السبت، 12 نوفمبر 2022

من هدي النبوة تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن

 بسم الله الرحمن الرحيم

من هدي النبوة
{{...عيد الهالون من جُحْرَ ضَبٍّ ...}}
فَشَا داء الأمم بيننا من قبل مروجي الأعياد الوثنية "الهالون" أسرع من الحريق له دخان تنبعث منه رائحة النفايات الكريهة، وأشكال مريبة ومقززة مقرفة كأنها رؤوس الشياطين وحركات جنونية مختلطة إباحية ما هي "... إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ"35 سورة الأنفال،
بعد هذا الفساد والفوضى الغير أخلاقية في زماننا هذا الذي لم يترك شاردة أو واردة إلا سلكها دون أن يفطن ما حل في الأمم السابقة من العذاب ، ومن حكم أبو العلاء المعري :-
وَالْأَرْضُ لِلطُّوفَانِ مُشْتَاقَةٌ... لَعَلَّهَا مِنْ دَرَنٍ تُغْسَلُ
تميزت هذه الأمة عن باقي الأمم في منهجها الرباني القرآني فمن صفاتها الوسطية والاعتدال والتروي والتأني والتفكر والابتعاد عن صفات الشطط والخروج على غير المعهود.........
فلكل أمة ميزة خاصة بها قال الله تعالى "... كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" الأنعام108
لنعد للتنبيه والتوجيه النبوي ففي الحديث الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :-
لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا ***
وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ***
حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ***
قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ؟؟؟}}}}}}
صورة تتجدد ونصيحة أبدية وتنبيه مقصود ونصيحة باقية راقية والوقوع فيها مخالفة ربانية وانتكاسة اجتماعية وتراجع وتقليد أعمى وتشبيه أَسْوَء ومقارنة بين مفضول ومرذول وشريف ومشروف.........
فهذا الحديث نبوءة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم يتحدث فيه عن واقع هذه الأمة الآن.
فالمقارنة والتشبيه عجيب ولفتة كريمة منه صلى الله عليه وسلم بناء على قول الله تعالى "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" فلا يتنازل الإنسان عن فكره وكرامته وهيبته أقل مستوى من بعض المخلوقات فالضب معروف لدى أهل البادية وسكان الصحراء والذي لا يعرفه كثير من أهل الحضر إلا بالبحث والتقصي عنه في بطون الكتب من خلال صوره وما يتعلق بحياته وصفاته...
أنظر هذا المخلوق الذي ورد ذكره في الحديث، فالضَبّ حيوان من جنس الزَّواحف جسمه خَشِن غليظ له ذَنَب عَرِيض كَثِيرِ العُقَدِ ومنه قيل أعقد من ذَنَب الضَّبّ، أو رَجُلٌ خَبٌّ ضَبٌّ أي مُرَاوِغٌ...وفي قَلْبِهِ ضَبٌّ أي حِقْدٌ .... بعض هذه الصفات توضح معاني الحديث...
ننتقل للوصف الثاني الوارد في الحديث عن جحر الضب وهو مكان إقامته وسكناه في جُحْر والجحر هو كل شيء تَحْتَفِرُه الهَوامُّ والسباع في باطن الأرض تحتمي به.......
أما لماذا جحر الضب بالذات قيل أن المخلوقات بفطرتها تتخذ أكثر من منفذ ومخرج للهروب من جحورها للنجاة إذا حوصرت باستثناء الضب له مدخل ومخرج واحد مما يسبب أذيته وعفنه ورائحته ورداءته وبقاء قاذورته في جحره .... وبهذا أتضحت بعض صور التشبيه فيما بين المشبه والمشبه به، فهي حالة منفرة ومقززة ومستقبحة ،،،
فإظهار الصورة من أجل الحذر من قرب المنهي عنه وصفاته ،فلا ينخدع الإنسان بالمظاهر المزيفة والتصرفات الغريبة المذمومة....فحذرهم الحديث حذرا شديدا، حتى لا يقع الإنسان في مغبة الوهن والضعف والتقليد الأعمى...
وبذلك جاء البيان النبوي في صورة رسم بياني تصاعدي في التتبع غير مدروس" لتتبعن سنن من كان قبلكم" في خطوات متقاربة قدم أثر قدم ،دقة في الوصف والتوصيف في المتابعة دون تفكير، وكأنك تنظر الحركات وعدم ترك الفجوات في تقليد تلك الأمم في عاداتها وصفاتها دون ورع أو حسبان أو حساب...وهذا هو التقليد لمجرد التقليد، وموافقة العبيد للعبيد؟؟؟
عندها أستغرب الصحابة وورد السؤال؟" قالوا فمن؟ استفهام إنكاري، ومعناه فمن هم غير أولئك "اليهود والنصارى" فكل أمة لها خصائصها وميزاتها وتقاليدها وأعرافها وعاداتها...
فكما أوردنا سابقا أن هذه الأمة لها خصائص ورسالة وتوجهات وتوجيهات ربانية ورسول خاتم الأنبياء ونواهي وأوامر وأحكام..... فلا يصح بأي وجه من الوجوه ترك ما عليه هذه الأمة من تعاليم وأتباع سنن الأمم المنهي عنها في الكتاب والسنة .
وإلا ستصل الأمة لمرحلة تعيش بدون هوية وعقيدة في تخبط وتلبط وضياع كمن يعشق جحر الضب على ما هو عليه تلك الأمم، فلا ترضى أن تتنازل عن عقيدتك وصفاتك وخصائصك وأعرافك وتقاليدك وعاداتك الحميدة التي تتمشى مع دينك وكيانك كمسلم....وهذا لا يعني خصومة الآخرين ولا بغضهم ولا احتقارهم ولا معاداتهم، هذا هو مبدأ الإسلام يرفع من كرمة الإنسان بالعقل والفكر والرقي الأخلاقي لا السقوط والانحدار نحو الأسوأ والتصرفات المشينة المهينة . تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق