سعاية
الكاتب نايف ثامر الكعبي
سعي بأبي الحسن علي بن محمد العلوي (الأمام علي الهادي1) إلى المتوكل (قتله حرسه هو ووزيره في الحمام سنة 247هجرية) وقيل له أن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته .فوجه إليه ليلا من هجم عليه في منزله على غفلة منه.فوجده في بيته وحده مغلق داره عليه وعليه مدرعه من شعر (ثوب خشن) ولا بساط في البيت الا الرمل والحصى وعلى رأسه ملحفة من صوف متوجها إلى ربه يقرأ القرآن في الوعد والوعيد.حمل إلى المتوكل في جوف الليل.فمثل بين يديه والمتوكل يشرب وفي يده كأس.فلما رآه أعظمه وأجلسه إلى جنبه,ولم يكن في منزله مما نسب إليه.فناوله المتوكل الكأس التي في يده.فقال:يا أمير المؤمنين: ما خامر (خالط) لحمي ودمي قط فأعفني منه.فأعفاه.فقال المتوكل:أنشدني شعرا استحسنه
فقال الأمام علي الهادي:أني لقليل الرواية للأشعار.
فقال المتوكل:لا بد أن تنشدني.فقال الأمام علي الهادي:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فما أغنتهم الكلل
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا أين الأسرة والتيجان والحلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود يقتتلوا
قد طالما أكلوا دهرا وما شبعوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
وطالما قد عمروا دورا لتحصنهم ففارقوا الدور والآهلين وانتقلوا
وطالما كنزوا الأموال وادخروا فخلفوها على الأعداء وارتحلوا
أضحت منازلهم قفرا معطلة وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا
فأشفق من حضر وظنوا أن بادرة تبدر منه أليه,ولكن المتوكل بكى بكاء طويلا حتى بلت دموعه لحيته وبكى من حضر معه.ثم أمر برفع الشراب وقال يا أبا الحسن:أعليك دين؟
قال:نعم4000 دينار فأمر بدفعها إليه ورده إلى منزله من ساعته مكرما
الأمام علي الهادي بن محمد الجواد ولد في المدينة سنة 212 هجرية وأقام بها ولما كثرت السعاية به عند المتوكل نقل إلى سامراء وأقام بها 20 سنة توفى الأمام علي الهادي في سامراء سنة 254
القلل:قمم الجبال
الغلب :جمع اغلب والأغلب الشجاع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق