارد: فهو وحيد والديه بعد عشرين عاماً من الزواج، ويفكر بالهجرة من غزة مثل الكثير من الشباب الذين يبحثون عن مستقبل أفضل في الخارج، إلا أنه لم يسافر بل وجد له قضية يشغل بها نفسه "انشغلت في مهمة للإعداد والترتيب لتظاهرات يوم الجمعة المقبلة" (ص14)، فهو أحد القائمين على تنظيم التظاهرات عند السياج الفاصل، ولكنه لا يعلم أن هذه التظاهرات سوف تعيد الناس إلى ديارهم، يعني أنه يسير في هذه الطريق دون هدف حقيقي إلا أنه لا يريد أن يستسلم أو يموت بصمت، كأنه يفرغ الكبت الذي يعاني منه من الواقع المأساوي الذي يعيشه في قطاع غزة.
وشخصية (حسن) كما يراها السارد رغم الخلاف بينهما، أنه "صديق شهم، لكنه مندفع جداً، كان متفوقاً في دراسته لكنه لم يكمل تعليمه كما فعلت أنا، وترك المدرسة في الثانوية العامة، واتجه للعمل ليساعد أسرته في المعيش، فهو وحيد لوالديه، ووالده كبير في السن لا يقوى على العمل، ومنذ ذلك الوقت وهو يشارك في أي حراك جماهيري، دون أن يسأل عن هدف ذلك الحراك، ويتصدر الصفوف الأمامية. ربما كان حسن ينتقم من ذاته، أو يحاول أن يعوض في شخصيته شيئاً ما فقده" (ص22). ورغم أن السارد يصف (حسن) بالصديق إلا ثمة دلالات تعبر بشكل أوسع عن شخصية (حسن)، فالسارد في لحظة يلعن "حسن" والاحتلال معاً، إذا يقرنهما معاً في سبب معاناة الشباب، وحسن أيضاً يوزع المساعدات التي يجمعها من متبرعين على الأسر الفقيرة التي أصيب أبنائها في التظاهرات، و(حسن) نفسه الذي يزرع الزهور في اطارات السيارات المهترئة قرب السياج، وأصبح يواظب على مراعاتها يومياً حتى أصبحت حديقته نقطة استراحة للمتظاهرين، وهو صاحب الرؤية المستقبلية التي تطرحها الرواية، يبلورها السارد، ولكن (حسن) صاحب فكرتها، وهذا يعني أنهما المسؤولان معا عن صياغة الرؤية المستقبلية (ثمة بعد سياسي).
يصاب (حسن) برصاصة متفجرة في ساقه، وحين يعرف السارد بإصابته، يأخذ في وصف العلاقة والذكريات التي جمعتهما طوال سنوات، ويعتبره ساقه الثالثة التي بدأت معه الطريق (ص147-148). كان حسن مؤمناً بفكرته، ولم ينكر أن السياسة ركبت ظهر المسيرات ووظفتها لصالحها، وشحن المواطن بالشعارات، إلا أنه يرفض معاتبة صديقه السارد له على المشاركة في المسيرات، عندها يصرخ حسن بعنف المقهور كانه يدافع عن نفسه أمام موقف صديقه: "لماذا ذهبت؟ لماذا رحت؟ لماذا، لماذا، لماذا .. كلكم أولاد عاهرة، تلوموننا على ذهابنا ولا تقولوا لماذا قنصنا الجنود؟. لم أكن أفعل شيئاً يهدد أحد، ذهبت لأطالب بحقي، هل المطالبة بالحق جريمة تستدعي أن أمشي على عكازين، ويزرع في ساقي أسياخ من البلاتين المقزز؟ ليس ذنبي ما تفكر به، أو ما فعله الساسة بنا" (ص166). وحين يقرر الأطباء بتر ساقه، يصاب بحالة اكتئاب ويرفض الخروج من البيت، فلم يعد لديه القدرة على تحمل نظرة الشفقة في عيون الناس والأصدقاء.
بعد أن يصل السارد إلى حيث المتظاهرين عند السياج الفاصل، يقف على ربوة مرتفعة يراقب ويشاهد بانوراما التظاهرات، ويأخذ في وصف المشهد "تجمع الناس في مسير بشري مهيب، على طول السياج الفاصل من رفح جنوباً وحتى بيت حانون، جمع هائل كان هناك، نساء ورجال وشيوخ وأطفال، حتى القطط والكلاب البرية والحمير جاءت" (ص24)، يصف المشهد بطريقة حيادية دون التدخل في فعالياته، فقد أصيب بالرعب حين صرخ حسن "عائدون" والجماهير من خلفه تهتف. وعند السياج يشاهد امرأة بكامل زينتها، وأسرة تفترش الأرض تحت شجرة، وحفل زفاف وعروسان، وبياعين البرد، والشاي الساخن، والترمس، والمسليات، والسندوتشات، ومن قلب الألم تبرز النكتة/ السخرية فقد كانت العودة باب رزق لكثير من الباعة المتجولين. أن وصف السارد لمشاهد التظاهرات تشعر كأنك أمام فيلم سينمائي، والصور تتالى أمام عينيك، لقطة هنا ولقطة هناك، يسقط شاب، يصرخ أخر، جميع اللقطات تصور نفس الحدث من زوايا مختلفة.
ويستمر في وصف المشهد الدموي، وتساقط الشبان قتلى وجرحي، فالحدث متشابه، جندي اسرائيلي يطلق النار بشكل متعمد على أقدام الشباب لكي يجعلهم عاجزين لا قيمة مادية لهم، وأناس يدفعونهم للذهاب إلى السياج باستغلال عواطفهم الوطنية ومعاناتهم كل أسبوع، لذلك شعر السارد أن ثمة من يريد التخلص منهم "للوهلة الأولى شعرت أن أحداً ما يريد أن يتخلص من هؤلاء الشباب أصحاب الطاقة الكبيرة، وأن يجعل منهم عبرة لغيرهم، كي لا يخرج أحد يطالب بحقه، سواء داخل المدينة أو خارجها" (ص52).
إن هؤلاء الشبان المندفعين بكل قوة نحو الموت فقدوا الحاضر والمستقبل، وفقد رأى فيهم السارد حالة القهر والعذاب، ولسان حالهم في اندفاعهم يقول: "نريد أن نطير، نريد أن تحملنا الغيوم إلى خارج الأسوار، نريد أن نعيش آدميتنا، مللنا الرصاص والطائرات والقتل المجاني والتسكع والتذلل، وتجبر الأقوياء علينا، فقد صبرنا على ما لا يمكن لأحد الصبر عليه، صبرنا على الجوع وقطع الكهرباء وتلوث المياه وإغلاق المعابر والمنع من السفر. بذلنا الدم تلو الدم، فعلنا كل ما يجب علينا فعله، لكن ربما هناك من أراد لغزة أن تموت بصمت وذل، حتى أضحى الأمر عند أهلها سيان، أحياء موتى، وموتى أحياء، ولم يترك لغزة المجال إلا أن تتفجر، وها هي تفعل" (ص28). يلمس القارئ في العبارات تعبيراً عن مرارة الواقع الذي يعيشه الشباب في قطاع غزة، والأسباب التي تدفعهم إلى الموت المجاني عند السياج الفاصل. لذلك كان السارد كلما شاهد الشبان وأسياخ البلاتين المزروعة في سيقانهم، يلعن حسن والاحتلال معا لدورهما في معاناة الشباب، لذلك يتمنى أن يختفي يوم الجمعة من أيام الاسبوع، بعد أن تحول من يوم راحة، إلى يوم كئيب تفتح فيه القلوب على نوافذ الفقد والحزن والدماء (ص20).
لم يكتف السارد بانتقاد الواقع، بل ينتقد أيضاً الإعلام، ودور الصحافة في تزييف الحقائق. عند السياح يشاهد صحافية اسمها (ليندا) جميلة ومهندمة، تحاور المتظاهرين، مما أثار استغراب السارد من تواجدها، فهذه الصحفية لا تليق بهذا المكان فهي تصلح لافتتاح مهرجانات الأغاني والرقص، لا أن تغطي مجزرة السيقان المبتورة والركب المفتتة، ولكنه يعزي نفسه بأن كل شيء يتبدل هنا. ويكتشف ما تفعله وسائل الإعلام بأنها تصور ما تريد وليس ما يريده المتظاهرين، فهذه المرأة التي صرحت أمام عدسة الكاميرا "قصفوا بيتي في الحرب، وقتلوا زوجي وبنتي الوحيدة، وأنا هان جيت انتقم منهم" (ص32)، عندها غمزت الصحافية للمصور بأن يغلق الكاميرا، فهي لا تريد الحقيقة وكشف المعاناة. وهذه الصحافية الأجنبية التي تقدم الاغراءات للشبان والفتيان لكي يبوحوا بما لديهم من معلومات عن تظاهرات السياج (ص115). لذلك يعبر السارد عن موقفه في عدم الثقة بما تصوره عين الكاميرا (ص32)، ففي رأيه أن الكثير من الصحافيين اجتهدوا في تصدير بعض المشاهد المتجزأة عن المسيرات وما يحدث فيها، معتقدين أنها مشاهد شجاعة وبطولة، هي كذلك بالفعل، لكنها شجاعة من ليس لديه ما يخسره، وبطولة اليائس، بطولة في غير محلها، لقد ألبسنا البعض ثوباً ليس ثوبنا، لسنا أبطالاً بتلك الصورة التي تريح ضمير العالم من تخاذله عن نصرة المظلومين" (ص33).
ولم ينتقد فقط الصحافة، بل المسؤولين عن هؤلاء الشبان الذين فقدوا سيقانهم، في عدم رعايتهم والاهتمام بهم بالشكل الكافي، وعدم البحث لهم عن سيقان اصطناعية، وفي عدم توفير علاجهم، مما دفع العديد منهم إلى محاولة الانتحار للتخلص من العذاب والألم. يقول أحد الشبان "لم ينظر إلينا أحد بعد الاصابة، كل الذي وفروه لنا بعض المسكنات، وكلمات الشفقة، حتى العكاز هذا ابتعته على حسابي الخاص" (ص88). وقد عبر أخر مبتور عن موقفه بأنها "مسيرات الزفت"، بعد إصابته وليس قبلها، كانت حميته عالية، وبعد الإصابة شعر بالخداع، ونظرة الشفقة في عيون الناس، وتفرق الاصدقاء.
إن الشعارات التي سمعها (إبراهيم) عن مفردات الوطن، والتضحية، والكرامة، وخطب المساجد، والساسة، ولم يلمس أيا منها على أرض الواقع، هذه الشعارات الكاذبة المخادعة هي التي خدرت المتظاهرين وجعلتهم يجرون خلف كل من يدعوهم دون تفكير كأنهم مسلوبو الإرادة، وفي حالة خارج الوعي عند السياج، فحينما دعاهم الجندي "عودوا إلى بيوتكم" اندفعوا دون تفكير في معنى الجملة نحو السياج الفاصل للعودة إلى ديارهم، "أنا فكرت إنه خلص الإسرائيليين سمحوا لنا بالعودة، فرحت بإتجاه السلك مع الناس اللي راحت، وياريتني ما رحت" (ص149)، عندها أطلق الجندي النار عليهم وسقط قتلى وجرحى كثر، إن عدم فهم المتظاهرين مما قصده الجندي، هل هو غباء من المتظاهرين أم سيطرة الوهم على عقولهم، فالجندي يدعوهم للعودة إلى بيوتهم في المخيمات، فهذا دليل على غياب الارادة لدى المتظاهرين، فهم مسيرون لمن يدعوهم "الله أكبر، العودة، العودة، يلا يا شباب نرجع على بلادنا" (ص149).
ينتقل السارد من مجزرة السيقان المبتورة والركب المفتتة عند السياج، إلى المشفى، إلى المقهى، إلى المعرض، إلى الشارع، إلى كل مكان على مساحة قطاع غزة يشاهد شبان بعكاكيز وسيقان مبتورة، تدل ملامحهم على فقرهم وسوء معيشتهم، كذلك بيوتهم المتهالكة. لقد قتل الجندي أحلام كل شاب أصيب وأصبح عاجزاً، وهي أحلام تعبر عن معاناتهم في ظل الحصار والقهر السياسي والاقتصادي والمعيشي، وانعدام أفق المستقبل. فهذا رجل توفى ابنه الوحيد جراء إصابته يريد أن يسأل الجندي "لماذا جعلت حياتنا صامتة بهذا الشكل" (ص58)، هل السؤال هنا للجندي فقط، أليس السؤال جديراً بمن أرسلوا هؤلاء الأطفال والشبان إلى القتل والإصابة بعاهة مستديمة. وهذا الشباب تخلت عنه خطيبته بعد إعاقته، وهذا الشاب لم يعد لديه أمل في الزواج بعد أن فقد رجولته، وهذه العجوز تحلم بالعودة إلى البلاد، والمهندس الذي فقد أمله في المستقبل. حكايات قاسية كان الشبان يروونها دون أن يطلب أحد منهم روايتها، لما يعتريهم من حالة قهر، فقد تخلى عنهم الأصدقاء، والناس تنظر إليهم بحالة الشفقة، وليسوا كأبطال، وعند العلاج أو حتى بتر أقدامهم يحتاجون إلى واسطة، وقد وصل الحال بـ(حسن) أن يقارن بين حياة المدينة والحياة عند السياج، يكشف من خلالها الدوافع التي تدفع الشباب الى الانتحار وإدمان المخدرات بهدف التغيير، حياة المدينة لا تكرار فيها، متشابهة، والمعاناة مستمرة من قطع الكهرباء إلى قطع المياه، ولا أفق في حياة أفضل. أما عند السياج لا يوجد شيء مكرر، حتى الغاز المسيل للدموع كل مرة يكون براحة مختلفة، والكل يبحث عن إنجاز يحققه حتى لو كان فيه موته، فهذا (غسان) رفع العلم على السياج كإنجاز حققه، فدفع حياته ثمن هذا الإنجاز.
في كل سطر من سطور الرواية نقرأ حكاية/ المأساة التي أصبح فيها شبان غزة من وراء تظاهرات السياج الحدودي والبحري. إن خلف كل حكاية قصة، وخلف كل قصة حكايات من الألم والوجع والمعاناة، وإذا كانت حكايات الموجوعين واضحة في السرد لمن يقرأ الرواية أو رواياتهم من سطحها، ولكن حينما تغوص في أغوارها تكتشف الصورة الحقيقية لوجعهم.
إن هذا الفلسطيني يريد أن يحيا حياة كريمة مثل هؤلاء الذين خلف السلك الشائك "هذا السلك الشائك يا صديقي الذي يحول بيننا وبين حياة خلفه نحلم بربعها، خلفه يحيا أناس حياة طبيعية جداً تأتي فيها الكهرباء أربعة وعشرين ساعة، ويستحمون بشكل يومي، يشاهدون التلفاز، ينامون دون أي أحلام مزعجة، ويستيقظون في الصباح إلى أعمالهم" (ص157).
الأنا السارد .. ورؤية العالم:
رؤية العالم هي تمثيل للنشاط الجمعي، ولكن بوعي فردي، إنها الفرز المعمق والدقيق للتفاصيل التي يزخر بها الواقع، سواء على صعيد وعي الأفراد أو الجماعة. يساهم الواقع في تشكيل هذه الرؤية من خلال تفاعل الفرد مع محيطه، وعندها تتبلور طريقة التفسير الخاصة به. وقد تبلورت رؤية العالم لدى السارد/ الكاتب في رؤية فنتازية صاغها الحلم، ولكنها الحقيقة التي يسعى السارد إلى طرحها بعد أن قدم أوجاع الناس وأحلامهم ودموعهم ومأساتهم.
إن الصورة التي رسمها السارد لحديقة السيقان كانت المدخل لبلورة رؤية العالم، فتلك الحديقة التي ضمت السيقان المبتورة، وقطع اللحم المتناثرة، والأصابع، التي جمعها (حسن) من أرض التظاهرات، ومن المشافي، ومن المقابر، وغرسها في الأرض بالقرب من السياج، أعادت خلق نفسها من جديد في رؤية خيالية فنتازية، استمدها السارد من شخصية (فرانكشتاين) هذا المسخ الذي صنعته الكاتبة الانجليزية "ماري شيلي" في روايتها من بقايا الجثث.
عند السياج ومع اشتداد التظاهرات، واطلاق النار من الجنود ومن الدبابات والطائرات بغزارة، أصبح الضحايا كثر، فسالت الدماء بغزارة في كل الاتجاهات، وتجمعت عند حديقة السيقان، وتشققت الأرض، وكأنها القيامة قامت، حيث "خرجت على إثرها السيقان والأقدام والأصابع والأشلاء المزروعة في الإطارات، وأخذت تتشكل على هيئة جسم عظيم، جسم له آلاف الأرجل والأيدي، والرؤوس والعيون، وراح ذلك الجسم العملاق يدب فوق الأرض معلناً بدء مسير العودة الحقيقي إلى البلاد" (ص175). وسارت الجماهير خلف هذا العملاق المجسد بآلاف القتلى والجرحى والثكلى، وألم عشرات السنين، وأوجاع الذكريات، ومعاناة اللجوء، تهتف عائدون .. عائدون. وحسن يهتف ها قد صار الحلم حقيقة.
ان توحد الاشلاء (يعني الوحدة الوطنية)، والعملاق (يعني القيادة)، فهذا الشعب الذي عاني طويلاً، واستغل كثيراً، ودفع ثمن الانقسام السياسي، يحتاج إلى الوحدة الوطنية، وإلى قيادة قوية عملاقة تجمع أشلائه المنقسمة وتقوده نحو العودة والتحرير، لا تخشى العدو والرصاص، بل تسير أمام الجماهير وهي خلفه تهتف بشعار عائدون. لقد استطاع السارد/ الكاتب أن يعبر على المستويين الفردي والمجتمعي، عن رؤيته للعالم، من خلال إعادة هندسة وبناء وعينا الذاتي والمجتمعي، بما يجعلنا أقدر على بناء النموذج المعرفي النابع من هذا الوعي، والقادر على تفسير الظواهر، التي يشتمل عليها الواقع الذي نعيشه.