الأحد، 9 أبريل 2023

الحياة حاضر وحضور ــــــــ الأستاذ : شكري بن محمّد السلطاني


 الحياة حاضر وحضور

حياة الإنسان كينونة وصيرورة وهي حركة إلى الأمام نموّ وتحوّل وتغيير في سياق زمني حاضر بحضور جسدي روحي فكري بعاطفة وشعور متّصل بمستقبل آت وكل آت قريب.
حياة الإنسان وجود ووجدان فكر وسعي وحركة إلى الأمام في قالب زمني متّصل غير منفصل محيط بالإنسان.
__ الوجود : حضور الإنسان إندماجه ومشاركته وكلها تتعلّق بحاضر حاله وأحواله في واقعه المُعاش .
والوجود فيه من حقيقة الأحياء إنفعالاتهم وتفاعلاتهم إنغماسهم إهتماماتهم تعلّقاتهم قراراتهم إنصرافهم توجّهاتهم وأفعالهم ولا يغيب عن أذهاننا كذلك حقيقة الأموات من فارقوا الحياة وتركوا معالمهم وآثارهم من أبناء وأحفاد وما ورّثوه لأخلافهم .
إذا أنّ مورثّاتهم باقية وآثارهم منطبعة في واقع حال الأحياء وان غابت أشباحهم وخيالهم وحركاتهم وسكناتهم عن وجودنا الحسيّ.
__ الوجدان : ما يحمله ويخزنه الإنسان من مشاعر وأحاسيس وعواطف ووشائج وهي من آثار عالم حسّه وتبعات وجوده .
أليس تنبيه أعضائه الحسيّة التّي تتلقّى مثيرات بيئته تتولّد عنها أحاسيسه الشعوريّة ؟
إذ لا وجود لإنسان بدون وجدان ولا وجدان لإنسان بدون وجود !
__ السّعي : حركة الإنسان وقفزته وتوثّبه إلى الإمام ، تتدخّل فيها تمثّلاته مفاهيمه رؤاه عملياته الذهنيّة نواياه وأهدافه .
تتّضح وتبرز نواياه وقراراته بحصول أفعاله فهو يتحقّق بأعماله وسلوكياته.
تنعكس رؤية الإنسان غالبا في المستقبل وذلك لما يحمله من غايات ونوايا فيسارع ليسقط أحلامه وآماله ومراميه في فضاء مستقبل آت فيتوثّب ويسعى للقفز والحركة إلى الأمام لغلبة رجائه ورغبته للتحوّل والتغيير إلى الأفضل وتحقيق ما يصبو إليه .
إن ما يقلق البشر عموما الخواطر والتفكير في الغد والمستقبل رغم أنّ الحاضر بتحدياته يرهق كاهلهم ويضغط على أفئدتهم فيحيلهم لا إرادياً في التفكير في غدهم لمعالجة والخروج من مآزق حاضرهم .
إن إنعكاس أفكار الإنسان وخواطره في مستقبل غائب عنه يجعله متأرجحا بين واقع يتحدّاه بشروطه وعوامله وحيثياته وأحداثه وحوادثه ووقائعه ومستقبل آت موكول أمره لغيب لا يعلمه إلاّ اللّه سبحانه وتعالى.
وكان من الكياسة والفطنة أن يقابل الإنسان الوجود بعزيمة وهمّة ويسعى لحلّ معادلات واشكاليات واقعه المادّي والمعنوي ويواجه مصيره ويصحّح سيره فيصارع حاضره بإهتمام متجاوزا العقبات والصعوبات والمطبّات وان لا يمزج ويخلط أوهامه ولحظاته وخطراته وتصوّراته الحسيّة بحقائق الامور وما يتطلّبه الواقع من إستجابة واعيّة ووعي مطابق لطبيعة ونوعيّة التحديّات .
فلا دخل للأوهام وسوء الأفهام بما هو كائن حاصل في الواقع وكذلك لا جدوى من تبنّي وقبول إسقاطات وأفكار الآخرين ( السِّوى ) على واقع يعيشه ويعاينه ويتحسّسه ويتلمّسه بذاته ، " فما حكّ جلدك مثل ظفرك " أيها الإنسان.
وللمنظور الغيبي بُعْد جدّ هام في حياة الإنسان وذلك لرجع الصدى وإنعكاساته عليه وان غفل عن كلّ ذلك ، فمن السذاجة والغباوة نسيانه ونكرانه .
وان بدى الغيب خفيّا في علم الباطن فانّه لا إنفكاك ولا تملّص ولا تخلّص منه ،فالقضاء والقدر وحكمة الأقدار معجونة بطينة الإنسان أثناء سفره ورحلته الدنيويّة وما الإبتلاءات وشتّى النوائب إلاّ حقيقة من حقائق ومعاني وجوده .
فعليه أن لا ينسى الموت وحقيقة الأموات بغفلته وذلك لرسوخ وتجذّر حقيقة الأحياء في ذاكرته ووجدانه وسيطرتها على وعيه لتوجّه سيره حركة إلى الأمام في قالب ماديٌ حسيّ .
" الدّنيا ظاهرها غرّة وباطنها عبرة " تحمل في طيّاتها حقائق ومعاني ومباني ورسومات فيتراءى للنّاظر مظاهرها وظواهرها وزخارفها ويخفى عنه بغفلته وطيشه ما هو باطن وخفيّ .
يقول المصطفى الأمين صل اللهم عليه وسلم واله الطيبين الطاهرين " الكيّس من دان نفسه وعمِل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنّى على اللّه الاماني".
أيها الإنسان عش حاضرك ودعك من الأوهام وتجاوز سوء فهمك بالعلم ونور اليقين.
الأستاذ : شكري بن محمّد السلطاني
تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق