" لا شيء يضعفها..ولا شيء يرهبها..ولا شيء يكسرها في زمن الإنكسار...! إني أتحدث عن الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير
تصدير : وحده الشاعر يعرف سرّ العذاب الانسانيّ.وعمق مأساة الكائن البشريّ.
وحده يرفع القصيدة عاليا في وجه هذا العذاب دون احتماء بأوهام القبيلة وزعيق القتلة المختلط بصراخ الضحايا.
انجبت فلسطين الكثير من المبدعين سواء فى المجال الأدبى أو الفنى،هم مبدعون أفرزتهم المعاناة وشحذت عزائمهم قضيتهم الخالدة : فلسطين.وخلال العقود الماضية سطع نجم العديد من الشعراء الذين اتخذوا من الشعر وسيلة للتعبيرعن قضيتهم وإيصال صوتهم للعالم أجمع،فتمكنوا من خلال قصائدهم تحدى الحصار والقهر السافر والحصار الغاشم وكل أشكال الظلم التي مورست على الشعب الفلسطيني على مرآى ومسمع من العالم..
ولعل من أحد أهم أنماط الأدب المعاصر والذي ساهمت القضية الفلسطينية في إبرازه للقارئ العربي هو الشعر الذي أطلق عليه "شعر المقاومة". وهو الشعر الذي تسلل إلى القارئ العربي عبر العديد من النوافذ التي كانت متاحة في عقود الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي.وقد كان لشعراء فلسطين من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وهارون هاشم رشيد وفدوى طوقان والعديد غيرهم قصب السبق في تأسيس هذا النوع الجديد من "القصيد".
وما دمنا نتحدث عن شعر المقاومة،فإننا نشير إلى كونه تلك الحالة التي يعبر فيها الشاعر وبعمق وأصالة عن ذاته الواعية لهويتها الثقافية والمتطلعة إلى حريتها الحقيقية في مواجهة المعتدي في أي صورة من صوره،منطلقا من موروثه الحضاري وقيمه المجتمعية العليا التي يود الحياة في ظلها والعيش من أجلها.
فالمقاومة هي مشروع حضاري أصيل لا يستطيع أحد مهما كان سلطانه وجبروته الوقوف أمام سيل هادر من إرادة شعب أو أمة ليمنعهم من تحقيق أهدافهم المشروعة والتي تكفلها شرائع السماء ومواثيق الأرض بكل أنواعها ومشاربها.ومن هنا إستمدت المقاومة الفلسطينية شرعيتها الكونية وذلك بتعاطف كل شعوب الأرض معها.وفي هذا المجال تبرز أهمية ودور الشعر المقاوم كشعر رسالي أحد أهم أهدافه العمل على إستمراية شحن الحس المقاوم ليس فقط في شرايين الشعب صاحب القضية بل وأكثر من ذلك في إتجاه نحو دائرة "العالمية" بل وإن شئت "دائرة الكونية".
إن للشاعر الفلسطيني رسالة ترتقي إلى مستوى القداسة،يروم من خلالها تعميق وتجذير "الإنتماء المقاومي" في ذات المواطن الفلسطيني والعربي والوصول به الى حالة الاحساس الدائم ب"وجودية" المقاومة على الأرض أو حتى تحت الأرض.
في هذا السياق،نتذكر كلمات موشيه ديان بعد حرب 1967 وهو يعلن بكل وضوح أن قصيدة يكتبها "شاعر مقاوم" تعادل عنده عشرين "فدائيا".بينما يقول محمود درويش بأنه قد تلقى تهديدا بعدم قرض الشعر أو إلقائه عندما ألقى أول قصيدة له في المدرسة.
وإذن ؟
"الشعر المقاوم"إذا،هو الذي يستنهض الأمة من سباتها ويوقظها من نومها العميق،ويعمل على تحريك المشاعر والأحاسيس وهي مخرجات لا تتأتى إلا بوجود عوامل تحفيز كالاحتلال والغزو والاضطهاد الذي تتعرض له الدول والشعوب.
ولأنها صاحبة حق وفكرة ومحبة للحياة ومقبلة عليها،فإنها تمتلك القدرة على صياغة كلمات اشد شراسة من فوهات البنادق وأكثر صدقا من كل المجالس الدولية الصماء،لا شيء يكسر ها في زمن الإنكسار،ولا شيء يرهبها في عصر الإرهاب والترهيب..فالأرض أرضها والوطن السليب والمستلب ( فلسطين) موطنها وإن طال الفراق،وأشتد أوار الغربة والإغتراب على قلب جريح نالت منه المواجع،ونخره الحنين..
إني أتحدث هنا عن الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير..شاعرة عرفت بكتاباتها الجريئة،تحمل وطنها بين جنبات القلب والروح، وكلما كتبت بكى وطنها..بكاء الغريب..ونادتها فلسطين بصوت مشنوق..
أشعارها تصغي لوجع الإنسان المغترب،في زمن الأوجاع والمحن..وترسم دربا مضيئا لحلم مؤجل تلوح بشائره في سماء فلسطين.
تقول شاعرتنا السامقة أ-عزيزة بشير :
أسطولُ الصّمودِ والتّضامُنِ العالمي من برشلونةِ إلى غزّةَ لكسر الحصار ومنع الإبادة مكوّنٌ من ثلاثين سفينةًُ وثلاثمائةِ شخصيّةٍِ مرموقةٍ من أربَعٍ وأربعين دولةً مشكورين وفّقهُمُ الله!
قُلْ للعُروبةِ ،إسْمعي وَلْتنظُري
فالنّتنُ يُعلِنُ ماأرادَ…………بِخِسّةِ
كلُّ البِلادِ أضمُّها بِكَمالِها
لِتَكونَ كُبْرى العالمينَ،…..دُوَيْلَتي
ِلأُبيدَ كلَّ شعوبِها وأُريهِمو
قطْعَ الرّؤوس ؛ لِكَيْ …نعيشَ بعِزّةِ
ونكونَ شعبَ اللهِ ،حيْثُ اختارَنا
ونكونَ فَوْقَ العالمينَ،…أتَسْكُتِ؟؟
يا عُرْبُ يا كلَّ الشُّعوبِ تأهّبوا
وَتَحرّكوا ؛كيْ تمنَعوهُ…………بِقوّةِ!
(غزّا) أُبيدَتْ لَوْ لأَْمْتُمْ جُرحَها
ما كان يَطمعُ بالمَزيدِ ..…، عُروبَتي!
خرجَتْ قَوافِلُ من شعوبٍ (غَيْرِنا )
كُلٌّ يُطالبُ وَقْفَ كلِّ…….. .. ...إبادةِ
كلٌّ على بُعْدِ المَسافَةِ قد أتى
مُتَضامِناً مِنْ كلِّ قُطرٍ ……….أُمّتي
كلُّ يُطالبُ وقفَ حرْبٍ مَزّقتْ
أجسادَ شَعْبٍ للجَميعِ ……(بِغَزّةِ)
مَنْ لَمْ يَمُت ْبالقنْصِ ماتَ بِغيرهِ
عَطَشٌ وَجوعٌ في العَراءِ ..… بِخَيْمَةِ
هذي الشّعوبُ بذي القوافِلِ أقسَمَتْ
لِتفُكَّ عن (غزّا)الحِصارَ....لِإخوَتي
أوَلا نُشارِكُ،كيْ نُعَزِّزَ قُوّةً
وَنَردَّ ضيْماً عَنْ بِلادِنَا، ……. عِزْوَتي؟
لا (النِّتنُ) يقدرُ أن يصُدَّ جموعَنا
لا تْرَمبُ يَقوَى على التّصدِّي لِوَحدَةِ!
حَيُّوا القوافِلَ والشُّعوبَ وردِّدوا
أللهُ ينصُرُ مَنْ يُعينُ ……….لِنُصْرَةِ !
عزيزة بشير
يعتبر الشعر سلاح الحالمين،يكتبون القصائد لتبقى خالدة بعد ان تفنى بقية الاسلحة فللكلمة وقعها على الانسان وطالما صنعت الكلمات زادا من القوة ليتحدى الانسان واقعه ويحوّل ضعفه قوة، الشعر مساحة للخلق،لصناعة الأمل،وتحدي الألم..والشعر زاد المبدعين ليحلموا ويعبروا عن ثوراتهم الداخلية وبالشعر تقول الشاعرة الفلسطينية أ-عزيزة بشير "لا شيء يضعفني" لانني أستحق الحياة..وبالإرادة يتحرر الإنسان من عقال الظلم..والظلام..
ختاما أقول : الشعر الفلسطيني المقاوم هو أكثر من مجرد أدب-هو سجل نضالي وذاكرة حية للشعب الفلسطيني.جمع بين الفن الثوري والعمق الإنساني،مستخدماً الغنائية والسخرية والرمز لتحدي الاحتلال وتأكيد الهوية.كما ظل عبر المراحل المختلفة صوتاً للصمود والأمل..
وسيظل صوت الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير مصدر إلهام للمقاومين في فلسطين وحول العالم..يشحذ الهمم،ويصقل العزائم ويبشر بغد مشرق تضاء فيه نجمة فلسطين عاليا في أفق النصر والتحرير..
محمد المحسن
*نبذة مقتضبة عن الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير :
عزيزة يونس بشير
مولودة في حيفا 1948 وبلدها الأصلي جنين/ اليامون.
أردنية الجنسية.
-الشهادات الجامعية :
*ليسانس آداب.قسم اللغة العربية 1974
*دراسات عليا دبلوم تربية / الأنروا-بيروت 1977
-المؤلفات-على سبيل الذكر لا الحصر :
1-الشعر ومسيرة التعليم سنة 1990
2-النحو في ظلال القرآن الكريم.سنة 1997
3-اللام في الميزان سنة 2007
4-الواو في كل واد ووهاد سنة 2007
5-تذليل عقبات مثيرة في لغة قرآننا الأخيرة.سنة 2013
6-أحاجي والغاز سنة 2013.
-وفي رصيدها أيضا عدد من الدواوين الشعرية.