وتخطفني الذكريات
تخطفني الذكريات يطيرُ بي الخيال
إلى عهدِ الشباب حيث كنا نحلمُ ببناءِ مجتمعٍ
تسودهُ المحبة يخيِّمُ عليه السلام ويقوده العقل النيِّر الخيِّر
والآن وقد مضى العمرُ نرى ما لم يخطرْ ببالنا
وفي أشد لحظات اليأس نرى الانسانَ على حقيقته المرَّة
نراه بوجهه القبيح المتوحش الشرير
لم تعد تخدِّرنا مقولاتُ المنافقين ودجلُ المرائين الكاذبين
سقط القناعُ عن وجوه الأدعياء والدجالين
من كلِّ الفئات والمستويات
أدعياءُ الدين من كل حدبٍ وصوب
أدعياء الوطنيات والقوميات من كل الطبقات
أدعياء الانسانية والاخلاق بكل اشكالهم والوانهم
وها هو الانسان يقف عارياً مرتجفاً
مذعوراً وهو في مهبِّ العواصف
أصبح الانسان يحسُّ أنه لقيطٌ ووحيدٌ لا أبَ له ولا أم
سقطت كلُّ الاقنعة أمام ناظريه
بانتْ جميع نقائصه وعيوبه وتعرَّى العالمُ من كل ثيابه
والجنونُ يعصفُ بعقله وفكره فراح يبحث والألم يأكلُ قلبه
والقنوط واليأسُ يخنقان روحه
راح يبحث ويتساءل وأخيراً الى أين ؟ الى أين المفر؟
وأين هو الملجأ أين هي قشة الخلاص؟؟؟
أفي الدين؟ وقد أصبح الدين نفاقاً
وقناعاً يُخفي وراءه أبشع ألوان الأنانيات وأحطَّها ؟
وكما قلت في بيت شعر لقصيدة لي {{والدينُ بات نفاقاً في محاربِه
عبَّادُ مالٍ وأبواقٌ لإفسادِ}}
أفي الأخلاق ؟ وقد أصبحتْ ستاراً يُخبِّىء في جيوبهِ أشنع الرذائل
أفي السياسة؟ وقد غدتْ تجارةً رخيصة
كلُّ القيم ؟ وسوقاً مبتذلة تُباعُ وتُشترى فيها
من هذا اليأس المطلق رحتُ أفتشُ
عن دفَّة النجاة وأعتقد أنها لاحتْ لي
من بعيد مغلَّفة بغلائل ضبابية وهي
كما تخيلتها في إيمان الفلاسفة بالإله
الخالق المطلق الكمال والجمال والعدل والمحبة
الإله الخالق للكون اللامحدود
البعيد جدا عن محدودية الاديان
إله المليارات من المجرَّات بما تحتويه من عوالم
وثانياً الايمان بالعقل الانساني الذي
هو قبس من النور الإلهي "العقل النيِّر الخيِّر"
بكل ما يحمله من صلاح للبشرية
"الخالق الذي نستوحي منه المثل والقيم
الروحية الصالحة" "والعقل الصالح
الذي به نبني العالم الجديد" على
أنقاض العالم القديم الذي تهدَّم
بكل ما كان يحتويه من عقائد ومفاهيم
وغيبيَّات حيث أصبحتْ جميعها
رماداً وتلاشتْ هباءً منثورا
حكمت نايف خولي ٍ
الأربعاء، 19 أبريل 2023
وتخطفني الذكريات بقلم الأديب حكمت نايف خولي ٍ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق