الاثنين، 22 أبريل 2024

أضواء غارقة في العتمة ـــــــــ محمد مجيد حسين


 أضواء غارقة في العتمة

قراءة انطباعية شائكة لعالم المبدعة مرشدة جاويش حيث تستمد زهور عنفوانها من حركة الأشواك وحرارة العناق بين العشاق الأزليين هؤلاء المسافرين منذ ليلى العامرية مروراً بمي زيادة وجبران ووصولاً لنبوءة قلبي.
( يسدلُ الصمتُ أجفانَ الجسد .. )
لنتجاوز بساتين الذهول وكرنفالات المطر وهوس البذور للضوء وأشواق الغارقين في واحة الهيام ففي أقصى الرؤية وعلى مقربة من قرص الشمس تكتبُ مرشدة جاويش سلطانة الحرف المجبول بالدموع العميقة المتفوقة على موسيقا القبلات في عرينها الزائر.
لنسهب في منعرجات العبور إلى الضفة الواقعة شرق بلاد الهزائم الكبرى وفي الجهة المناظرة من أرض النبوءة نبوءة قلبي.
منذ عبوري خندق الاستسلام عبرَ أكثر الدروب وعورة واستقامة ومنذ أول جرعة شذى من أول زهرة من بستان شاعرتنا مرشدة جاويش القامة الشاهقة في عالم الإبداع شدني حرفها المميز حيث تجتمع الغزارة مع الدقة والتجدد والثراء الحسي والذي بدوره يعكس جوهر الرؤى في أعماق الذات الباحثة عن الجمال المترافقة مع الحرية والكرامة, لكل حرف تاريخ من التضاد والتفاعل ما بين الدموع والحسرات والفرح المؤجل وربما السعادة المؤقتة العابرة ففي رحلة الإنسان الشغوف صوب الأمان والحرية ثمة منعطفات ومفاصل ومعطيات وأحلام قد تكون ضاربة في العلو غير المتزن وقد تكون شبه هامشية وفقاً لسلم الأولويات لدى كل فرد على حدى.
هنا سنحاول قراءة الحرف وجذره التكعيبي ورؤاه المنبثقة من عيني مرشدة جاويش في إناء يضج بالملوحة وعشق الحياة.
سنحاول الولوج إلى أعماق الأعماق من خلال هذه الشذرة ( يسدلُ الصمتُ أجفان الجسد .. )
هنا نستشفي مكنونات الكائن البشري والمتمثل هنا بالمبدعة مرشدة جاويش من خلال تصويرها المُذهل (يسدلُ الصمت) هنا ثمة تحويل فعل الصمت الذي يدل على السكون الحركي مع السكون الحسي الخارجي أي أن حالة الصمت كما هو شائع ومتعارف هي جامدة ولكن شاعرتنا تُفعل حركة الصمت من خلال فعل يسدلُ أي أن الحركة الساكنة والمتمثلة بالصمت خالفت منطق العقل هنا وتحولت إلى مصدر للتغيير من خلال فعل يسدلُ.
لنكمل المقطع (أجفان الجسد) هنا تختزل شاعرتنا الشطر الميكانيكي للكائن البشري أي الجسد وتشبهه بالعين التي عادةً يتم إغلاقها عند توقف الجسد عن العمل أو ما يسمى الموت هنا تطرح مرشدة جاويش صورة جمالية لمشهد مؤلم والمتمثل هنا ببداية المصير الذي يُعد أحد أهم سؤالين يُرهقان كاهل المرء منذ تعرفه على ألف باء الحياة وحتى اللحظة الأخيرة لهُ في هذا العالم, والسؤلان هما من أين أتينا وإلى أين نحن ذاهبون ( يُسدل الصمتُ أجفان الجسد), تطرح وتجيب معللةً ماهية فعل الصمت الذي تبرزه ليتبوأ المشهد بإسهاب واعٍ ومدرك لعملية تبادل الأدوار على منصة الحياة.
ما المانع أن تلعب الأحاسيس دور الربان على متن سفينة الحياة من خلال تبادل الأدوار بين الكلام والصمت على مسرح الوجع الإنساني.
وبالعودة إلى مفاتيح الأبواب التي تقودنا إلى جوهر الذات الإنسانية المفعمة بهواجس لا نهاية لها ولكن عملية المقاربة تحتاج إلى تحديد ماهية الرغبات الداخلية التي تقود حركة المرء في الظاهر هنا نتحدث عن كائن حسي عميق الروح أي الشاعرة الرائدة مرشدة جاويش التي لا تزال تواظب على المضيّ قُدماً في درب الإبداع المتواصل مرتكزةً على بوصلة الوجع والجمال ومحبة الحياة أي أن لكل كائن هواجسه حسب رغباته وميوله وبالعودة إلى النموذج الإنساني مرشدة جاويش كل عمل إبداعي هو نتيجة لمؤثرات تتجاذب بملحمية تخرج في آحايين كثيرة من إطارها العاقل لتقوم بعملية فك ارتباط مع المتعارف الجامد خشية أن تفقد الحياة أجزاء من جمالها من خلال تحويل طقوسها إلى مشاهد ثابتة أو شبه ثابتة.
مرشدة جاويش شرفة الفرح النازف حتى تعود الينابيع لأصحابها والقلوب إلى بياضها عبر أحلام الفراشات الثائرة.
محمد مجيد حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق