الأحد، 17 سبتمبر 2023

عفوا أيها العالم.. بقلم الكاتب جلال باباي( تونس)

 عفوا أيها العالم..

جلال باباي( تونس)
☜ الإهداء: إلى أرواح شهدائنا الأبرار إثر زلزال المغرب
و طوفان ليبيا.
تصدير:
" ‏لأنني ضوء أبدي في أُفق العتمة ؛ لاشيء يُطفئني!
لا القلق الطويل ولا الألم ، ولا كل الأيادي التي امتدّت لأنكسر ."
لحظة أيها العالم
إمنحني دقيقة
لنغسل الدم عن وجوهنا
ولنبحث بين أكوام الركام
عن ملابس أنيقة
حتى نعيد تصفيف شعورنا كما يجب
أن نثبت للعالم أننا بخير تماما
وأن لا يلتفت الناس
لثقوب الطين و الماء فوق المباني
تلك تيمات مواسم الجفاف
حلٌت بالحيتان
فلا تثيروا ضجة على خارطة الأنباء
لمجرد أن بلدة صغيرة
شطبت من على الخارطة..
لحظة أيها العالم
أعطنا بضع دقائق
لنمرٌر مساحيق فوق وجوهنا المدماة
لننفخ الروح في جثثنا تحت الركام
لنبحث عن أيادينا المبتورة
ونرمٌمها على عجل باجسادنا العليلة
لحظة ايها العالم
لنخبٌئ جراحات القرى
تحت وساداتنا
لنعيد اطفالنا التائهين
الى بوصلة أرحامنا
لنطلق خيامنا
لنطلب من جيراننا
الطيٌبين جدا
أن يخبئو أوانينا المنزلية
وثيابنا الرثة
في خزاناتهم الفاخرة
لدقائق معدودات
يتركوا مسافة أمان
بينهم وبين اجسادنا
النحيلة، القبيحة والبالية
لنعجٌل بالإختباء في حجرات أمهاتنا
علينا أن نختفي قليلا
كي يتسنى للعالم
أن يلتقط صوره ضاحكا
حتى لا تتطاير أجسادنا في العراء
مثل ندبة على جبين العالم
او بقعة قذرة
على باقة ملابسه الأنيقة،
حتى لا نزعج صباحاته
بأخبار موتانا المتكررة
علينا أن نذهب إلى قياماتنا بهدوء
كفقاعات صابون في الهواء
حتى يكون بوسع هذا العالم
أن يظهر مبتسما
في صور الشاشات بلا تعليق
من بين مخارج المدن العالية
تطل بناتتا باكيات
وأطفالنا الحزانى
مكوٌمة أفواههم وراء الستار
تلك قطط البيوت راكضة
خلف أصحابها
أمام الكاميرا
وحدها الشجرةُ عادت
بكامل عدٌتها
إلى عش الهدهد
أتأَهَّبِ معها بعناية
لتأليف أغنيتيْنِ سرِّاِ
وتَرَدَّدَ معيِ قصائِدِي العاطفيِّة
ثمٌ عادتِ الشجرَةُ
الى البيتِ وحدَها
على حافةِ الليلِ وكانت تَرتجفُ بشدَّة
والطوفان قد اقتلع منٌي
ملامحي الأولى
عفوا أيها العالم
لست بخير هذا الخريف
أعد لي طفولتي
حتى اُشفى من ريح" دانيال"
وارتٌب شتات اكواخنا المهملة
تحت جبال "مكناس"
لم يعد بوسع القصائد
لوحدها
أن تعيد ل"درنة"عافيتها
إلاٌ النخيل يموت
بين واحاتها واقفا
عفوا ايها العالم
شقيقي في المغرب جريح
فاترك صومعة الماء ثابتة
لأصلٌي بين ظهرانيها
التوبة الأخيرة
لحظة، أيها الريح ،
لا تتلاعب بريشة اللغة
فانا واقع تحت سطوة الصمت.
١٤ سبتمبر ٢٠٢٣

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق