الأحد، 12 أكتوبر 2025

حفل تكريم الكاتبة والأديبة: ♦️ الدكتورة فائزة بن مسعود فضاء نجمة المدينة ( بمدينة تونس العتيقة) تغطية الصحفي العيد بن محمد

 🛑 حفل تكريم الكاتبة والأديبة:

♦️ الدكتورة فائزة بن مسعود 

⬅️ المكان: فضاء نجمة المدينة ( بمدينة تونس العتيقة)

⬅️ الزمان: السبت 11 أكتوبر 2025 .

✅ الدكتورة حياة بربوش.

✅ الأستاذة: كوثر غانم.

🦅 مجموعة الصقر العربي الثقافية ( جمهورية مصر العربية)

✅ الفنانة: أمل التريكي ، عازفة على آلة القانون 

©️ متابعة وصور زميلنا: الصحفي العيد بن محمد.

إذاعة الجمهوريةRadio République : صوت وصورة وطن 🇹🇳












ليالـــي المدينـــة الهائمـــة بقلم الشاعر عمّار الطيب العوني

 ليالـــي المدينـــة الهائمـــة

الليلة الأولى :بداية الجنون


المدينة تتثاءب ببطءٍ

ككائنٍ أثقله السهر.


تتدلّى النوافذ نصف مفتوحة

وتتنفّس الأزقّة أنفاسًا متعبةً

من ليلٍ لم ينتهِ بعد.


المصابيح الخافتة تهمس

كأنها أنفاس نائمٍ يبتسم في الظلّ:

 "مرحبًا بالمغامر الوحيد."


في البعيد يجرّ بائع الجرائد عربته فوق رصيفٍ نعسٍ.

يبيع أخبار الأمس كأنها نكات فقدت ضحكتها.

يعيد ترتيب الأوراق

كما لو أنه يحاول إصلاح العالم صفحةً صفحة.


اقتربت منه وسألته:


>"لماذا كل الأخبار سخيفة؟"


رفع رأسه ببطءٍ واُبتسم ابتسامة بلا شفتين.

كأنها عادة قديمة نسيَ معناها.

ثم قال:


 "لأن الحقيقة يا صديقي مجرّد مزحة طويلة."


صمت قليلًا وأشعل سيجارة مبلّلة بالمطر.

راقبها وهي تحترق كعمرٍ يضيء ليختفي.

فيما الدخان يصّاعد متثاقلًا

كأنه يحاول نسيان شكله في الهواء.


جلست على الرصيف المقابل.

أراقب المارّة يعبرون أمامي

كأفكار مشتّتة في رأس المدينة.


كل واحد يجرّ حلمه مثل ظلٍّ طويل

لا يعرف إلى أين يمتد.

وأنا أجرّ ضحكتي البلهاء

كحقيبة فارغة من المعنى.


فكّرت أن الجنون

ليس فقدان العقل

بل طريقة أخرى

لرؤية الأشياء بوضوح أشدّ.


كانت الريح تمرّ باردة

ككلمة نُسيت في فم شاعر.

السماء تمسح وجهها بضوء رمادي خفيف.

عندها شعرت أن الليل ينهض من غفوته

يتدرّب على صرخته الأولى

استعدادًا لبداية جديدة

من ليالي المدينة الهائمة.


*وتبدأ حكاية الليلة الثانية من الظلّ...

حيث لا فرق بين الحلم واليقظة

ولا بين العابر والمدينة.*

 

                    عمّار الطيب العوني


غزّةُ تدبُّ بِها الحياةُ من جديدٍ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

غزّةُ تدبُّ بِها الحياةُ من جديدٍ بعد توقّفِ إطلاق النار، بفضل الله وشجاعةِ المجاهدينَ وتعاضُدِ العرَبِ والمسلمينَ ورغبةِ (ترمب) بتحقيق السلام ونيل شهادة نوبل!
ألضَّرْبُ أوقِفَ والسّماءُ تزيّنَتْ
بالحَمْدِ والتّكبيرِ ………جلَّ جليلُ
حَمْداً لِرَبِّ الكائناتِ لِنِعْمَةٍ
لِلْعَوْدِ لِلدّارِ الحبيبةِ ……….قالوا:
أللهُ أكبرُ (غزّةٌ )عادَتْ لَنا
صُهيونُ يُقهَرُ والسّلامُ ……..يَجولُ
مهْمَا الدِّيارُ تغيّرتْ أحوالُها
هَدْمٌ ورَدْمٌ قاتِلٌ …..………وَطُلولُ
لكنّ خيْمَةَ فَوْقَ ذاكَ حبيبةٌ
أرْضَ الجُدودِ فَلنْ يُجافِي…. أصيلُ
وَإذا بخيْمَةِ لن نَطالَ بِعَوْدةٍ
أحجارُ بيْتِنَا فَرشَةٌ ………. وظليلُ
وغداً أسارَى مع الرّهائنِ يُطلَقوا
والجيشُ يُسحَبُ والسّلامُ …يَطولُ
حَمْداً لِرَبِّي على التّضامُنِ أُمّتي
من مسلمينَ وعُربِي،…..ليسَ قليلُ
أمريكَا شدّتْ مع أوروبّا ليوقِفوا
حرْبَ الإبادةِ مصْرُ فيهِ …….رسولُ
والكُلُّ فيهَا بقِمَّةٍ وَمُجاهِدٍ
لولا التّعاضدُ لَنْ تُطالَ ……حُلولُ
لولا التّعاضدُ، لا سلامَ بأرضِنا
والنِّتْنُ يعبَثُ ،بالسّلاحِ …….يَصولُ
(وتْرَمبُ) ماضٍ مَعَ تَعاضُدِ أمّتي
للنّتنِ يكبحُ ، للسّلامِ …………يميلُ
يا ربّ ِ ساعِدْ (غزّةً) وتَوَلَّها
لَمْ يبْقَ عائلُ في العَراءِ ،…….يُعِيلُ
ساعِدْنَا ربّ ِ على البقاءِ بِغزّةٍ
فالهَجْرُ ذُلٌّ والطّريدُ…..……ذليلُ!
عزيزة بشير


وما كلُّ.. بقلم الشاعرة عايدة حيدر

 وما كلُّ..

__
وما كلُّ ما يخفى يجفُّ إذا نأى
ويُنسى كثوبٍ لا يروقُ ممزَّقِ
نُوَدّعُهُمْ والعينُ فينا بأدمعٍ
تسيلُ وفينا القلبُ ذا في تحرُّقِ
جروحٌ بنا لا تنتهي قد تكاثرتْ
وأمست أغانينا بلحنٍ مؤرِّقِ
متى يا تُرى تُمحى ظلالُ شقائِنا
ونرجعُ للعهدِ البهيِّ المورِّقِ
ونغدو عصافيرًا تحلِّقُ في الفضا
ونجري بلا همٍّ بغربٍ ومشرقِ
شفى اللّهُ أيّامَ الجفاءِ لننتشي
بخمرٍ من الأحلامِ عذبٍ معتَّقِ
__
عايدة حيدر

موت ٌناعمٌ بقلم د. آمال بوحرب

موت ٌناعمٌ
——-/———
نفَيتُ هواهُ عن دمي
فما انفكّ يسري في وريدي
وشهد قلبي عليّ إذ مال إليه ميلَ السقيم
كأنَّ روحي تعرفُ دروبه
قبل أن تصحو ملامحي من غفوةِ شوقٍ
زمهريريٍّ عتيق.
كم عاهدتُ نفسي نسيانه فخُذِلت
يسكنني كأنَّهُ نسيمُ رُبى الزهرِ
في حضنِ الرمال
ويُخفي وجدي بين ألحانٍ شاردة
ليتَ نفسي ما تمرّست على نبضه
وليتهُ صدَّ عني بعيدًا
وليتهُ لم يهوِ على قلبي كسهمٍ قاتل
يرشقُ وجدَ الهدى
ويعذّبُ الليل الحزين
كم راودتني الأماني
أن ينامَ فوق صدري المجدود
وخفتُ أن تنزفَ روحهُ
فيستمعَ أنين خافقي
أدري أنّ الهوى موتٌ ناعم
غيمةٌ تُغري الأرضَ بالعطش
ثمّ تمطرُ في غيرِ أوان
موتٌ بلا نواحٍ ولا كفنٍ مُزخرف
يشيّعنا إلى حلمٍ لا يفيق
ويتركنا نطفو على حافةِ العشق
نغرقُ كلّما سعينا إلى الخلاص
كرحيلِ النوقِ في ليلٍ لا يبوح
د. آمال بوحرب
تونس


السبت، 11 أكتوبر 2025

جزء من أقصوصة"لمن تلتقط صورك يا يوسف ! للكاتبة نجوى العريبي

جزء من أقصوصة"لمن تلتقط صورك يا يوسف !؟
من مجموعة" استووا.. يرحمكم الله"حتى لا ننسى ما عاشه ويعيشه الأبطال الغزاويون وكل مناضل من أجل حرب الكرامة والاستقلال.
...مائات من الضّحايا تحت الأنقاض. أطنان من
الحديد، أسلاك وغبار،لحم معجون بالأتربة، القهر والجوع والأوبئة تطوّق المكان. معول الإبادة محق كلّ عشتارولاّدة، بسمة طفل في الأفق، ذاكرة شيخ آتية من عبق الماضي يورّثها لأحفاده. معول الغدرلم يبق ولم يذر. أزيس وإيريبوس اكتسحا الأرض الطيّبة..
حرارة خانقة أكثر ممّا لو أنّ السّعير فتح أبوابه..
مازالت كاميرا يوسف تصوّر آثار الجريمة ،تتابع جبال الإسمنت والحجارة، تنبش في آثار البيوت المهدومة عن عرق مازال لم يجفّ وأياد خشنة، تتذرّع خاشعةلرفع هذا البلاء، ويعيد رشد السّفهاء..كامرا يوسف تجوس ركام الحجرات، فهناك كانت حياة،بقايا ألعاب أطفال ودفاتر وأقلام،ترسم عشبا أخضر، رغيف خبز غير مغمّس في الدّم،طحينه غير مخلوط بالشّظايا وميزان وحمامة.. دفاتر تحضن قبلة بلا أنياب، وسماء تغيب فيها العتمة. و بعيداهناك بين الأرض والفضاء يتجلّى طفلان في شموخ تباشير فجر، يقفان ثابتين، أمسك كلّ منهما بقبضةالآخر لا يبغي فكاكا. طيفان كظلّ مديد بألوان قوس قزح. كانا بلا خدوش، أو دماء تكسوهما، بلا يد مبتورة،أو عين مفقوءة، أو لحم منزوع أوعظم يتدلّى، أو بطن من الجوع تتضوّر..قد شبعا بعد سغب وارتويا بعد ظمأ. طفلان قلبهما يتّسع لكلّ المحن، يتجاوزها إلى الضّوء..بقعة الضّوء تعشي البصر..
"الطّفلان نورانيان، همامن محض خيالك يا يوسف.إنّه تأثير هول ما مررت به، ركّز على توثيق ويلات المشهد ونار جريمة الإبادة".هكذا خاطب نفسه، محاولا التملّص من رسمة الطّفلين، غير أنّ ثوب الطّفلة الأحمر المطرّز بأزهار البرتقال، تبدو زينته دقيقة،تلك الغرزة يعرفها يوسف. فقد فتح عينيه و أمّه وأخواته وكلّ الفلسطينيات وهنّ يوشّين بها مختلف أثوابهنّ، غرزة نقلتها الجدّات إلى الأمّهات، وتوارثتها البنات.. أين أمّه؟أين إخوته وأخواته ووالده وأعمامه وأبناء أعمامه؟!جميعهم دفنوا تحت الأنقاض؟!. ليته ما شجّعهم على مغادرة جنوبهم إلى الشّمال .. متى كان للأنذال عهد؟
"معلش"معلش"... هو حيّ و أرضه لن تموت، ستبقى حيّة، لن تموت..
طيف الطّفلين غزاعدسة الكامرا، حيث ينقل يوسف زاوية الالتقاط يتصاعد ضوؤهما. يحاول ملأ رئتيه ببعض الهواء،وإن كان خانقا.. يستمرّ في التّوثيق،ضحكة الطّفلين تزيّن أرض غزّة وكلّ السّماء..

للكاتبة نجوى العريبي



يا دود بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

 هذه القصيدة ممنوعة عن أصحاب القُلوب الضّعيفة

يا دود ... (نظمتها على لسان مثقّف فلسطيني في غزّة قد أثّر فيه الجوع إلى حدّ الاحتضار)
يا دُودَ لَحْدِي، رَعَاكَ اللهُ يا دُودُ
ويا رَفِــيـقًا لَـهُ جَـرْدٌ وتَـبْـدِيـــدُ ...
ويا رَسُولًا لِرَبِّ الخَلْقِ يُرْسِلُهُ
إلى الـجَـثَامِينِ، يُفْنِـيـهَا ولَا قَيْدُ
قَدْ حَانَ مَوْعِدُنَا: لُقْيَا سَتَجْمَعُنَا
في القَبْـرِ، لا بَيْنَنَا سِتْرٌ ولا حَيْدُ
فَـعِـثْ بِـجِسْمِيَ تَـمْزِيقًا وتَـهْـرِئَةً
وارْتَـعْ بِـهِ مَــا بَـدَا لَحْـمٌ وقِــدِّيـدُ
العُذْرُ مِنْكَ، فَلَمْ يَبْقَ بِجِسْمِي هُنَا
شَـحْمٌ ولا عَضَلٌ يُرْضِي ولا جِيـدُ
فَـاقْـنَـعْ بِــمَـا تَــرَكَتْ أَدْوَاءُ فَـاتِـكَةٌ
فَـخَـلَّفَتْ شَبَـحًا، يَسْرِي، ولا أَيْدُ.
هَاتَانِ عَيْنَانِ، سَهْلٌ مِنْكَ سَـمْلُهُـمـا
قَـدْ كَان بِي مِنْـهُـمَـا، مِنْ قَبْلُ تَسْهِـيدُ
تُـرَاعِـــيَـانِ كِـتَــابَ اللهِ، في غَـسَـقٍ
وتَـسْـعَـيَـانِ : فَــذَا ذِكْـرٌ وتَـحْـمِـيـدُ.
وفِـي النَّــهَــارْ، هُـمَا لِلْـعِلْـمِ مَسْرَجَـةٌ
ولِـلْـفُـنُـونِ، هُـمَـا لِـلْـفِـكْـرِ تَـوْقِــيدُ.
واجْـمَـعْ جُـيُـوشَكَ نَـحْـوَ الهَـامِ تَـبْـلُـغُـهُ
حَـيْـثُ الـدِّمَـاغُ : فَـتَـنْـوِيــرٌ وتَـدْبِـيـرُ
قَدْ جُـمِّـعَـتْ فِـيـهِ للآدَابِ أَنْـفَـسُـها
ومِــنْ عُـلُـومٍ، لَـهَـا فَـضْـلٌ وتَـقْـدِيــرُ
ومِنْ بُحُوثٍ تَرَاصَتِ الأَعْوَامَ أَعْـمَقُهَـا
ومِـنْ فُـنُـونٍ لَـهَـا فِي النَّـشْءِ تَـأْثِــيـرُ
دَمِّـرْ، بِـقُـدْرَةِ مَنْ أَعْـطَـاكَ قُـدْرَتَـهُ،
فَـكُـلُّ شَـيْءٍ لَــهُ عُـمْـرٌ وتَـقْـدِيــرُ.
وانْـزِلْ، بِذَلِكَ نَحْـوَ القَلْبِ، تَسْكُنُهُ
كُـلُّ الأَحَاسِيسِ : مَحْبُوبٌ وشِرِّيرُ.
فَكَـمْ أَحَـبَّ مِنَ الأشْـيَـاءِ أَنْـبَـلَـهَـا
ثَـبَّـتَـهَـا أَدَبًـا، فِـيـهِ تَـقَـارِيرُ...
وكَـمْ أَدَانَ سُلُوكَـاتٍ مُهَـمَّجَةً
ولَامَ مَنْ لا بِـهِ نَـفْــعٌ ولَا خَــيْـرُ
وفي الـخِتَامِ تَرَى أَنَّا نَذُوبُ مَعًا
في عَتْمَةِ القَبْرِ، لَا عَيْشٌ ولا نُورُ.
حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)
"خواطر" ديوان الجدّ والهزل
Peut être une image de une personne ou plus, personnes souriantes et lunettes

أنا لا أخاف عليك من جنوني. بقلم الكاتب إبراهيم العمر

 أنا لا أخاف عليك من جنوني.

بقلمي إبراهيم العمر


الحب، يا رفيقة القلب، ليس اختراعًا بشريًا ولا اصطلاحًا اجتماعيًا. إنه الفطرة الأولى، الصوت الذي نطق به الإنسان قبل أن يتعلم الكلام، النور الذي سكن عينيه قبل أن يرى العالم.

الحب هو الأصل، وكل ما جاء بعده من تعابير ومفاهيم ليس إلا غبارًا على مرآة الروح، صيغًا ابتكرها البشر ليقيدوا ما لا يُقيد، ويُفسدوا ما لا يُفسد.


لقد لوّث الإنسان الحقيقة حين حاول أن يشرحها، كما يفسد النسيم حين يُحبس في قارورة.

الحب هو الصفاء حين لا يُفسَّر، هو النقاء حين لا يُقاس، هو الخير حين لا يُشترط، هو الحرية حين لا تُراقب، هو الطفولة حين لا تُؤدَّب.


الحب لا يسكن العقل، بل يسكن تلك المساحة البريئة التي لا تعرف المنطق، حيث القلب يخفق بلا إذن، والروح تهمس بلا خوف.

هو ارتعاش اليدين حين تقترب، واحمرار الخدّ حين يُرى، وتلعثم الحروف حين تُقال، واختلاج الصورة حين تُحس.

هو انجذاب لا يُعلَّل، وميل لا يُفسَّر، وتعاطف لا يُدرَّس.

هو الأدب حين لا يُفرض، والوداعة حين لا تُدرَّب، والتجانس حين لا يُخطَّط له.

هو عناق الأرواح قبل أن تلتقي الأجساد، وترنيمة الفجر التي تزيح ستائر الليل، وحنين الشمس حين تودّع الأفق.


أما الصداقة، فهي اصطلاح اخترعه الناس ليحموا أنسابهم من اختلاط العواطف، وليضعوا حدودًا للحب كي لا يتجاوز ما سمّوه “المسموح”.

لكن الحب لا يعرف الحدود، ولا يعترف بالمصطلحات. إنه بريء من كل ما هو مصطنع.


العقل يفكر، نعم، لكنه لا يشعر.

والشيطان لا يدخل إلا من باب العقل، لا من نافذة القلب.

القلب لا يعرف الوسوسة، بل يعرف الخفقان.

فلا تخافي من جنوني، لأن الجنون هو لحظة صدق، لحظة تحرر من كل ما هو مصطنع.

لا تطلبي مني أن أكون صديقًا حين أكون عاشقًا،

ولا تطلبي مني أن أكون عاقلًا حين أكون صادقًا.


اتركيني تائهًا في غياهب العشق،

فأنا لا أخاف عليك من شوقي، بل من إدراكي.

أنا لا أخاف عليك من حنيني، بل من وعيي حين يبدأ في الحساب.

أنا أخاف أن أراك بعين العقل،

أن أتعرف على مفاتنك كما يتعرف الباحث على الظاهرة،

أن أضعك في خانة، أو أصفك بكلمة، أو أختزل حضورك في عنوان.


أرجوك، أبقيني بعيدًا عنك جسدًا،

وأبقِ روحي سائحة في فضاءك،

دعيني أتلذذ بهذا التيه،

فأنا لا أريد أن أمتلكك،

بل أن أظل مأخوذًا بك،

كما يُؤخذ الطفل بجمال زهرة لا يعرف اسمها.


شموع الغياب بقلم: الكاتب حسين عبدالله جمعة

 شموع الغياب

بقلم: حسين عبدالله جمعة


ثلاثة وعشرون عامًا وأنا أجدد تلك القائمة الثقيلة،من موقعي في عملي كصيدلي في عيادة الأونروا، كنت أجد نفسي عامًا بعد عام أجدد تلك القائمة الثقيلة… أضيف اسمًا وأشطب آخر… قائمة الراحلين قسرًا.


ذلك الشاب الواعد،

وتلك الصبية المضيئة بالفرح،

العمة، الخالة، ذاك الجار، والأخ…

والصديق الذي غاب فجأة.

قائمة لا تنتهي،

بعد أن أُجبروا جميعًا على مواجهة ذلك الخبيث،

على حلبة غير عادلة،

لمعارك محسومة سلفًا.


نسلّمه حقائبنا الممتلئة بألوان الطموح،

ونعطيه ضحكاتنا وأحلامنا وعشقنا للحياة،

فينتهي فصل… وتُمحى محطة انتظار.


لو عدنا قليلًا إلى الوراء،

لأدركنا كم من زهرة سقطت مبكرًا،

كم من روح ركبت القطار الأخير…

لكنها ما زالت تقيم في قلوبنا وعقولنا.

ذاكرة الرحيل مثقلة بالوجوه،

وربما "نعمة النسيان" وحدها

تسمح لنا أن نتابع السير.


فلنضيء لهم شمعة محبة وذكرى،

ولنقيم لهم صلاة صادقة،

ونقول لهم: ما زلتم بيننا… ونحبكم.


تعالوا نتمهّل قليلًا،

نهدئ لهاثنا وراء الأيام ومغرياتها،

قبل أن نصبح نحن أنفسنا خبرًا قديمًا…

فلا أحد استثناء.


كل واحد منا ينتظر لحظة،

لا يعرف متى ستدق فيها الأجراس،

وتُعلَن نعوته من مئذنة أو جرس كنيسة.

تلك الورقة الأخيرة،

التي تحمل اسمه وعنوانه،

هي تأشيرة الرحيل،

لا تبالي بسلطة أو جاه،

ولا بمال أو عزوة.


في النهاية، لا يبقى لنا سوى ما زرعناه من طيبة ووفاء،

أما الممالك الزائفة… فتتهاوى مع أول ريح.


حسين عبدالله جمعة 

سعدنايل لبنان