................. ..مرثية الروح للروح .............
....................................................................................
... لا أدري يا شقيقا للروح لم تلده امي اارثيك ام ارثي نفسي فيك.. فقدك المفاجئ افقدني القدرة حتى على البكاء فضلا عن التفكير والتعبير.. خبر رحيلك نزل علي نزول الصاعقة فزلزل كياني وحطم اشرعتي وعقل لساني.. فرقتنا المسافات دهرا وشغلتنا سبل الحياة عن بعضنا قسرا لكن شوق الروح للروح لم ينطفئ.. كانت لقاءاتنا شحيحة للغاية وآخر لقاء بيننا كان قصيرا على فنجان قهوة خلال زيارتك الخاطفة لمسقط راسك بسوق الاحد في السنوات الاخيرة.. لا أحد منا كان يتوقع انه لقاء الوداع الاخير .. لقد عرفتك ايام التلمذة بقابس في ستينات القرن الماضي ونحن لم نزل فتيين يافعين على ابواب مرحلة الشباب.. جمعتنا الاسقف القصديرية في مبيت التضامن الاجتماعي على شاطئ الكازينو وفضاءات المعهد المختلط تلك القعلة التعليمية الشامخة.. تقاسمنا الرغيف والكتاب وحب الادب وقراءة الشعر وحيرة الفكر وشرود الذهن وتاجج العواطف كما جمعنا طموح الشباب واكراهات الزمن الصعب التي لم تثننا عن الكد والاجتهاد لبلوغ الهدف المنشود ، الدخول إلى الجامعة وقد كان.. انت سبقتني اليها ولكنك عايشتني اجواءها عبر رسائلك المفعمة بمشاعر الود الصادق والوفاء الثابت فكانت مؤنستي في وحشتي وبلسما لجراح فراقك في غربتي..ثم كانت الفرحة الكبرى في ذاك اللقاء الاستثنائي الأول الذي جمعني واياك وبعض اصدقائنا القدامى بالحي الجامعي راس الطابية يوم وطات قدماي أرض العاصمة لاول مرة بمناسبة اجتياز الاختبارات الشفهية لشهادة البكالوريا.. وكانت ليلة من اجمل ليالي العمر.. التام شملنا من جديد في رحاب كلية 9 أفريل العظيمة وتقاسمنا الاجواء الجامعية بحلوها ومرها إلى أن تفرقنا بعد الدراسة وذهب كل إلى غايته.. فرج العويني صاحب الوجه الطفولي والبسمة الدائمة رغم مسحة الحزن الخفيفة التي لا تفارق ملامحك والتي لايلاحظها الا القليلون المقربون.. رجل هادئ لطيف، نظيف، سليم الطوية وحسن المعشر، استاذ متمكن واداري ناجح وعلى درجة كبيرة من الثقافة.. بفقدك ياشقيق الروح زادت دائرة الفراغ من حولي اتساعا خصوصا وقائمة الذين سبقوك إلى دار البقاء في السنوات الاخيرة من خيرة الأصدقاء وخلان الوفاء ونخبة الزملاء مفزعة لكن لرحيلك وقعه الخاص في النفس وسيبقى اثره جرحا غائرا في الأعماق إلى أن القاك فى رحاب الرحمان الرحيم.. تلك مشيئة الله في خلقه ولا راد لمشيئته وقد قال في محكم تنزيله : " الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور" (الملك/2).. رحمك الله وغفر لك وجعلك ممن حسن عمله في الدنيا ونال رضى ربه في الآخرة فارضاه.. "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"...انتم السابقون ونحن اللاحقون وانا لله وانا اليه راجعون.. محمد حامد بن ابراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق