الأحد، 8 يناير 2023

حروف في مهب الوجع بقلم الكاتبة هالة بن عامر تونس

 حروف في مهب الوجع

واقفة ..
صامتة ..
مكبلة بأصفاد العناد
أسيرة
مطيعة
صغيرة
تراقص بنظرتها البريئة السطور
تراود الحبر الملطخ
بين ذكريات الوهن والرفوف
الحروف أضناها التعب
تقتات من شمعة وبخور
تنهش بقايا حظ انتحر
تتمايل على نغم معزوف
على اغنية المقابر
أمام عنوان مفقود
أطلقت العنان للهواية
رسمة من وحي لحظة فارقة
أمسكت الريشة
مزجت الألوان
جميعها اكتست بلون الأحزان
بين الأسود والبني الداكن
رسمت ابتسامة الموت
بأنف حاد متعجرف
وعيون حوراء
تنزل من جفنها قطرات دم
من الؤلؤ والمرجان الأسود
لا وجود للون أحمر بين طيات الوجع
شعر كثيف بني طويل ربما هو أسود
يتطاير
يلامس ألا شيء
يستجدي حياة العدم
ليعانق ماتبقى من الألم
تعبث به رياح قوية تقتلع السكينة
من جوف رأس مستطيل ربما هو يميل
لوجه ساعة حائطية معطلة
عقاربها شاخت ماتت تحنطت بين الأرقام
خصلات مجعدة ممزقة تالفة
بصيص من نور خافت
يتراءى من خلف ظل رمادي
كأنها شمس وقت الغروب
أو هو القمر بعيد ..بعيد
كانه طائر شريد
او ماتبقى من بياض ورقة الرسم
خصلات كانها أوراق شجرة لعوب
ارهقها الخريف
تعرت
تجمدت
نادت بأعلى صوتها
هل من ربيع قادم
أم ان الربيع وهم قاصر
امسكت بالألوان
واحتضنت ريشتها
بخوف
ولهفة
برعشة
غفت وهي ...
تبحث عن الأمان
افاقت مذعورة
بعد صحوة نعاس مفتعل
وركوب على صهوة كابوس مقتدر
عادت تراقب الحروف في ذهول
غادرت الرسم والحلم والخريف
عادت تسترق السمع
النغم يبكي من جديد
الحروف تجادل
تسأل
تجيب
مرساة الحلم والغرق
قارب مثقوب ينجو
والرحلة
على متن فضاء أزرق
يميل للسواد
سماء هي
أم بحر من سراب
الحروف ليست ثابتة
تترنح
تتمايل
تتأرجح
تئن بصمت الصابرين
المجروحين
المفقودين
التائهين
وقفت شاردة
النغم ..
يشكي
يشكو من وجع عجيب
يبكي
مغترب بين الات العزف
كأنه تائه
لا يشبه أي نغم
ولا حتى قافية تأبين
كأنه انبعث من جوف حرف مسحور
مسحت من اعينها غبار الزمن
ابتسمت للحروف
لوحت لرسمتها ...
لحلمها القاتم
لألوان الموت الظالم
صدى ضحكة طويلة
عانقت جدران الخيبة
احتضنتها سراديب الخذلان
ايقنت ان الرسم بحاجة لألوان
وان الحرف ريشة فنان
استسلمت
ارتخت جميع اوصالها
لبست كعبها العالي
تأنقت
تعطرت
تبرجت
ثم قررت ان ترقص
دون خبرة
دون خوف ولا من حكم بليد
دون تردد
دون ان تفقد كبرياءها
ولا على الأنثى تحيد
قررت
نفذت
كان ....
وداعها أخير
بقلم هالة بن عامر تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق