الأربعاء، 29 أكتوبر 2025

من رسائلي الى سيليا (رواية سيليا) بقلم الكاتب توفيق حيوني / تونس

 من رسائلي الى سيليا 

(رواية سيليا)


أرصفةُ السؤالِ الأخير


لَمْ تَعُدٍي قَصِيدَةً،

مَا بَيْنَنَا صَارَ مَطَاراً مُغْلَقاً،

حيثُ هَبَطَ الصَّمْتُ...

ولَمْ يُغَادِرْ مُنذُ سَبْتِ الغِيابِ الأول.

هَا أَنَا، بَعدَ كُلِّ هَذا التَّيهِ المُبَرْمَجِ،

أقفُ عَلَى أَرْصِفَةِ سُؤَالِكِ الأَخِيرِ:


"كَيْفَ حَالِي؟"


لَا تسأليني... فَحَالِي

كَخَزَّانَةِ مَطَارٍ مَتْرُوكَةٍ فِي العواصف:

مُبْتَلَّةٌ بالذِّكْرَى،

وبِهَا بَقَايَا تذاكِرَ لِرَحَلاتٍ أُلْغِيَتْ،

رَحَلاتُ لِقَاءٍ... لَمْ تُقْلِعْ أَبَداً.


الحَالُ... يَا سَيِّدَةَ اللَّا مُبَالاَةِ المَوْشُومَةِ بِالْجَمَالِ،

هُوَ مُتَّسَعٌ مِنَ اللَّوْنِ الرَّمَادِيِّ

بَينَ صَوْتِكِ العَابِرِ... وَأُفُقِي المَنْزُوعِ مِنْ أَلْوَانِهِ.


قَدْ أَقُولُ: "بِخَيْرٍ"...

وَهِيَ الكِذْبَةُ البَيْضَاءُ الوَحِيدَةُ

الَّتي تَلِيقُ بِوَجْهِ النِّسْيَانِ حِينَ يُطِلُّ.


لَكِنَّ الحَقِيقَةَ:

أَنِّي أُعِيدُ تَرْتِيبَ هَيْكَلِي العَظْمِيِّ كُلَّ لَيْلَةٍ،

لِأَنَّ الحُزْنَ صَارَ يَسْكُنُ تَجَاوِيفَ الأَضْلاَعِ،

ويَرْمِي سَهَامَهُ

فِي المَسَاحَةِ الضَّيِّقَةِ

بَيْنَ سُؤَالِكِ العَذْبِ...

وَبَيْنَ جُدْرَانِ الرَّفْضِ الَّتِي شَيَّدْتِهَا.


مَاذَا يَعْنِي أَنْ تَسْأَلِي،

وَدِمَاؤُكِ سِكَّةُ قِطَارٍ لَا تَجْرِي إِلَيَّ؟


مَاذَا يَعْنِي سُؤَالُكِ؟

إِنَّهُ كَفَنٌ حَرِيرِيٌّ

لِجُثَّةِ شَوْقٍ... مَاتَتْ خَارِجَ القَلْبِ.


لَا تُكَلِّفِي نَفْسَكِ عَنَاءَ الاهْتِمَامِ المُزَيَّفِ،

لِأَنَّ صَوْتَكِ هُوَ جَرَسُ إِنْذَارٍ،

يُعْلِنُ أَنَّ الحُبَّ

لَمْ يَعُدْ سِوَى

خَرِيطَةٍ مُمَزَّقَةٍ فِي مَهَبِّ هَذَا الفِرَاقِ العَتِيدِ.


توفيق حيوني / تونس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق