السبت، 1 أبريل 2023

سقطت سهواً ـــــــــــ أميمة معتوقي


 [[…سقطت سهواً … ]]

----------------------------------
من ثقب صغير للغاية يكاد يكون بحجم خرم إبرة في جدار غرفتها المتهالكة، رأت العالم بأكمله، حرب تمضغ النيران أطرافها وتبدد ملامح امرأة عجوز مات جميع أبنائها، سهول تغطيها زروع حمراء وسنابل رائحة شوائها أشبه برائحة خبز قريتها التي لم يبق منها إلا الكهلة، كانت ضحكات الأطفال تتحول أمام عينيها إلى فراشات تبتلعها سماء ظلت تقترب حتى كادت تصافح شواهد القبور، دفتر متشرد مزقت الريح نصف صفحاته وتركت الفارغة منها كتوثيق على ندالة الليالي الخالية من أي نجم، إذ أن جميع تلك النجوم حزمت جميعها الحقائب وهاجرت باحثة عن مجرة أخرى فيها نوارس لا يقتلها البحر ولا تراودها المراكب عن نفسها ثم تلصق بها الذنب إلى الأبد، فنصف الذين مروا على هذه الأرض كانوا يتعاطون الحب بنبل وهذا لا يليق بغابات الورد السوداء التي أعدت لتقيم لهم الولائم على طاولة التقصي ونبيذ الحساب، أما النصف الآخر فقد امتطوا الفضيلة و راحوا ضحية عنادهم.
سراديب السلام كانت تلوح بالنور لكنه كان مشوب بأوراق الخريف وذبابات تلوك الأدمغة، أما الرهائن فقد ناموا جياعاً بعد أن فقدوا الأمل بالجنون، ويُسمع فجأة ضجيج الناصحين، الامتحان محفوف بالفشل لكن باب التوبة كان موارباً لدرجة أن لاحظه الجميع ولم ينتخ أحدهم لإغلاقه بشكل كامل حتى يرتاح.
يمد التاريخ يده ملوحاً بالتهديد لكن هناك من كان جاهزاً لبترها بدم بارد، حتى أن الصقيع كسا الطرقات وأثار قريحة التراب فهبت الحسناء لتغلق فمه وهي تقهقه، لأن الأجدر بمكعبات السكر أن تسبح في ملكوت خمرتها العتيقة، وربما لا داع لثرثرة الفجر ولا لعناق شمس تحولت على حين غرة لأكبر خائنة.
مخيف جداً كان ذلك العنقود المتدلي وكأنه يستنهض نعيق غراب يسطر البؤس ويخيم ظلاماً على نبضات الساعات، على الأغلب كل شيء قد مات وانتهت الرواية بذبحة صدرية حادة أزهقت روح الغربال.
عادت لسريرها متمتمة، رحم الله من تركوني وحيدة،
لا مواسياً لعجزي سوى ثقب في هذا الجدار..
=============
أميمة معتوقي
سورية /دمشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق