" خالط من النّاس رجالها، حتّى كي يغيب المال تحضر أفعالها"
هو مثل تونسيّ، ومعنى الكلمات فيه هو " خالط من النّاس الرّجال أي أصحاب الشّهامة والكرامة بغظّ النّظر عن الجنس فإذا ما غابت أموالهم حضرت أفعالهم " وهو أيضا عصارة خبرة النّاس من خلال خوضها معتركات الحياة والتّفاعل مع غيرهم ضمن وضعيّات اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة مختلفة ومتنوّعة. أي نعم قد تكون خلاصة تجربة في مجال اجتماعيّ بحت،أو مجال اقتصاديّ بحت، أو ربّما سياسيّ بحت، لكنّ طبيعة النّاس قد تنكشف حقيقتها من خلال سلوكهم أثناء الممارسة وليس أثناء الكلام. إذ الحياة ممارسة ومغالبة في أوجه عديدة والخطى الّتي نتّخذها تجعلنا نلتقي بمن تتقاطع معهم أهدافنا أو غيرهم ممّن لا نتقاطع معهم في المصالح الشّخصيّة. خلال التّجربة وتكرار التّجربة تختلف تفاعلات النّاس معك في محاولتك لتحقيق ما تصبو إليه. الرّجل الحقيقيّ والمرأة الحقيقيّة هما اللّذان لا يتغيّر سلوكهما تجاهك مهما كانت وجهتك حتّى وإن تقاطعت معهما في الهدف أو المصلحة فأولئك سيعتبرون الاشتراك في شيء ما نعمة وقوّة. نعمة لأنّ التّعاون مع أحد ما أو مجموعة في انجاز مشترك يعني بالضّرورة التّشارك في التّخطيط، وفي الاحساس، في المتابعة وفي تحمّل المسؤوليّة وبذلك تقوى حظوظ النّجاح . وقوّة لأنّ في الاتّحاد متانة، والاجتماع حول شيء ما يذلّل الصّعوبات الّتي قد تظهر في أيّ مرحلة من مراحل الانجاز ويقلّل إمكانيّة الفشل فرأيان خير من رأي واحد وإقناع طرف من الأطراف بصحّة أو عدم صحّة الطّريق ممكن لأنّ النّيّة متّجهة نحو الاشتراك وعندها ينكبّ الكلّ على انجاز هدف موحّد كلّ من موقعه فيسهل الانجاز ويختصر الطّريق في التّطبيق. من جهة أخرى قد لا تتقاطع مصالحك الخاصّة مع خواصّ آخرين اتجهوا إلى مصلحة أخرى، فلأنّهم تأصّلوا عل الشّهامة والكرامة، ستجدهم يساعدون ويؤازرون فالأمر يعنيهم بالضّرورة لأنّ الخير إذا ما حلّ بفرد سينال منه البقيّة تحقيقا لمثل تونسيّ آخر وهو " أذا أمطرت في مكان سعدت المناطق الأخرى " . فترى الشّهم والكريم يتدخّل ويعاون غيره بغظّ النّظر إن كانت له مصلحة خاصّة أو لم تكن له مصلحة ذاتيّة، وهذا المعنى الصّحيح للرّجولة. يتابعون مصالحهم ويجدّون في تحقيقها ولا يضرّون بمصالح الآخرين بل بالعكس يجتهدون أحيانا في وصول أصحابها إليها، فتحقيق أيّ مصلحة في مكان وزمان معيّنين يفيد صاحبها ومحيطه في الآن نفسه.
رشدي الخميري/جندوبة/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق