ها قد سافرت مهجة الرّوح..عبر مخمل الرّيح..
الإهداء: إلى أمّي التي أنجبتني في عتمات الفصول..وشمخت فوق زخّات العذاب..حين أتاها الذبول..
..يا إلاهي..تموت التي وهبت قمحها للغيم
وأطعمت من حليب اللوز..
صبايا مرّ على نضجهن..
نصف قرن ونيف..
هكذا هي أمّي..
كلّما انهمر الغيم..وجْدا..
وتشظّت مرايا المساء..
خبّأت ودائعها..في كفّة الرّيح
وشدّت على وجع..
بحجم السماء..
ثم قالت..
"لا تخف يا محمد"..
لك مقعد على بساط المدى..
ووتد تلتفّ من حوله..كل الثنايا
لك مفاتيح الفصول..قلب جميل..
وأمّ بهيّة..
تؤجج..إذا حاصرك السّيل..
جمر العشايا..
لك إشراق البراري..
وخيطان..من مطر
وشوق يضيء في شعاب الهدى..
لك نرجس الرّوح يتفتّح عشقا ..
بين شقوق المرايا..
فلا توغل في الدّمع..
و"لا تحمل مشكاة الحزن..على عاتق الليل"
ستبصر وجهي..خلف تخوم الصدى
يضيء في غلس الظلمة..
ولا تصغ لعويل الصّمت..
فلا شيء أشدّ بهاءً..من الموت
ولا تكن طيرا..أضاع بلا سبب
عشبةَ البحر
وحلّق في فجاج الكون
علّ تجود الفصول
بما وعدته الرؤى..
درْ على هدأة البحر
ولا تترك بقايا دموع على الجفن
ولي أنّني خائفة..
لحظتان..ودمعة
عينايَ لا تبصران
إلى أين تمضي الرّوح
في مثل هذا الصّمت العظيم..؟!
إنّي أرى من بعيد..
طائرا يقتات من مهجة الليل..
يمتشق غيمة للهدى..
ويمضي بي..إلى لجّة الغيم
حيث سديم الصّمت
واختلاج الحنايا..
كن صبورا..مثل أبيك تمامَا..إذا ما ظُلِمتَ
وديعا كزهرة لوز..إذا ما صفحتَ..
وإن كان لا بد من حلم
"على قدر حلمك تمشي"
لئلا يباغتك الليل..
في منعطف للثنايا..
كن عند وعدك..فما خنتَ وعدا
وما هدّك اللّيل
ولا بعثرتك المنايا..
هي ذي وصيتي من الآن..
لا تخنها
فروحي تظلّ..ترفرف من حولك
تضيء..وتخبو..
ثم تحطّ على نرجس القلب..
كي ترسمَ..خلف الشغاف هيئة نورس
وتسافر عبر مخمل الرّيح
فتظلّ تهفو إلى طيفي
وتكتب فوق جدار السديم
وصايا..لا تُجتَبَى..
ويبقى نسيم الأمومة..
ينضح من شقوق المرايا
وبين الضلوع نجمة..
يلهِب نورها..في غمرات البنفسج
عطر العشايا..
"ابق المصابيح..
مضاءة في فيض الليالي..وفيضي
مصالحة بين نور السماوات..
ونومي"
واسأل عن غيمة..
راقصت الرّوح في زمن الجدب..
ثم توارت خلف برزخ للهدى
ولا تسل أحدا حين يداهمك الليل:
ترى..هل أتى طيف أمّي..!؟
فذاك سؤال عليل..
سيمضي سدى
وسَل دون ريب : من أين تأتي الهدى..؟
وكيف سيُنسَف هذا الضلال
وتُرسَم فوق سطوح الرّوح..
ملامح وجه توارى..وظلّ نشيجا
في فيض الدجى..؟؟
محمد المحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق