الأربعاء، 28 أبريل 2021

*إشراق القلب* بقلم الأديب المختار المختاري 'الزاراتي'

 *إشراق القلب*

من نافذة تطلّ على قلب عصفور
طار من لسانه كلّ الذي تبق
من أمل في عناق وسادة العرق
وكان الليل
أغرق إشراقه الروح من أفق بعيد
أرساه النفق في عمري تقيّد بالحبّ مذ انطلق...
يا سيدة تئن في ظلمة الغرفة
أفيقي كأسي من غفلته
تجدين تحت النبيذ أشعارا
تنطق حنق الزمان
وحبق يورق في غسق
يشقّ نشوة القمر بما في أغاني القلق
من حزن يرقص حزنه في كل مواسم الشنق
لي فكرة.. ترسم على السماء أحرف الشوق
ولي في الصدى البحريّ
بقايا عشق لمطر تغسل الروح
من شبق الذكريات
لموت يتفق مع ما لا يتفق عليه القبر والكفن
فكيف سنتفق...
مع الذي فينا استنشق رائحة الغرق
في حطب كنّاه
ومازلنا نعيش تفاصيلنا في انتظار الحرق
يا سيدة أهلكت عشاقها
وأكملت هدم البيت بمعول الصمت...
أما حان وقت التحليق في المطلق
والانسياق خلف المشرق منّا في دفتر العشق
هات لي صوتي أرده لغمده
فأنا اكتفيت من الموت مع القطيع
وها أنا راحل إلى ذات أخرى
غير التي اعتاد الوقت تلقينها لعبة الذوق
ها أنا أقطف عمري من عمري
وأغمس نواره في قلبي الخارق
وأمضي الى مصير أحدد أسطره
وانتهي من مسرحيا الغرب والشرق
واعتق رقبة عصفور
من نافذة تطلّ على قلبه
ليطير من لسانه كلّ الذي تبق
من أمل في عناق وسادة العرق
و الليل الذي هنا
أغرق إشراقه الروح من أفق بعيد
أرساه النفق في عمري تقيّد بالحبّ مذ انطلق...
29/04/2021
المختار المختاري 'الزاراتي'


قصة قصيرة ( الأستاذة المتقاعدة) بقلم وهيبة بتشيم (الجزائر )

 قصة قصيرة ( الأستاذة المتقاعدة)

دخلت هبة الرحمان إلى قسمها المعتاد و الضوضاء تلف أوله و آخره ، بلسان من حكمة عم الصمت و أخذ كل تلميذ مكانه ...سجل أحد التلاميذ على السبورة نشاط النصوص الأدبية ، و الموضوع شعر الطبيعة في العصر الجاهلي. في قراءة واعية للنص قرأت الأستاذة بتمعن و طلبت من سلمى أن تقرأ ..قرأت سلمى بصوت مرتفع و معبر قالت لها : أحسنت بدأت الأسئلة حول فهم النص و كانت البنات كما تعودن الأكثر إسهاما في شرح النص و فرض حيوية و حياة على القسم .دق الجرس
فرح التلاميذ بانتهاء الحصة و هذا ما بدا على لمعان الفرحة من عيونهم . ذهبت هبة إلى قاعة الأساتذة لتتناول جرعة راحة تمكنها من إكمال ما تبقى من الحصص .فجأة دخلت عليهن الأستاذة هدى التي تقاعدت مؤخرا و قد امتلأت سرورا و راحة و رفاهية بعد إتمام مدة الخدمة ...استبشرت هبة لما رأتها و قالت : أهلا و سهلا بك ، كيف خطرنا على بالك اليوم وزرتنا قالت: اشتقت لكن و للأيام التي جمعتنا .كانت لدي أشغال قريبة من ثانويتنا أتممتها و قلت ماذا لو ملأت لحاظي منكن و ووقفنا على ذكرياتنا .من خبر إلى آخر حتى بادرتني بالسؤال : هبة هل أكملت إجراءات تقاعدك،قلت: نعم و الملف دفعته و الحمد لله،ردت:جيد، صبرا أختي ماهي إلا شهور و تنعمي بالراحة، خاصة أن هذا العام يبدو أن المرض تمكن منك و الوهن نسج زواياه على محياك .نعم أدعو من الله أن يعينني حتى أكمل عامي هذا . دق الجرس عدت لإكمال بقية الحصص.
بقيت هبة تعطي و لا تبخل تيسر ما هو عسير تقف و لا تجلس حتى تطمئن على ما تقدمه لأبنائها .و كان أفضل شيء بالنسبة لها أن تلتقي بتلاميذها على قارعة الطريق و يسلمون عليها و تسألهم عن مسار دراستهم .
غادرت هبة التعليم يوم أن قبل ملف تقاعدها ، و قابلت حياة جديدة لم تكن تعلم شيئا عن ما تخفيه ...فعلا حياة الفراغ بعد الفراغ من أعمال منزلية شاقة ، فراغ من حياة مليئة بحياة عطاء ، فراغ من برنامج لم يعد في الوجود ، فراغ من أصدقاء عمل تعودتهم و تعودوها
نعم مرت الأيام ثقيلة جدا و الأمر في ذلك التقت مع كورونا و الحجر الصحي و نتائجه النفسية الوخيمة ..
كم من مرة قلت في قرارة نفسي:أين الحكومة من هذا ؟لماذا لا تستثمر في مثل هذه الشريحة لبناء زهور المستقبل ؟....كم ركنت إلى العزلة ، و الصمت المطبق ، رأيت أن أكتب و اجعل قلمي يجري من نفسي مجرى الدم ، أو أصاحب الكتاب فأنهل منه ، و أشرح صدري بقراءة القرآن الكريم و فهم معانيه ...و أدعو الله ليتمكن حفظ القرآن من نفسي ...كانت المحاولات على قدم و ساق حتى يقبر الفراغ بملء إرادته و على يد هبة الرحمان .
كانت التجربة قاسية و نتائجها النفسية بحر لا خضم له ،لكن في الأفق الرحيل فسحة أمل لأن هبة ستقدم لإكمال دراستها الجامعية .
وهيبة بتشيم (الجزائر )

السقوط بقلم الكاتبة لطيفة البابوري

 السقوط

كيف لا تصدقها وهي إبنة قلبها، لقد أصبحت هي وأخوها كل حياتها مذ فقدت زوجها، لم تنس كيف قاطعها والدها واخوتها حين رفضت الزواج ثانية وقررت إكمال رسالة زوجها، حبيبها والوصول بابنائها إلى بر الأمان، و حين يئسوا من أمرها طالبوها بترك العمل حتى لا تلوكها السنة الناس، فهي صغيرة وعلى قدر من الجمال، لكنها تعنتت وتمسكت بإدارة حياتها كما رسمت لها لا ينقصها إلا غياب الزوج الذي راح ضحية تهور سائق مجنون....
لم تنس كم تعبت من أجل أبنائها، حتى حين كانت نفسها تراودها أنها صغيرة وتحتاج حضن رجل، تحتاج من يلقي عليها الثناء إذا تعبت، من يسهر عليها إذا مرضت، كانت تطرد هذه الهواجس من فكرها، كما نبهت على زميلاتها ان يكففن عن لعب دور الخاطبة كل يوم يقترحن عليها عريس، لقد حسمت أمرها، حياتها ملك لأولادها
كبرت البنت التي كانت منذ صغرها صعبة المراس، كثيرة الطلبات، على خلاف الإبن الذي كان يشفق على والدته، ويساعدها في كل شأن يتعلق بالبيت، كما أن طلباته كانت قليلة إن لم تكن نادرة....
تخرجت البنت من الجامعة، وبقيت تنتظر التعيين الذي طال، وهي لم تتعود على المكوث في البيت، لذلك فاتحت والدتها بأمر ذهابها إلى أحد المدن الساحلية لتعمل في احد النزل في مجال اختصاصها المحاسبات، رفضت الام وبشدة لكنها اخيرا رضخت للأمر بعد أن وعدتها البنت بالعودة اخر الأسبوع، والمحافظة على نفسها، وكان الأمر كذلك قرابة ستة أشهر، ثم ابتدأت أخبارها تنقطع، قلت،اتصالاتها، ما عادت تعود إلى البيت كل أسبوع، الاسبوع أصبح شهرا، والشهر أصبح أشهرا وكانت تتحجج بضغط العمل والموسم السياحي، حتى يئست الأم من انتظارها....اإلى أن أخبرها إبنها يوما وكان في قمة الغضب أن هناك فيديو إباحي يتداوله الشباب وان الفتاة تشبه اخته إلى حد كبير،، أسقط في يدها، اغمي عليها، ولولت مستحيل ابنتي لا تفعل ذلك حتى انها لزمت الفراش أياما، والابن يأكله الغيظ من ناحية ومن ناحية أخرى يشفق على والدته، التي قررت الذهاب والبحث عن ابنتها
قصدت النزل الفخم، تسأل عن ابنة ضالة، تحمل صورتها وتذرف دمع الخذلان، علمت انها اشتغلت في ذلك النزل قرابة ثلاثة أشهر ثم غادرت وانقطعت أخبارها.. خرجت تجر خيبتها، تقرع أذنيها كلمات والدها تحتاجين رجل يجابه معك الحياة، وشتائم اخوتها ستندمين يوم لا ينفع الندم.... لكن لا أبدا ابنتها لن تخذلها، لن تنس انها حرمت نفسها النوم والأكل لتوفر لها لباس المدرسة وثياب العيد، لتمسح دمعة ذرفتها يوما حين قالت انها اقل من صديقاتها، لا لا لن تخذلها ابنة قلبها..
لحق بها عامل بذلك النزل، رق لحالها وطلب منها ان تبحث عنها في ذلك الحي، أعطاها العنوان... يا الله لا بد انها تحلم، أخبرها أن ابنتها غرر بها احد العائدين من الخارج واغراها بالمال حتى تساعده في ترويج المخدرات على الشباب المقيمين في النزل، لكن اكتشف أمرها وطردها صاحب النزل لتلتحق بصديقها الذي أقنعها بضرورة كسب المال، المال الكثير، وسيتكفل هو بجلب الزبائن خاصة منهم الأجانب وسيقوم بحمايتها، رفضت في البداية لكن سرعان ما قبلت فهي خسرت كل شيء، ما عاد هناك ما تخشى فقده
ذهلت الأم لا لا، أكيد هو يخلط بينها وبين فتاة أخرى، صغيرتها لن تفرط في شرفها،لقد علمتها الصلاة مذ كانت في العاشرة، صحيح هي مقصرة، وربما تصلي رياء لكنها ربتها على الأخلاق
صدمت الأم من الفتاة التي فتحت لها الباب، أجل لا يمكن أن تكون ابنتها، ابنتها كانت بريئة وهذه التي تقف أمامها تشبه مومسات الخانات الرخيصة... هدتها الصدمة أمام صمت ابنتها وانكسارها، عادت إلى بيتها، لم تغادر غرفتها ولم تنطق بكلمة شخص الطبيب حالتها بأنها صدمة عصبية... كانت تهرب للنوم، كانت تهرب من الحياة حتى انها لم تنتبه إلى ابنها وهو يغادر في جوف الليل حاملا سكينا، اكيد لن يفجعها في ابنة قلبها سيجهز على ذلك القواد الذي سرق منهم الحياة.....
بقلمي
لطيفة البابوري
Peut être une illustration de intérieur

على هامش ذكرى غزوة بدر المباركة بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش ذكرى غزوة بدر المباركة:

إشراقات غزوة بدر..في أفق انتصارات المسلمين
تصدير :
"كم هو جدير بالأمة تعيش هذه الأيام المباركة -رمضان- كما تعيش حالات وأوضاعاً شتى يظهر فيها المد والجزر،والتفرق و الاختلاف،وتبرز فيها التحديات العظمى في صور شتى من أعدائها.كم هو جديرٌ بها أن تستلهم من تأريخها الدروس والعبر فيما عاشه المصطفى صلى الله عليه وسلم، من رمضانات كانت تبعث فيها السرايا،وتجهز الجيوش وتخاض المعارك" (اقتباس)
فاتقوا الله أيها المسلمون وراقبوه ولا تعصوه، فبتقوى الله سبحانه تحصل السعادة، وتطمئن القلوب،وتنشرح الصدور، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) [الطلاق: من الآية4].
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أن غزوة بدر الكبرى التي سطّر فيها المسلمون أروع انتصاراتهم وتحول فيها الإسلام من الهوان إلى القوة لها مكانة عظيمة حيث ذكر اسمها في القرآن الكريم ونزلت الملائكة على جبالها التي تحيط بها من كل اتجاه وفي جنباتها عاش الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم وكانت أسواقها أحد أشهر أسواق العرب وأحد مراكز تجمعهم للتبادل التجاري والمفاخرة قديماً.
هذه الغزوه الخالدة تعد فاتحة الانتصارات في شهر رمضان؛شهر الفتوحات والانتصارات والخيرات والتمكين.
في رمضان من القيم الإيمانية والمعاني السامية لمن شأنه أن يضيف للمسلمين صبرا لا ينقطع، وعزيمة لا تنفد وإقداماً لا حدود له.وما إن تذكر الأحداث المهمة في تاريخ المسلمين والتي حدثت في رمضان؛ فإن أول ما يحضر في بال كل مسلم غزوة بدر الكبرى ( عام 624م "17 رمضان في العام الثاني للهجرة النبوية الشريفة")،التي انتصر فيها المسلمون بقيادة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على جحافل الكفر وصناديد الباطل من قريش.
دلالات غزوة بدر الكبري :
سميت غزوة بدر الكبرى بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر وهي بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكَّة المكرمة والمدينة المنورة.
أسباب غزوة بدر :
تعد أولَ معركة للمسلمين ضد المشركين تعود إلى أن قريش كانت تعامل المسلمين بقسوة ووحشية فأذن الله للمسلمين بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة،لكن قريشاً استمرت في مصادرة أموال المسلمين ونهب ممتلكاتهم،وعلم النبي -صلَّى الله عليه وسلم -أن قافلة تجارية لقريش محملة بمختلف البضائع والأموال سوف تمرّ بالقرب من المدينة في طريق عودتها إلى مكة المكرمة قادمة من الشام وقرر أن يقابل المشركين بالمثل،ودارت بداية تفاصيلها عند محاولة المسلمين اعتراضَ تلك القافلة التي يقودها أبو سفيان ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة بتغيير خط سيرها،وأرسل رسولاً إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين.
وحيث أن المسلمين عند قدومهم نزلوا قرب كثيب الحنان في العدوة الدنيا،وكانت أرضاً واسعة محمية من جهاتها الثلاث،ثم انتقلوا بعد ذلك إلى موقع آخر وبنوا عريشاً من النخل في نفس المكان الذي يوجد في مسجد العريش حالياً نسبةً للموقع،وأمضى رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الليل يصلي ويتضرع إلى الله في نفس الموقع أن ينصر المؤمنين فأنزل الله سكينته عليهم,ثم بدأ القتال بين المسلمين والمشركين صباح يوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك.
وبلغ عدد المشركين في غزوة بدر 1000 مقاتل،مقابل 313 مقاتلا من المسلمين،وأمد الله المسلمين بمدد من الملائكة كما جاء في قولة تعالى: "وَلَقَدْ نَصَّرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِين بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِين"،واستمر القتال حتى ظهر ذلك اليوم وكتب الله النصر للمسلمين بعد أن استشهد منهم 14 رجلاً،وسقط من المشركين 70 قتيلاً وأُسر منهم 70،وهُزم الأعداء وغنم المسلمون غنائم كثيرة.
ولهذه الغزوة أهمية بالغة مع الانتصارات الكبيرة التي تحققت للمسلمين،بالإضافة للتأثيرات الإيجابية التي خلّفتها في نفوسهم،حيث رفعت من معنوياتهم وزادت في إيمانهم وقوت من شوكتهم وذاع صيتهم،وهزَّت كيان أعدائهم،وأصبحوا ينظرون إلى المسلمين على أنهم قوة لا يستهان بها.
وقائع وأحداث منقوشة في ذاكرة التاريخ الإسلامي :
ظهرت الخلافات في جيش المشركين بعد نجاة القافلة بين مريد للعودة دون قتال المسلمين حتى لا تكثر الثارات بين الطرفين،وبين مصر على القتال كأبي جهل،وقد غلب رأي أبي جهل أخيرًا،ولم يعد هدف قريش نجاة القافلة،بل تأديب المسلمين،وتأمين طرق التجارة،وإعلام العرب بقوة قريش وهيبتها.
إشراقات النصر..وتداعيات الهزيمة على نفوس المشركين:
كسب المسلمون مهارةً عسكريَّةً،وأساليبَ جديدةً في الحرب،وشهرةً واسعةً داخل الجزيرة العربيَّة، وخارجها. أمَّا قريش، فكانت خسارتها فادحةً، فإضافةً إلى أنَّ مقتل أبي جهل بن هشام، وأميَّة بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وغيرِهم من زعماء الكفر؛الَّذين كانوا من أشد القرشيِّين شجاعةً، وقوةً،وبأسًا لم يكن خسارةً حربيَّةً لقريشٍ فحسب،بل كان خسارةً معنويَّةً أيضًا؛ ذلك: أنَّ المدينة لم تعد تُهَدِّدُ تجارتَها فقط، بل أصبحت تهدِّد أيضًا سيادتها ونفوذها في الحجاز كلِّه.
وبذلك تعدُّ غزوة بدر رغم صغر حجمها معركة فاصلة في تاريخ الإسلام،ولذلك سماها الله عز وجل بيوم الفرقان،قال تعالى: {وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ} [الأنفال: 41]، ففرق بها سبحانه بين الحق والباطل؛فأعلى فيها كلمة الإيمان على كلمة الباطل،وأظهر دينه،ونصر نبيه وحزبه.
لقد عظمت غزوة بدر وانتصار المسلمين فيها من هيبة المسلمين في نفوس كفار قريش، ارتفعت الروح المعنوية عند المسلمين،و اهتزت هيبة قريش في الجزيرة العربية بأكملها، ودخل الشك في قلوب الكفار.
اللهم نصرك الذي وعدتنا..إنك سميع قريب..(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصرِهِم لَقَدِيرٌ،الَّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ, إلاَّ أَن يَقُولُوا رَبٌّنَا اللَّهُ وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ, لَهُدِّمَت صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيُّ عَزِيزٌ) (الحج:40).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،والحمد لله رب العالمين.
على سبيل الخاتمة :
في تجديد الذكريات تجد النفوس سلوتها، وتستذكر الأجيال تأريخها، وتأنس القلوب وهي تعيد النظر كرةً بعد أخرى في سير أمجادها وسجلات أبطالها، وتعظم هذه الذكريات وتزهو حين تكون ذكريات نصر وخير وفداء وبطولة،يتوجها شرف الزمان والرجال:
فالزمان: شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
والرجال: محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام من المهاجرين والأنصار –رضي الله عنهم وأرضاهم- خير القرون، وأزكى الأمم،وأبرُّ الأجيال.
والأمم جميعاً اعتادت على قراءة سيرة روادها، وقداسة قوادها وأبطالها، والنظر في سيرهم وحياتهم، والوقوف معها وقوفاً لا يكمن في روايات تتلى، أو قصص تروى، وإنما هو وقوف على عبرٍ ومواقف تبصر المسلم بتأريخه يأخذ منها العظة والعبرة في حياته وتأريخه، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف:111].
حسرتي الموجعة على أمجاد المسلمين التي سطرها السلف،وضيعها الخلف الذين شُغلوا بالشهوات والملهيات عن العمل لنصرة دينهم ورفعته.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].
وأرجو..أن يستفيقَ العرب والمسلمون من غفوتهم ويدركوا أن ليلهم أوغل في الدياجير..
محمد المحسن

على هامش الجنون الصهيوني المتدحرج بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش الجنون الصهيوني المتدحرج :

مساواة الصهيونية بالعنصرية.. في ظل الصراع العربي الإسرائيلي
"من باع فلسطين وأثرى بالله/ سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام/ومائدة الدول الكبرى؟ "(مظفر النواب)
لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور' الدولة الأم' بالنسبة لإسرائيل التي أسّست مشروعها الصهيوني على حساب المشروع الوطني الفلسطيني، وما تزال تجري فيها عمليات الاستيطان والاستيعاب حتى اليوم.
ماذا يعني هذا..؟
هذا يعني أنّ ‘وجود اسرائيل القوية' هو مصلحة أمريكية تتلاءم مع استمرار وبقاء المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ويساهم بشكل محوري في صياغة المعادلات السياسية في المنطقة لصالح واشنطن، ذلك أنّ القوّة العسكرية الإسرائيلية مكوّن أساسي من مكوّنات ميزان القوى الغربي على النطاق العالمي، لذا يقول الكاتب الإسرائيلي شمشون ايرلخ: ‘الواقع اننا أشبه من الناحية العملية بالشرطي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يتمثّل دورنا في العمل كعنصر ردع نشيط ضد من يعرّض حقول النفط للخطر'.
وهكذا تبلورت العلاقة بين أمريكا واسرائيل وغدت استراتيجية،خصوصا إثر توقيع اتفاق التعاون الإستراتيجي بين البلدين في الثمانينات، حيث لم يعد، نزلاء البيت الأبيض، في حاجة لإخفاء نوعية علاقاتهم مع اسرائيل مثلما كان الحال قبل حرب 67.ومن هنا نستشف طبيعة العلاقة البنيوية الإستراتيجية ذات النمط الخاص بين واشنطن وتل أبيب،بما يعزّز القول بأنّ اسرائيل مختلفة في تركيبتها السياسية، الاجتماعية والتاريخية عن باقي نظم المنطقة، باعتبارها بنية كولونيالية استيطانية، قامت غصبا عن إرادة شعوب المنطقة ومصالحها كنتيجة حتمية لتخطيط القوى الاستعمارية العالمية،
ولذا لم تتورّع الأمم المتحدة في أواخر عام 91 عن إلغاء قرار مثير للجدل يضع الصهيونية في موقع العنصرية، وقد جرى الإلغاء ‘بغياب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة وقت التصويت.. وبحضور مساعد وزير الخارجية الأمريكي زمنئذ لورنس ايفليرغر'. وهذا الطابع الدراماتيكي الذي اكتساه – الإلغاء- يعكس بوضوح متانة التحالف الأمريكي الإسرائيلي، ويبرهن على الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل، بما يلغي مصداقية الولايات المتحدة تجاه العرب، ولذا لا عجب أن يرحّب البيت الأبيض بإلغاء القرار بإصداره بيانا مذكّرا فيه بأن أمريكا ‘كانت قد رفضت القرار رقم (3379) منذ اعتماده لأنه يعتبر التطلعات القومية للشعب اليهودي ووجود اسرائيل القومي غير مشروعة'.
هذه التداعيات الدراماتيكية المؤلمة التي شهدها إلغاء القرار،قوبلت بالابتهاج الأمريكي من ناحية وبالذهول العربي من ناحية أخرى. ذلك أنّ العرب كانوا وقتئذ يرفعون شكاواهم للأمم المتحدة حول السلوك الإجرامي والعنصرية العمياء لإسرائيل بحق العرب، وقصفها العشوائي للجنوب اللبناني الذي كان على أشده أثناء التصويت، هذا في الوقت الذي رحّب فيه الجانب الأمريكي وعلى لسان مساعد وزير خارجيته لورنس ايفليرغر الذي تراءى له إلغاء القرار'شكلا إنسانيا راقيا ونفيا لإحدى آخر بقايا الحرب الباردة'.
وإذن؟
هل يكون الأمر مفاجئا إذا قلنا انّ اسرائيل هي الدولة الوحيدة بين أعضاء الأمم المتحدة التي ليست دولة لمواطنيها، بل لليهود حيثما وجدوا، وأنّ الفلسطينيين في الأراضي المحتلة يتعرضون يوميا للتمييز العنصري من قبل القانون الإسرائيلي،بما يعني أنّ إسرائيل أقامت في الأراضي العربية التي تحتلها منذ عام 67 نظاما عسكريا يعتبر أسوأ من نظام الفصل العنصري الذي عرفته جنوب افريقيا في السابق؟
لا ليس الأمر مفاجئا،ولذا سأضيف،مع تفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 وما تخللها من دماء فلسطينية أريقت ومازالت تراق بآلة الموت والاقتلاع، و'حيث لا تكافؤ بين الدبابة الإسرائيلية والحجر الفلسطيني، وبين الصمت العربي والصوت الفلسطيني المتصاعد في أفق المأساة، وما يكتنف هذا وذاك من صراع بين الحق ونقيضه وبين العدل وما يلغيه'، فإننا استيقظنا جميعا من غفوتنا المريحة لندرك من جديد أنّ اسرائيل في جوهرها دولة محتلة لها ممارسة المستعمر، وترفض بعناد شديد الاعتراف بحرية ووجود من سلبت أرضهم، ولقد تعرّى القمع الصهيوني الهستيري، الذي كشف الدّم الفلسطيني المراق بغزارة عن ‘وهم ديمقراطيته المتحضرة' وأسقط تبعا لذلك كل الأقنعة،فتوارت خلف تخوم الدّم،رموز الديمقراطية والاشتراكية والعلمانية التي تدثّر بها مؤسسو الصهيونية والمصفقون لها في الغرب،وتعرّت بالتالي اسرائيل باعتبارها آخر المستوطنات البيضاء في بداية القرن الواحد والعشرين،التي تسعى إلى حماية نقائها عن طريق نظام الأبارتهايد.
لذا، ألا يمكن القول والحال هذا،انّ السياسة الإسرائيلية العنصرية بحق الفلسطينيين هي سياسة نابعة من روح النزعة العنصرية للصهيونية، وتشكّل مخالفة كلية لنصوص القانون الدولي الذي تمّ وضعه والاتفاق عليه عالميا في إطار هيئة الأمم المتحدة، والذي من أهم هياكله ما يلي:
- ميثاق الأمم المتحدة، وبالخصوص الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه التي تجعل من بين مقاصد الأمم المتحدة تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا، والتشجيع على ذلك اطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء.
- اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/08/1949 المتعلقة بحماية المدنيين، وقد انضمت إسرائيل إلى هذه الاتفاقية بتاريخ 06/07/1951،وأقرّت الأمم المتحدة تطبيق الاتفاقية على الأراضي المحتلة.
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 10/12/1948.
- ملحق اتفاقية لاهاي الرابعة المؤرخة في 18/10/1907 المتعلقة بالقوانين والأعراف وقت الحرب.
ورغم هذه الهياكل التي ذكرناها،ورغم كل الشواهد الثابتة على عنصرية الصهيونية، فلقد ألغي القرار3379 وتمّت تبرئة الصهيونية من العنصرية وبأغلبية دولية مذهلة مثلما،في أواخر عام1991.
فماذا يعني هذا؟
ألا يعني أنّ هناك شروخا في الصرح العربي أثرت سلبا علينا جميعا أمام العالم! وأنّ الذين جعلوا من أمريكا وسادة ريش يهرولون إليها كلّما داهمهم السقوط، ما فتئت تجيئهم الخيبة من جديد؟
ألم نكتشف بعد قوّة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل بما يعني إبقاء الموقف مساندا ومدعّما للموقف الإسرائيلي! ألم ندرك أوّلا وأخيرا أنّ الانحياز الأمريكي السافر حيال تل أبيب يهدف في جوهره إلى إزالة كل ما من شأنه أن يضع (شرعية!) اسرائيل موضع شك ونقض، بعد أن تكاملت ملامح عنصريتها الكامنة فيها أصلا!
والسؤال الذس ينبت على حواشي الواقع :
أليس بإمكاننا الآن.. وهنا..أن نلج ذواتنا في إطار مراجعة شاملة لواقعنا الأليم علّنا نرمّم ثغراتنا السافرة،ذلك أنّ التجارب أثبتت بأنّ كل انتصار تحقّقه اسرائيل هو مقدمة دراماتيكية لخسائر عربية متلاحقة، في ظل معركة لاح طولها واستمرارها، وتعرّى طرفاها المضادان للعرب: الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية!؟
مادام الامر كذلك فإنّ سلام ‘الشجعان' لن يتم عمليا إلا وفقا لما ترومه إسرائيل ويرضي نزواتها العدوانية،وطالما أنّ الذين يصنعون القرار في تل أبيب هم في جوهرهم نظائر لأولئك الذين يصوغونه في أروقة البيت الأبيض،فإنّ اللوبي الصهيوني سيظل مسموع الكلمة وقادرا بدهاء منقطع النظير على التحكّم في اجراءات وطريقة التفاوض بين العرب واسرائيل، وسيتمكّن بالتالي من إلغاء أي قرار من شأنه المس بمصالح الدولة اليهودية..
أما آخر الكلام،فألم يجل في خاطر كل من الرئيس عباس،الذي ما زال يؤمن بالمفاوضات (العبثية!!!) وكبير مفاوضيه،الراحل عريقات (رحمه الله)،الذي يؤمن بأن"الحياة مفاوضات"،أن يفكر أن ذلك القرار الأممي الذي قضى قبل أكثر من أربعين عاماً باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية،والذي تم قبل عقدين ونيف إلغاؤه،قد أصبح ممكناً -في هذه الأيام الذي تتصاعد فيها أعمال الاحتلال وتوجهاته ونواياه العنصرية -العمل على إبرازه ووضعه على الواجهة،بغية تفعيله وإحيائه وإعادة الاعتبار له.
ويظل السؤال حافيا،عاريا ينخر شفيف الروح..
محمد المحسن

يَوْمُ الأسيرِ الفلسطينِيّ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 يَوْمُ الأسيرِ الفلسطينِيّ

ضاقَتْ عليْكَ بِضِفّةٍ وٍبِغَزّةٍ
قد ضيّقوها معْ كورونا
باحْتلالكْ!
في كلِّ يوْمٍ هجْمَةٌ وشَراسةٌ
ضَمٌّ لِأرضِكَ، قلْعُ أشجارٍ
وَزادوهُو دَمارَكْ!
قُمْ يا أخي، وانفُضْ غُـبارَكْ
قُـمْ يا أخي، وَأعِـدْ نَهـارَكْ
في كُلِّ يَـوْمٍ يَضْرِبونَ حِصارَهُـمْ
واليوْمَ ، زادوهو.... .. إسارَكْ !
أنّى تَكُـنْ ،سَيُلاحِقوكَ بِقَـيْدِهِـمْ
مَهْما فَعَـلْتَ سَيَهْدِمونَ
عليكَ دارَكْ !
وَإدارِي) أصْبَحَ صَرْعَـةً
وَسَيَقـْذِفـونَكَ نارَهُ ،
إنْ لَمْ تُـذِقْ صُهيونَ ،
نارَكْ.
إنْ لَمْ تَـقُـمْ ؛ تأْخُـذْهُ ثارَكْ!
هـذا الأسيرُ (بِيَوْمِـهِ)
بِمِعاهُ قـدْ خاضَ المَعارِكَ
واستَجارَكْ:
"أنَا في الإسارِ مُقَـيّـدٌ
وَمِعايَ لاتكْفي ؛ لِحَلِّ قضِيّتي
أوَلا تُجِيرُ أُخَيَّ مِنْ بَعْـدِ الإلهِ
مَنْ اسْتَجارَكَ ......
وَاستَخارَكْ "؟
عزيزة بشير