الاعلام العربي والتحديات الكبرى
خالد السلامي
يُعتبر الاعلام من اشد الأسلحة التي تستخدم في السلم والحرب وفي مواجهة التحديات التي تواجه البلدان وفي تحصين مجتمعاتها ضد المخاطر التي تهددها.
ولنا في الكثير من الأحداث التي كان للإعلام دور حاسم في نتائجها سلبا او ايجابا كما في الحربين العالمتين وخصوصا الحرب العالمية الثانية بعد الضربة النووية الأمريكية لليابان حيث تم نَشْرِ كمية الرعب التي سببتها تلك الضربة من قبل اعلام الحلفاء وكذلك اسلوب هتلر الذي كان يُوَجِّه به اعلامه الذي بناه على مبدأ ( اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ونموت نموت ويحيا هتلر ) و كذلك حرب اغتصاب فلسطين حيث كان كل الاعلام العربي بيد الدول التي تحتل أراضيه وفي نكبة حزيران ١٩٦٧حيث الدور السلبي للإعلام المصري انذاك الذي أدى إلى اسوا انكسار للعرب في تلك المعركة المشؤومة بعد نكبة ١٩٤٨ بينما كان لنفس الاعلام مع اعلام بقية الاقطار العربية الدور المهم في انتصار العرب في حرب تشرين ١٩٧٣ وهكذا في بقية الحروب التي شهدتها الساحة العربية وخصوصا الحروب الأمريكية وحلفائها على العراق حيث كانت كمية الاعلام الموجهة ضده لا تقاس بالنسبة لبقية الحروب عبر التاريخ بحيث تجاوزت ساعات البث الموجهة للعراق مئات ان لم نقل الالاف منها يوميا منطلقة من كافة الجهات المحيطة به القريبة منها والبعيدة وكذلك من اقصى الارض الى ادناها فكان اعلاما اُحادي الجانب تقريبا كله موجه للعراق في تلك الحروب.
ما نريد قوله ان الاعلام هو السلاح الذي يجب ان يخدم قضية الجهة التي يَتْبَعُها بطرق تشد من عضد تلك الجهة ولا تستفز أبناء شعبها قبل عدوها وهكذا يجب ان يكون دور الاعلام العربي في مواجهة اخطر ما تمر به الأمة العربية عبر التاريخ من تَحدٍّ يستهدف إلغاء هويتها بل وحتى وجودها على وجه الأرض انتقاما منها لما قامت به من حَمل آخر الرسائل الإلهية الى البشرية جمعاء قبل اكثر من اربعة عشر قرنا من الزمن مما أدى إلى تغيير وجه العالم وخرائطه السياسية والجغرافية آنذاك فتَراكَمَ حقد كل تلك القرون على العرب ليتفجر اليوم بأبشع صور الانتقام والتدمير .
وفي مثل هكذا تهديد جنوني نحتاج إلى اعلام يستطيع أن يواجه هذا الخطر الداهم على امة العرب وللأسف لن نجد ذلك الاعلام العربي القادر على القيام بهذه المهمة العظيمة بل على العكس صار اعلاما مخاددا لتهديد على حساب تهديد آخر ففي حين كان العرب يقاطعون كل من يمدح الكيان الصهيوني او يزوره او يناصره اعلاميا هذا عدا التعامل الاقتصادي والسياسي والعسكري مع ذلك الكيان مقاطعة تجعل ممن يتعامل معه يعود فورا عن تعامله بل وكان لا يسمي عدوه الا باسم الكيان او العدو ، بينما نجد اعلامنا اليوم وخصوصا بعد الربيع العربي الاسود ينشر مراسليه داخل المدن التي يحتلها العدو بل ويستضيف محللين صهاينة على قنواته الفضائية ويصفق لعملياته داخل الأراضي العربية مكايدة بالتهديدات الاخرى للوجود العربي .
نعم ان التهديد ايا كان مصدره يجب مواجهته بكل قوة ، (اعلاميا وسياسيا وعسكريا ) ، لكن ليس بنسيان التهديد الآخر الذي وان اتفق مع بعض الجهات العربية باتفاقيات سلام علنية او مخفية فانه لن يغير شعاره وهدفه الازلي بأن أرضه تمتد من الفرات إلى النيل ولم يغير علمه الذين يرمز لهذا الشعار بوضع نهري الفرات والنيل على ذلك العلم كرمز لمساحة دولته المزعومة ولم يعامل شعب الأرض التي يحتلها بشيء من الانسانية كدليل حسن نية ،
قد يجوز أن تستعين بالشيطان لمواجهة اي خطر يواجهك لكن ليس من المعقول ان تستعين بتهديد يهددك على مدى الزمن ، (بما لا يقل خطورة عن التهديدات الاخرى ) ، على تهديد آخر يستهدفك وتنسى كل تاريخه الاسود معك .
ومن غرائب الاعلام العربي المعاصر انه يقطع اخبار المشاكل والفتن التي يعانيها العرب ويموت خلالها المئات منهم يوميا لينشغل أيام عديدة بحادث بسيط وقع في إحدى الدول الغربية او الأمريكية او الاهتمام الخيالي بخسارة او فوز او وفاة زعيم أمضى تاريخه هو وبلده في استهداف العرب ولايزال يلعب الدور الفعال في استمرار الفتن والمشاكل في الاقطار العربية ويُمعن في اغراق المواطن العربي بالمعاناة والنقص بل والحرمان من أبسط حقوقه هذا عدا انتهاك سيادة اقطاره واذلالها ،( علما ان فوز او خسارة اي زعيم لن يغيير من سياسة بلده الثابتة بعدائها الازلي لنا ) ، ومن الأخطاء القاتلة التي يقع بها الحكام العرب هي ان يُدخلوا الاعلام العربي كمناصر لهذا الطرف او ذاك في نزاعات دولية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل كما يحدث الان في الحرب الروسية الغربية التي تخوضها اوكرانيا نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية فنجد اعلام العرب قد انقسم الى قسمين احدهما يناصر الروس الذين يمعنون قتلا بالعرب في سوريا ولم يكن لهم موقف ثابت مع اية قضية عربية والآخر مع اوكرانيا الذي لا يحيد رئيسها الحالي ابدا عن مواقفه المؤيدة للمحتل الاسرائيلي في كل معركة تحصل بينه وبينه الشعب الفلسطيني الصامد المجاهد او اية جهة عربية اخرى .
إذاً نحن كأمة عربية نحتاج إلى قيادات تعرف قيمة هذه الأمة وتدافع عنها وكيف تستغل امكانياتها التي تفتقر إليها اعتى القوى العالمية ماليا وجغرافيا وتاريخيا على ان تمتلك اعلاما لا يخشى نشر مقال او خبر يغيض أعداء أمته ، ( الذين اغاضوها منذ عشرات السنين ولا يزالون لا يتوانون عن فعل كل مايغيضها ) ، اعلامٌ قادر على مواجهة كل هذه التحديات الكبرى التي تهدد مصير امة العرب ووطنها الكبير الممتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي علما ان الأمة التي انجبت محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وأنجبت أولئك الآل و الصحابة والقادة العظماء الكرام عبر تاريخها قادرة على انجاب قادة واعلاميين يمكنهم اعادة الحياة لأمتهم ،( التي انهكها سباتها الدائم في قعر قائمة أمم الأرض الاخرى بكل أسف) ، لو أعطيت لهم الفرص التي يستحقونها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق