السبت، 12 نوفمبر 2022

( المعطف) بقلم د. عمر أحمد العلوش

 ( المعطف)

الساعة نافت عن الواحدة بعد منتصف الليل ، غادرا ذلك المقهى المركون على سفح جبل،الناظر اليه من بعد يخشى من أن يهوي في سحيق الوادي،كانت متثاقلة بمشيتها ونشوة المكان ملئت صدرها نعيماً .
خارج المكان عالم آخر ، سطوع الأضواء مختلف ، فلا ضجيج ولا موسيقا ، البرد القارس يلفها ، ، عطرها ينسحب خلفها شلالاً من نعيم ، المطر ببروته يطفئ حرارة وجهها،مطر أغرق شعرها بل أغرقها .
طلبت أن ترتدي معطفه ، بعد أن بدت كعصفور سقط ببركة ماء و لا يجيد الطيران ، نزع معطفه ، وعلى كتفيها أحتضن ذلك المعطف الجنة .
ثبتَ لها أحد أزرار المعطف من الأعلى ، وهي تردد بصوت خافتٍ جداً ، كأنه الهمس ، مفعمٍ بالرقة ، تردد أغنية تقول كلماتها :
( أهرب من قلبي أروح على فين
ليالينا الحلوة في كل مكان
مليناها حب إحنا الإثنين
ومالينا الدنيا أمل أمل
أمل و حنان؟ )
ثم أجهشت بالبكاء ، وكأنها تفتقد عمراً بلحظة ،إستقلت سيارتها الجاثمة بالقمة هناك من ذلك المكان و سألته من خلال
نافذة السيارة ، قد ارتديت معطفك فأين معطفي ؟ ، أجاب أنها بقي على مقعدها في ذلك المقهى ، توجه لإحضاره فوجد إمرأة أخرى ترتديه .
عاد ليخبرها أن معطفها ليس هناك ، ليجدها قد سبقته بهدوء تنحدر بسيارتها ، إشارت له أن يتبعها،تذكر هنا أن كل ما يملك من أوراق تثبت شخصيته قد بقيت بمعطفه حتى عقد التأمين على الحياة بقي هناك .
استقل سيارته وتبعها...وتبعها..ولليوم ما وجدها ، هي نسيت معطفها فأسدل عليها معطفه ، فما عرف دفئاً ، ولا هي وجدت معطفها .
د. عمر أحمد العلوش
Peut être une image de 1 personne

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق