السبت، 12 فبراير 2022

حدّثت الرواية فقالت بقلم الكاتبة هادية آمنة تونس

 حدّثت الرواية فقالت

عندما أدركته بوادر اليقظة تأوّه
ـ فُقتْ ؟ الحمد للّاه
ثمّ عاد الممرّض إلى الحملقة في صوّر ممثلّات على صفحة مجلّة بيده.
ـ أنا وين ؟
ـ في السبيطار خويا
انجلى الشقّ المفتوح من عيونه المتورمة على حقيبته السوداء المستندة إلى الجدار الباهت فوق منضدة ملاصقة لسريره. بدأ جسده يستفيق لوخزات الألم التي تكاثرت فصعب عليه تحديد مصدرها .
ـ النفس التي لا تتألّم لا تستطيع التحليق في سماء الإنسانيّة
ـ آش قلت ْ خويا ؟ ربّي يخفف .... واحد آخر في بلاصتك راهو مشا فيها .
ارتفعت ضجّة في الأروقة والممرّات .دلفوا بسلالهم وقفافهم المحمّلة بأطايب الأطعمة والفواكه وانتشروا في غرف المرضى .
تحلّقوا حول سريره وشاركوه فيه بالجلوس على أطرافه.بادروه بالسؤال عن أحواله ثمّ انطلقوا يحلّلون ويعيدون أطوار الحادث كلّ حسب هواه يكيلون السُباب والدعاء على ذلك المتهوّر المتسبب في الصدام الذي أودى بحياة السائق والراكب المجاور له.
أراد أن يقول لهم أن الجاني الحقيقي هو سائق عربة النقل القتيل. تجاوز بسرعة جنونيّة في منعطف خطر. زعق على القدر في تهكّم أما كان يجب أن يكون القتيل غريمه عثمان لماذا ترك دوره للسائق الآخر وعاد أدراجه.
مدّ يده بصعوبة إلى المجلّة التي نسيها الممرض بجانبه. تصفّحها في حماسة الشغوف بحفيف الأوراق. قرأ في الحيز الصغير الذي تركته الصوّر, أخبارعن ممثلات مصريات ولبنانيات.
ـ عارم أجمل منهنّ العين تعكسُ ما تراه صادقة .الجمال فخّ نصبته الطبيعة للعقل.
تحرّك منعطفا في صعوبة على جنبه الأيمن فتزحلقت المجلّة وسقطت على الأرض أسف . أجال بصره في الغرفة المستطيلة الساكنة تحت ضوء أصفر مريض مُرتعش منبعث من مصباح كهربايّ صغير مشنوق في السقف المتآكل الطلاء , أربعة أسرّة أولها سريره, الذي بجانبه شاغر, ودّع نزيله إلى إحدى الدارين و الآخران عليهما جسدان ساكنان مغموران تحت أغطيّة رماديّة .
حرّك أصابعه طالقا مطبقا إياها على كفّه هكذا دأبها كلما رغب في الكتابة ,يريد قلما وورقة . مدّ يده في صعوبة للمحفظة المخبوءة خلف أكياس الفواكه وعلب الياغورت والطناجر الصغيرة الملفوفة في مناديل معقودة على أغطيتها في إحكام وحرص .
خانته قواه وعظامه المدشدشة فحنق. أسلم نفسه لفكره يقتات منه قبسا يُنيربه الظلمة الثقيلة الزاحفة على كلكله.
لماذا لا يجمع أشعاره في كتاب يُخلّد اسمه بعد موته ؟
لماذا لا يعيد كتابة التاريخ المبتور الذي يُدرّسه لتلاميذه ؟ فيكون سببا في موته .
أليست الكتابة هي نبض المشاعر التي امتصت أدقّ التفاصيل التي استشعرتها حواسه الخمسة ؟
الذوق, الشمّ, السمع ,اللمس والنظر . عندما يتلقى منهم دماغك المعلومات يقوم بتفسيرها وإرسالها إلى جسدك, هذا . حينها ينتصب قلمك , ممارسا الحبّ دون قيود على الصفحات البيضاء تولد الأفكار تنمو تتناسل تتكاثر فتمتدُّ أغصانك وتتعالى بعمق جذورك الراسخة في الألم .
بغرور العباقرة أسرّ إلى نفسه ,
ـ وحدك ياعبدو
أنّات ونداءات من مرافقيه في الغرفة . دخل الممرض مهرولا. أجال بصره في كلّ الأرجاء ثمّ حملق في المحفظة السوداء .
ابتسم عبدو وأشار حيث سقطت المجلّة .التقطها , لفّها تحت إبطه وهمّ بالمغادرة
ـ سي …….
ـ نجيب خويا ....إسمي نجيب .تحتاج الحاجة ؟
طلب منه أن يمدّ له المحفظة.
فتحها .أخذ منها كنجا وقلما ثمّ مدّ له رواية قائلا
ـ تنجّم تقراها إمبعد إترجعها , باهيّة برشة
أخذها متردّدا, قلّب صفحاتها .عند عجيزة منفلقة بخطّ مرسوم بقلم الرصاص توقّف يتأمل صورة امرأة ضخمة تطلّ من نافذة
ـ ما نعرفش إنفكّ الخط أمّا باش نقراها
ضحكا . ساعده على الجلوس ثم انصرف
أخذ الكنّج ورّقه فكانت كلّ صفحاته بيضاء .ألقى رقبته في دعة على المخدة مغمضا عينيه مستجلبا شيطان الشعر لكنه أبى الحضور
ـ الشيطان لا يحلو له التربّصُ إلا مُحاط بالجمال أيّ جمال هنا ؟ عندو الحق باش ما يجيش
حامت به شخوص خزنتها ذاكرة الطفولة وأخرى درّسها وضرب بالعصى من نسيّها واستهان بنحتها على جدار مُكتسباته التعليميّة والوطنيّة فكتب
يستعين الحاكم بالنخبة المُزيّفة في التسويف ,في طمس الحقائق هو في حاجة دائمة إلى رعيّة فاسدين ضعفاء, البيئة الصالحة ستقاومه وربما تُسقطه.
تبدو المغالطات منطقيّة , ماذا يهمّ الشعوب ؟
الخبز والأمان, السلطة حاسمة بيدها ناصية المعرفة وكتابة التاريخ.
هادية آمنة تونس
Peut être une image de 1 personne


الحقيقة بقلم الأديبة ... جميلة بلطي عطوي

 ................الحقيقة .............

شوكة على فم الحقيقة تعيق الحنجرة من الصّراخ ، في البال تتهادى ثورة عارمة تعد بحصاد وافر لكنّ المناجل قرّرت الاعتصام ،على باب المدينة تتكدّس الفضلات الآبقة من البطون المنتفخة .وتظلّ المدينة مكبّلة بأصفاد خفيّّة، لا شيء فيها يصدر صوتا ، وحدها الرّيح تعوي من ثقوب الجراح العفنة .
الرّيح عنوان التمرّد لكنها تشهق من حصار الضّجيج في الفلوات ، كلّما حاولت تسلّق القمم أرهصها ثقل المآسي المنشرة فتهاوت صوتا أخرس في الوهاد . يا بؤسها تلك الحقيقة ، إلى متى تظلّ حبيسة القمقم المفقود ، إلى متى ستظلّ الشّوكة على شفتيها وفي حلقها تحجز الحلم فلا يعرف طريق الفجر ولا يشمّ ريح الد.ّفء، إلى متى تظلّ المدينة رهينة العفن ينخر منها الجسد فتبيت عقيما، تتحوّل إلى مدينة أشباح ، أشباح تذروها الرّياح والمدينة تُحشر في خانة الأساطير لا شمس فيها ، لا نجوم ولا قمر،
كلّ ما هنالك أطياف تتموّج في حلقات عجيبة ، عنها تصدر غمغمات مريبة يرتجف لها صدر اللّيل ، تفزع متها الكائنات إن وجدت إذ العفن اطلق الأوبئة تُكّلس أوردة الفصول ، تّهرّئ ما تبقّى من طيف للحقيقة التي يرصدها مدفع أو يلتهمها كما في الأساطير غول .
تونس ... 10/ 2 / 2022
بقلمي ... جميلة بلطي عطوي


--_قال لن تأتي __ بقلم نعيمة مناعي

 --_قال لن تأتي __

غزلت من شعرها الحريري
لحن الغياب
فتراءت لي سرايا
فعدت لأرتب النظر مليا
تأملت ضفائرها المسرحة
فسرى في شراييني
لحن الحياة
وأينعت بين خصلاتها
فتباعدت
وألقت علي السلام
فاكتملت بحضورها
ملء الجفون
وكذبت القصيدة في ذهول
وعدت لأقول :
إذن هيا عودي
متمور أنا بين الظنون
أراك إذ لا أراك
وأراني مهموما
أبصرك ولا نظر
تجوبين صمت الحضور
هيا عودي ،بددي جميع ظنوني
صباح أنت
والصباح أضحى ضيما وغيما
وأنت قبس مشع من عمق الغيوم
وعدت وقلت
ولازلت أقول :
لن تأتي
فتخونين ظني
وتصييريني مفتونا
وهم يمزق الذاكرة
وحقيقة من درر مكنون
فردت :
لن يأتي
أراه غيما فيراني سرابا
__بل أراك بسمة
تفتررين عن ثغر عابر
لا مرئي
يكاد يبسط جناحيه
على الأنام
فهيا عودي
رددي نشيد الصباح
فها إنني في منفاك أقيم
أنحت من ويلات الصمت أشجاني
أرى المطر يعبر ذاك الرصيف
لا أحد يكترث له
تعالي نركن إليه
نحاكيه ردهات
ونقتفي المعبر
كذب الحرف الذي سرق
منا الصباح
فها قد عدنا فيه نكابر
وبيدي بعض من حلم
و أمسية
نعيمة مناعي
Peut être une image de 1 personne, position assise et foulard

إشراقات الذات الشاعرة-قراءة في قصيدة "أنا الأنثى" للشاعرة التونسية القديرة سميرة بنصر بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 إشراقات الذات الشاعرة-قراءة في قصيدة "أنا الأنثى" للشاعرة التونسية القديرة سميرة بنصر

لم يعد يكفي أن تقول عن بيت من الشعر أو قصيدة أنها خفقة قلب أو دفقة شعورية كما كان يحلو لمن جعلوا الشعر من قبيل الوجدان المحض ولا شيء غير هذا ، وقاسوا قيمة القصيدة بما تحتويه من وجدان صاحبها ، وكان هذا القول في حينه ثورة على كلاسيكية شوقي وحافظ على أنه - أي هذا الرأي - لم يكن نبتا عربيا خالصا وإنما اتبعوا فيه المدرسة الإنجليزية في النقد إبان الربع الأول من القرن العشرين ثم أحدثت المدرسة النقدية الفرنسية ثورة نقدية على يد " كلود ليفي شتراوس " مذ أصدر كتابه الفذ " المدارات الحزينة " سنة 1955م متأثرا بنظرية " دي سوسير " في اللغة حيث جعلها نسقا قائما وحده مبرزا ثنائية الدال والمدلول. .ولم يقدر لهذه المدرسة الاستمرار في فرنسا إذ ماتت بالسكتة سنة 1968م وإن انتقلت إلى بلادنا العربية في العام التالي لموتها او قبل ذلك بقليل - لست أذكر بالضبط فأنا أكتب من الذاكرة - غير أني أذكر أن مقالا للأستاذ / محمود العالم هو الذي ابتعثها من مرقدها ، وقوبلت بما يقابل به كل جديد وإن كان هذا الجديد في بقعة أخرى من بقاع الأرض جيفة لا أكثر ..
أقول :لم يعد مقبولا ان نقول عن قصيدة أنها نفثة مصدور أو خفقة قلب ولا شيء غير هذا خاصة إذا كنت أمام نص للشاعرة التونسية الفذة سميرة بنصر والتي تصل-في بعض قصائدها - إلى كنه الأشياء وحقائقها المجردة أو قل تصل إلى العلاقة بين الأشياء وقوانينها الجامعة وهذا غير كائن لغير الشعراء الكبار كجيتة وأليوت وطاغور وغيرهم من الكبار الذين يحلقون في فلك الفن الأعلى ..
تنطلق اللغة الشعرية في هذه القصيدة للتعبير عما يُفتعل في النفس من انفعالات،فنجد الذات الشاعرة تُملي على نفسها بعضا من مجازات دلالية متخطية اللغة المعجمية رغم مباشرة الحوار،وتظل لغة السهل الممتنع هي اللغة المهيمنة على النص الموسوم بـ”أنا الأنثى”.
حين قراءتنا لهذا النص نلاحظ تصاعد المحتوى الشعري بقدرة الإحالة إلى ما هو أرحب شعرية وأكثر دفقًا في السياق الرمزي.أول ما نقرأ “العنوان” بوصفه-كما أسلفنا-أول مفتاح إجرائي يمنح المتلقي اختراق مغالق النص،إذ يمثل “علاقة دالة تكثّف البنية الكلية للنص،تظل دلالته أعلى سلطة نصية باذخة الحضور.
أنا الأنثى
تعُج بخافقي أنهارُ عشقِِ
فأغدِقُها على ضيمِ الليالي
وأغزلُ من سوادِ الليلِ فجرا
ُأعمِّدُهُ بأسرارِ الجمالِ
وأزرعُ في يبابِ الكونِ روحاً
تُعيذ الكونَ.من سوءِ المآلِ
أنا الانثى التي نبتت سريعا
وأرخَت شالَها فوق الجبالِ
وألقت زهرَها كالروضِ"
لكن
تخوضُ العمرَ في الشوكِ العضالِ
يُحَيِّرُني كثيرُ ماألاقي
متى ألقَى جوابا ياسؤالي!؟
(سميرة بن نصر)
اللغة هي الموروث،والإبداع معركة داخل ساحة هذا الموروث،والتجديد هو البحث عن صيغة تفترضها القصيدة.
اللغة هي الأنا الجمعي،والأسلوب الشعري هو الأنا الفردي،والعملية الإبداعية هي عملية تموضع الذات.
لغة القصيدة واقعية وهذا -في حد ذاته-موقف محمل بالإثارة والثورة والتفجير،ولا تعني الواقعية هنا الابتذال والركاكة،وإنما تشكيل لغوي يمزج بين اللغة المحكية الفصيحة واللغة المثالية المنتقاة بعناية فائقة،وهذا ما جعل قراءتها سهلة قريبة من الذوق العام ،وتنفد إلى الأعماق فتؤدي فعلها ببلاغة وإحكام.
هي كلمات لا تنقل معنى بشكل مباشر،بل هي رمز بعيد وطاقة شعرية وصورة مصغرة تنطق بكل المعاني والدلالات التي جمعها العنوان "أنا الأنثى": الكمال والجمال؛صوب المرأة العربية في أبهى تجلياتها ؛الأنوثة والصدق؛العنفوان والجمال..غواية الومضات؛العشق الممنوع والمسموح؛إ‘شراقات الأنثى في زمن مشتهى..زمن البهاء والعطاء..والإشراق الجمالي..
الرمز عند شاعرتنا ليس غموضا،ولا لغزاً مبهما،كما أنه ليس مباشرة وتقريرية،فهو كقنديل نستضيء به في عالمنا المظلم البعيد ،إنه تجربة عميقة،ومسحة جمالية تغطي كوناً شعرياً رائعاً.
"وأغزلُ من سوادِ الليلِ فجرا
ُأعمِّدُهُ بأسرارِ الجمالِ
وأزرعُ في يبابِ الكونِ روحاً
تُعيذ الكونَ.من سوءِ المآلِ"
هذا الرمز عبارة عن معالم في الطريق ،ولوازم إيقاعية يتكئ عليها هذا الوزن المتحول إلى قطعة موسيقية تنبعث من باطن القضية لتبلغ المدى الأقصى،فالرمز هنا لحظة انتقالية من الواقع إلى صورته المجردة،وهي الإطار الفني الذي يتم فيه الخروج من الانفعال المباشر إلى محاولة عقلنته،وهو تجسيم للانفعال في قالب جمالي.
ولو تتبعنا الظواهر اللغوية في القصيدة لوجدنا ان الفعل هو العنصر السائد في كل المقاطع، ويقيم هذا الفعل علاقات الأشياء،فيحول الأشياء،ويتحول بها ،ويقوم على الحركة،وحركة التحول الدائم الذي لا يتوقف ولا يعرف الاستقرار.
الصورة لدى شاعرتنا التونسية سميرة بنصر قائمة على الجمال والبساطة،قد تعتمد على التشبيه والرمز واللفظ الموحي والتوزيع الوتري والصدمات الإيقاعية،أما المناخ الموسيقي للقصيدة فهو يزيد قدرة اللغة على تحريك الخيال والإقناع النفسي.
"وأزرعُ في يبابِ الكونِ روحاً
تُعيذ الكونَ.من سوءِ المآلِ
أنا الانثى التي نبتت سريعا
وأرخَت شالَها فوق الجبالِ
وألقت زهرَها كالروضِ لكن
تثير القصيدة الشعور والإحساس لدى القارئ بالقضية الشعرية التي تطرحها الشاعرة،لهذا جاءت العاطفة صاخبة ومدوية،وذلك لتدفق شحناتها الملتهبة في قالب فني جميل.
إن الإلهام عند شاعرتنا ليس ضرباً من ضروب الخيال،وإنما هو معاناة وتجربة مع الكتابة.
لقد ارتفعت بنا الشاعرة (سميرة بنصر ) من المستوى الإفهامي العادي إلى المستوى التأثيري، فالشاعرة أبدعت في تحويل اللفظة من أداة إيضاحية في اللغة الشائعة إلى أداة إيجابية في اللغة الشعرية،وبلغت ببراعة درجة التوازن الضروري بين الأصالة والمعاصرة باستعمالها اللغة الواقعية البسيطة مع احتفاظها بعناصر الأصالة فيها،وحققت بذلك شيئين هما : الابتعاد عن الغموض الذي سقط فيه أغلب شعراء القصيدة الحديثة،والتعبير عن قضية معاصرة.(الأنوثة في مواجهة مجتمع ذكوري !!)
لقد أريد للمرأة أن تكون شخصية مفصلة على مقاس محدد،منمطة على تشكل سابق،مفصولة عن الزمان ومعرفة المكان،غير أن الشاعرة هنا رغم ارتهان الفكر لما هو سائد ورائج بتخطيط مسبق يزرع أنموذجا واحدا،يناسل منه النساء تباعا،ترفص هذا الديدن وتثور عليه،حين تقول ” أنا الانثى التي نبتت سريعا/وأرخَت شالَها فوق الجبالِ/وألقت زهرَها كالروضِ.."/تخوضُ العمرَ في الشوكِ العضالِ”
وهذا دليل على”سلوك التفرد ”والاصرار عليه،وان كانت هذه الفرادة ينقصها التشكل الكامل في ثوب الأنموذج الواضح،لأن صاحبة النص تؤمن بقدرة الخبرة والفكر على اعادة عجنها من جديد لتستقيم في تشكيل صورتها المرجوة ،فهي تحتاج إلى مراجعة الذات حين تقف امام نفسها لترقبها،تعود إلى افكارها لتجدد وتحارب السوس والهزيمة،هي حكمة بالغة ترفدها بتراث تونسي/عربي ضارب في القدم رصعته نساء قبلها حكمن وتسيدن استحقاقا فكرا ورجاحة وبلاغة في خطابة.
وفي كل هذا تمتين وتوطيد لهذه النمذجة المطلوبة التي لا يمكن أن تبنى هكذا دون ان توضع تحت محك التفكيك والتشذيب لتصان من عاديات السقوط والتهدم.
ختاما اردنا أن نلفت الأنظار إلى ان الإبداع الشعري النسوي العربي ينطوي على مساحات شاسعة من الأسرار والجماليات التي تستدعي الكشف عنها،وقد بدا لنا أنّ نصوص الشاعرة التونسية سميرة بنصر نموذج صادق وحقيقيّ على ذلك..
سميرة بنصر،لأنك مبدعة،فقط،حملت مجذاف إعجابي،وأبحرت،إلى مشرق الكلمة التي في حرفك الأزلي كانت.وكنت المبسم الماسي ترسمين.
محمد المحسن

في حضن الكلمات بقلم الكاتبة حبيبة عداد

 في حضن الكلمات


إنّي...
وإن وهن القلب،
منّي...
واشتعل اشتياقا،
ذات حنين...
وباتت الذكرى ملاذا...
واكتظت الروح،
باطياف العابرين...
وبتّ،
أتضوّر شوقا...
أعدّ...
ظلال الغائبين...
أحنّ وأحيا...
على وقع الذكريات...
أعانق وحدتي...
فتحضنني الكلمات...
تفجّر صمتي...
تزرع الأمل سنابل،
في صدري...
تطلق صوتي...
توقظ أحلامي المنسيّة...
تحييني...
من سبات...
إنّي...
وإن وهن العزم...
منّي...
واشتعل القلب حزنا...
فإنّي ...
أقاوم حزني...
أصنع فرحي ...
بحرفي...
أرسم قدري...
أعزف على اوتاره،
لحني...
أعلن عشقي...
وأرفع راية عتقي...
من سجن الذكريات...
حبيبة عداد
Peut être une représentation artistique de une personne ou plus