الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

"زوربا... صرخة في وجه المعنى" بقلم: ابراهيم عثمان

 "زوربا... صرخة في وجه المعنى"

أنا الكاتبُ المتعب من المعاجم،
أحملُ رأسي ككتابٍ مملٍ لم أكتبهُ بعد.
جئتُ إلى كريتَ لأهرب من الفكرة،
فجاءني "زوربا" كصاعقةٍ من الطين والنار.
أخرج من جلدي يا رجل!
قالها لي وهو يرقصُ حافيًا فوق رمادِ الوقت،
عيناهُ مرآتان لبحرٍ مجنون،
وصوتهُ… نايُ بدويٌّ يعوي في وجهِ الآلهة.
علّمني كيف يشرب الجسدُ من الجسد،
كيف تُؤكلُ السمكةُ بلا فلسفة،
كيف يُسكن الحزنُ في قصبةٍ ويُنفخ حتى يصبح نشيدًا.
كُنتُ أكتبُ… وكان يرقص.
كُنتُ أُرتبُ الفكرة كعذراء في الخزانة،
وكان هو يفتح الباب للحياةِ عاريةً،
يُقبّلها من فمها المفتوح على الضحك والعدم.
قال لي:
– يا بُنيّ، لا تفكّر كثيرًا، الرأسُ حفرة!
الحياةُ هنا، بين نهديّ امرأة، في كفّ عامل،
في طنينِ نحلة، في زيتٍ يتقاطرُ من جفنِ الأرض.
يا زوربا…
أنتَ آخر حيوانٍ حرٍّ على وجهِ المعنى،
تمشي كأنك تدهسُ الوقتَ بحوافرِ أغنية،
ترقصُ لأن العالمَ سخيف…
ولأنك لا تملك سوى جسدك…
ومجده!
وحين ماتت المرأة،
بكى زوربا، لا كراهب، بل كأسدٍ عجوز
جُرح في لذّته.
يا زوربا،
يا لعنتي الجميلة،
يا أجمل من الفكرة،
وأقذر من الحقيقة،
علّمتني أن أضحك وأنا أتهشّم،
أن أكتبَ وأنا أرقصُ…
أن أموت، وأنا أقول:
“أعد لي صرختي الأولى... وراقصني!”
بقلم: ابراهيم عثمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق