الاثنين، 10 أبريل 2023

مقالات في رمضان ـــــــ عبد الكريم احمد الزيدي


 مقالات في رمضان

الزكاة في الاسلام ..
..............................
الزكاة بمعناها هي التصدق بالمال ، وهي حصة من المال ونحوه يوجب الشرع ادائها للفقراء ونحوهم بشروط خاصة ، والزكاة لغةً ، هي مصدر ( زكّا ) الشيء اذا نما وزاد بمعنى البركة والنماء والطهارة والصلاح ، وهي الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله للمستحقين ومعناها قد يفهم بالصدقة كما جاء في قوله تعالى " خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ، وصلّ عليهم ان صلاتك سكن لهم " وقال الصادق المصدوق في الحديث الشريف " الصدقة برهان " .
لقد جاءت الزكاة في اول البعثة النبوية الشريفة تطوعا وبصورتها الخيرية ولم ترد بفعل الامر الدال على الفرض والوجوب باعتبارها جزءا من عقيدة الاسلام والايمان وهي الصفة الملازمة للمؤمنين والمتقين والمحسنين وان تركها لهي صفة من الشرك بقوله تعالى " الذين لا يؤتون الزكاة " الا ان الامر تغير بعد الهجرة النبوية فنزلت آيات كريمات بينات اكدت وجوب الزكاة وبعض احكامها بقوله تعالى " وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة " ، والزكاة واجبة على المسلم ولا يطالب بها سواه او تكون دينا في ذمته وهي واجبة في مال الصبي والمجنون باعتبارها حق يتعلق بالمال فلا يسقط بالصغر او الجنون .
والزكاة تجب على الذهب والفضة ، بقوله تعالى " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم " وتجب ايضا على الزروع والثمار ، بقوله تعالى " كلوا من ثمره اذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده " ، كذلك الكسب من تجارة وغيرها بقوله تعالى " يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم " كذلك الخارج من الارض من معدن وغيره ، بقوله تعالى " ومما اخرجنا لكم من الارض " ، والمال عند العرب لا يشمل النقود كما في وقتنا وانما كل ما يقتنيه الانسان ويمتلكه نحو الابل والبقر والغنم والضياع والنخيل ، كذلك الذهب والفضة والمال الذي يمكن حيازته والانتفاع به على وجه محدود .
ويشترط في المال الذي توجب زكاته ان يكون المال مال الله وهو صاحب المال الحقيقي ومالكه بقوله تعالى " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " والمعنى هنا ان العبد انما الحيازة والتصرف في مال الله ، كذلك المال النامي الذي يتضاعف فهو وعاء للزكاة بخلاف المال الذي نماؤه محدودا وضعيفا فقد عفي عنه تحقيقا وتشجيعا لاصحابه ، وان يبلغ النصاب اي مقدارا محددا يوجب زكاته ، فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صل الله عليه وسلم باعفاء مادون الخمس من الابل والاربعين من الغنم ، فليس فيهما زكاة وما دون مئتي درهم من النقود الفضية ( الورق) وما دون خمسة اوسق من الحبوب والثمار والحاصلات الزراعية ، والنصاب من الاموال ما يعادل (86) غراما من الذهب ولا تجب الزكاة في حلي الزينة للمرأة او سكن المسلم ولو كان قصرا ولا وسيلة مواصلات وتعفى الالات في المصانع ومعدات الورش ، فقد جعل الله سبحانه وتعالى في حكمته وعاء الانفاق ما زاد عن الكفاف وما زاد عن الحاجة ولا يختلف في الحول الذي معناه ان يمر على المال في ملك المالك اثنا عشر شهرا عربيا وهو مشروط للنقود والانعام .
اما الزروع والثمار والعسل والمستخرج من معادن وكنوز فلا يشترط لها حول وهو ما يمكن ان يدخل تحت اسم زكاة الدخل ، ولتدبر قول الله تعالى " خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " فان الزكاة تحقق التكافل بين الناس باعتبارهم متفاوتون في المقدرة وتحصيل الرزق بقول الله سبحانه وتعالى " والله فضل بعضكم على بعض في الرزق " فهي تبين صفة الرحمة والمودة للضعيف والشعور بِهِ وتعطي السعادة والرضى للمعطي والآخذ فيحس بعطاء الاخرين ويشعر بسعادة الزكاة التي تسد خلته .
والزكاة الركن الثالث من اركان الاسلام بعد الشهادتين والصلاة ، والتي ثبت وجوبها في الكتاب والسنة وقد فرضت لثمانية اصناف ، هم الفقراء والمساكين ، والعاملون عليها الذين يقومون باستحصال وحفظ وتوزيع اموال الزكاة الذين ليس لديهم راتب من الدولة ، والمؤلفة قلوبهم وهم السادة المطاعون في اقوامهم ، وفي الرقاب وهم الرقيق والعبيد فيعطون لفك رقابهم ، والغارمون وهم اصحاب الديون ( المدينون ) ، وفي سبيل الله وهم المقاتلون والمجاهدون ، وابن السبيل وهو المسافر الذي انقطع عن بلده وليس لديه مال يكفي لايصاله وعودته .
وما يهمنا في هذا المقال ونحن في شهر الطاعة والغفران والعمل الصالح هي زكاة الفطر ، وهي زكاة للابدان ، صدقة معلومة بمقدار معلوم وتجب بالفطر من رمضان ، طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، وقيل ان زكاة الفطر هي زكاة مرتبطة بالابدان اي بالشخص وليس المال كما جاء في الحديث الشريف " زكاة الفطر من رمضان على الحر والعبد والذكر والانثى والصغير والكبير " وهي مفروضة على كل من شهد رمضان حتى وان لم يكن مكلف بالصيام ، ومن امتلك ما يزيد عن حاجته وحاجة من يعوله في يوم العيد ، وقد فرضها رسول الله صل الله عليه وسلم في رمضان صاعا من تمر او صاعا من شعير على المسلمين ، ولا تعطى الا للفقراء والمساكين والذين لا يملكون كفايتهم في يوم العيد وهي من غالب قوت او طعام البلد ، ويستحب اخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد وله ان يعطيها للساعي قبل ذلك بيوم او يومين ، وهي شعيرة من شعائر يوم العيد تصبح صدقة من الصدقات لو تم ادائها بعد صلاة العيد .
وانّا ان نخاف الاجتهاد في ما شرع في زكاة الفطر هذه ، نجد بان اخراجها مالاً بما يسع المسلم في ادائه عن نفسه ومن يعيلهم لهي افضل من القوت والطعام الذي قد يختلف فيه الكثيرين نوعا وكما ولربما يستطيع الفقير او المسكين ان يؤمن بهذا المال ما يدخل السرور والبهجة الى اهله فيشتري بهذا المال ما يحسبه خيرا من طعام او ملبس او حاجة يفرح بها في العيد ، ولربما تم اداء المال لهذه الزكاة حسب مقدرة المسلم فيزيد ويقدر على حسب ما يملك مستشهدا بقول الله تعالى ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها " ، اما توقيت زكاة الفطر فالافضل على قول الكثيرين من العلماء ان تكون بوقت كاف قبل صلاة العيد توفر للفقير والمسكين ما يؤمن من وقت في شراء او اقتناء ما يحتاجه من طعام او ملبس .
نفعنا الله بما علمنا وهو اعلم بالقول ، وتقبل منا ومنكم شهر رمضان الكريم ووفقنا فيه لطاعته وابتغاء مرضاته ، واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
..................................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بَغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق