الثلاثاء، 30 سبتمبر 2025

على حافّة الواحة بقلم الكاتب سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

 على حافّة الواحة


في صحراءِ أيّامي،

لا ظلَّ إلّا ظلّي المُنهك،

ولا نبعَ إلّا وهمٌ يتسرّب من أحلامٍ عطشى.

الشمسُ عينٌ لا تَطرُف،

تحدّق بي كأنها تَقرأ ما لم أكتبه بعد،

والريحُ تجلد وجهي

كما لو كانت تُعيد صياغتي من رملٍ ونار.


أمشي…

والرمالُ تبتلعُ خطاي،

والقلبُ مثقلٌ بأوزانٍ من حُلمٍ تكسّر،

أحلامٌ طيورُ فجرٍ رحلت،

فلم يبقَ في يدي إلّا ريشٌ يَتفتّت في صمتِ المدى.


قالت لي الصحراء:

«أنا الامتداد الذي لا يُقاس،

أنا المِرآةُ التي تُريكَ حقيقتَكَ بلا أقنعة،

أنا المَحرابُ الذي لا يسجد فيه إلّا العابرون عطشًا.»


قلت لها:

«جئتُ أبحثُ عن ظلٍّ لا يزول،

عن جرعةِ ماءٍ تكفي لنهارٍ طويل،

عن معنى يُعيد ترتيب دمي.»


ابتسمت،

وألقت في وجهي ريحًا دافئة وقالت:

«إن أردتَ الماء، فكن أنتَ النبع،

وإن أردتَ الظل، فازرعه في قلبك،

فالواحاتُ التي تولد في الداخل

أبقى من كل نخيلٍ على وجه الأرض.»


(

أتوقّف أحيانًا،

أغلق جفنَ الروح،

وأصلّي لنخلةٍ لم تُخلق بعد،

وأقبّل بئرًا ما زال حلمًا في التراب.

لكن حين أفتحُ عيني،

يبتعد الأفق،

وتتكسّر خطاي في نفسِ الريح.


ومع ذلك…

في عمقِ النفسِ شعلةٌ عنيدة،

تشتعل بدمع الملائكة،

تهمس لي:

«سِر…

فإن لم تجد واحتك،

اصنعها من صبرك،

واسقها من دمعك،

حتى تورق…

وتنبت في قلب الصحراء غابةٌ من ضوء.»


✍ سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق