الأحد، 2 أبريل 2023

الشعر والسيف ــــــــــــ حسن إبراهيم حسن الأفندي


 الشعر والسيف

حسن إبراهيم حسن الأفندي
(هل غادر الشعراء) شيئاً ينظم؟
فعلام تنفخ في الهواء وتزخم؟
و ترى بأن الشعر صرت مليكه
هوّن عليك فإن مثلك يفهم
ما عاد من شرف لنا في شعرنا
إن قام فينا البحتري يعلم
ما عاد للشعر الرواج ومثلما
كان النصالَ و كان عزاً يُسهم
و الحق أين الشعر بين قنابل
ترمي على بعد المسافة ترجم
كن واقعيا يا شويعر ناظرا
في واقع الحال الذي يتكوم
ما قلّ دلّ و ذا زمان تطور
فاصرف جهودك بانيا لا يظلم
بحماسة الشعراء , بل وغرورهم
والعنتريات التي لا تخدم
ما صادفت عيني ممات ذبابة
أبدا ولا قتلت لفأر يقضم
وكذا يقول (نزار) في أشعاره
والصدق في قول له يتعظم
الناس تبني مجدها من حولنا
ولنا القوافي تستثير و تشتم
هل نال من قوم مكان صدارة
إلا بدأب واجتهاد يَعْظُم ؟
ماذا يفيد الشعر إن أغدقته
تبكي لتاريخ لنا يتصرّم ؟
ماذا يفيد الشعر ينعي دارسا
من عزة وكرامة تتهدم
إن كنت تحسب أن شعرا ساخناً
يُغني عن السيف الذي لا يرحم
أو أن يعبئ لانتصار قادم
عشت الحياة بكل صدق تحلم
جهز لسيفك أولا واسلل له
من غمده متبخترا تتقدم
فلربما عادت لنا بغدادنا
أو عاد مسجدنا يضرّجه الدم
ثم انشد الأشعار ما طابت لكم
حتى يخاف لما نظمت الضيغم
أما الضعيف فكيف يُخشى بأسه
بل أين بأس للضعيف تترجم ؟
لو كانت الأشعار تردع غازيا
ما كانت العرب الفصيحة تكْلَم
كم من معان دبجوها شعرهم
والريح تذروها فلا تتلملم
إن شئت ترسم صورة مرئية
لوجدت آلاف المناظر تَقْدُم
إيوانَ كسرى ماثلا في ناظري
والروضة الأُنُف التي أتوسم
أما اليتيمة فهي ملأى بالذي
تدري ولا تدري مثالا يحسم
إفكا بأن الشعر ظل بحاجة
للمحدثين ومن غدا يتهجم
أسفي على فكر ضوى من ضعفه
ويظن بالأشعار ما يتوهم
فبشعرنا صور تميّزعرضها
وبشعرنا درر بها لا تسأم
ويكاد يخنقني الغباربشعره
أعمى تهاوى الليلَ فيه الأنجم
النفس تصغر عند شِعب بوانه
من روعة وصفت عجيبا يرْهم
من ظن أن يأتي جديدا بعدهم
ضل الطريق وخاب وهْمٌ مفعم
أفنيتُ عمرا من زمان ضائع
صلفا وزهوا إذ يجور ويهدم
كانت مشاعرنا وكان لساننا
بالسم يقطر غيرنا لا يرحم
ولسان حالي لا يطيق مغامرا
يأتي بمنكر قوله أو يذمم
وعجبت أن يلقى قريضي قدح من
في شعره الهذيان أحمقَ يُرسم
أنا شاعر الفصحى وأرفع ركنها
ولغيرنا الأشعار لا تُتيَمم
وأغض عن طرف لنا متجاهلا
كيدَ الذي لا يستفيق ويُجرم
( و إذا أتتك مذمتي من جاهل
فهي الشهادة لي بأني ) الأقوم
لكنني وبرغم ذلك كله
أغلى من الشعراء أرفع عنهم
سرقوا الجميل من القديم فأنجبوا
ثكلى معوقة وريحا تزكم
إني لمن قوم يطول مديحهم
ووفاؤهم بين الخلائق أعظم
ما لان من عود لهم أو داهنوا
أو عاش في ختل أبي منهم
لي في مديح (محمد) دالية
تشفي غليل العاشقين وتُلهم
أُعْلِي بها شأني وترفع هامتي
ولعلها يوم الشفاعة بلسم
هذا زمان الأدعياء أما ترى
أني انزويت إلى قصي يُبهم
فالشعر أنفاس وعبق أريجها
يحلو لسامعها فيحمدها فم
والشعر ليس بما نظمت مُقفيّا
كجدار بيت بالحجارة يركم
والشعر إحساس وصدق مقالة
وجميل معنى بالذي تتكلم
والشعر يلزم أن يهز لعطفه
من كان ذا حس له يتفهّم
والشعر فن كم يحرِّك ساكنا
رقصت به الأعطاف تطرب تنعم
ما زلت أومن بالحطيئة شاعرا
وضع النقاط على الحروف يُعَلِّم
فالشعر إن ما مسَّ وجدان الفتى
ما كان شعرا يستساغ ويهضم
والشعر كلا لم يكن إلياذة
جمعت دوارس نافرات تُقحم
والشعر تجديد وفيه نبوءة
نَفَسٌ وإلهام وجرْس يزحم
فلعل بيتا أن يكون بلاغة
أغنت عن الآلاف مما يَسْقُم
وتواضعي لا يُنْقصنَّ مكانتي
إن كان فيهم من يُلم ويفهم
وقرأت من كتب كثيرات بها
تاهت مراكبنا أضل وأُلجم
حتى وصلت إلى طريق واضح
حواء ترضع غيرنا أوتُفطم
فكر الفتى شيءٌ وفيض شعوره
للناس تلفظ قوله أوتكرم
لا أدعي علما ولكن ربما
قبضا من الريح التي لا تخدم
ماذا أكون وما تكون بلاغتي
إن كنت تسأل أي شعرأنظم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق