السبت، 14 يناير 2023

خاطرة.. / دفء في بلاد الثلج بقلم الكاتبة ليلى المرّاني/ من العراق

خاطرة.. / دفء في بلاد الثلج
ليلى المرّاني/ من العراق
مشهدٌ لا زلت أذكره، يبعث في قلبي الفرح، وشيئاً من المواساة، يخفّف شعور الغربة وصقيع البرد الذي يتغلغل بلؤمٍ في عظامي..!
كنّا في زيارة لمدينةٍ في السويد، بعد تجوالٍ طويل، جلسنا في الباحة الخارجية لأحد المطاعم لنتناول الطعام، إلى جانبنا رجل سويدي مسنّ، ينظر نحونا بين حين وآخر، ثم يغطّ في نومه.. شابّة أفريقية ضخمة وصديقها يجلسان على مسافة أمتار منّا، تلتهم سندويچاً كبيرا وصديقها يلفّ ذراعه حولها.. ثمة شاب يعمل على الآي پاد، وآخر وصديقته منهمكان بحديث يبدو عاطفيّاً من تلاقي رأسيهما، يوشوشان..
أحسسنا دفئاً ، رغم برودة الجو، حين انطلقت إحدى الصديقات تغنّي بصوتٍ خفيض، أغنيةً عراقية قديمة.. حملنا الحنين قويّا، عميقاً إلى أرض النخيل والشمس والقمر.. رافقتها أخرى.. وثالثة، وشاركنا جميعاً في الغناء..
" يا نبعة الريحان حنّي على الولهان حنّي على الولهان
جسمي نحل والروح ذابت وعظمي بان ذابت وعظمي بان..."
علا الصوت قليلاً، وأصبح الهمس بوحاً مسموعاً، فتح المسنّ عينيه، وابتسم.. فجأةً ثارت الشابة الأفريقية، وأخذت ترطن بالإنگليزية، معربةًعن استيائها، فقد نغّصنا عليها شهيّتها واستمتاعها بالأكل..!
أصابنا الذهول والخرس..!
هتف الشاب الوسيم الذي كان يعمل على الآي پاد،" أرجوكم، استمرّوا.."
كان عراقيّاً، وانطلق صوته عميقاً، قويًّا كالشلّال.. " فوگ النخل فوگ فوگ يابه فوگ النخل فوگ
مدري لمع خدّه يابه مدري الگمر فوگ
والله ما ريده باليني بلوة..."
رافقه الشاب الآخر.. ثم صديقته الشابة الجميلة، ووجدنا أنفسنا نشاركهم الغناء.. الشاب الأفريقي أصابه الحماس هو الآخر.. أخذ يضحك بجذل، ويصفِّق، ثم دار دورتين حول صديقته الأفريقيّة وأخذ يرقص منتشياً..
بغضبٍ شديد، حملت نفسها وطعامها وانسحبت، لاعنةً صديقها الذي خذلها..! ضحكنا.. وضحك هو..
نهض الشاب العراقيّ الوسيم، وبكلّ نبل العراق وطيبته، تناول يد صديقتي وقبّلها شاكراً.. غمرنا شعورٌ بالدفء والانتماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق