لم أعد ألاحظ إشراقة صباحي،و لا صوت فيروز المنبعث من الراديو، حتى فنجان قهوتي لم أعد ألاحظ مرارته، كل الأشكال، و الألوان متشابهة، الحزن يكسو الأغصان، الجدران، الأبواب و مصابيح الغرف، الكل بائس أراه، لا أدري ما الذي يحصل لي، أ هي حاستي السادسة تنبئني بوقوع الأسوء أم أن هذا الطقس الشتوي الذي يبسط جناحيه من حولي يجعلني منقبضة القلب؟؟؟ وقفت بالنافذة اراقب حركة السير بالشارع، إني أراهم مجرد نقاط سوداء تتحرك هنا و هناك، بينما الرياح الهوجاء تعصف بأفكاري التي شوشت فكري، قد حملتني العاصفة دون مقاومة إلى زمن عقارب ساعته مفككة كأنني مجرد ذرة تراب، كنت بالهواء أقف لوحدي، لا سماء مرفوعة و لا أرض مبسوطة، كنت كقطعة مثلجة لا أشعر بدفء دمي، كل الطرقات متشابكة، رحت أمشي و أمشي و أنا لا أعي بنفسي، إلى أن أحسست بدوار، ثم أغمي علي، فتحت عيني، كان جسمي ثقيلا، حاولت لملمة نفسي، بينما كانت كل الملامح من حولي مشفرة، الضباب يكسو المكان، لا شيء مألوف في نظري، اتجهت نحو النافذة لأستطلع الأمر، رأيته يلهو مع اترابه بكرات الثلج، فجأة انزلقت ساقه و سقط، و دون أن أشعر ناديته: بني، يا بني هل انت بخير؟ كنت هناك بنافذة غرفتي، ثم لوح لي بيديه مبتسما : أنا بخير يا أمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق