الثلاثاء، 15 نوفمبر 2022

من قصة : { لمن تأمن الفراشات} بقلم الكاتبة أمينة الوزاني/المغرب

 من قصة : { لمن تأمن الفراشات}

(......)
أين أنت يا صديقتي ...؟ أين أنت ، يا من بكت على صدري عشرات المرات....؟ تعالي إلي ، أريد البكاء على صدرك مرة... ؟ قاسميني همي ، كما قاسمتك همومك ...؟ أبو الهول الذي كنت تقولين عنه سقط... أبو الهول مزق أحشاءه الصمت... أبو الهول يريد أن يلفظ الكلام.
حتى أنت تخذلينني ، أعمت بصرك ، و بصيرتك ، أضواء باريس... سرقتك مني....! سرقت في أشد إحتياجي إليك...! سرقتك قبل أن تشهدي انكساري...! و قبل أن يحلو إليك انتصارك...! سرقتك قبل أن نضع معا تقييما لعراك رافق صداقتنا منذ بدئها..! قبل أن نواجه بعضنا بمن أخطأ ، و بمن أصاب. ..!
صداقتنا كانت أجمل صداقة ، و أصدق صداقة ، و أغرب صداقة ، فما كنا لنلتقي في شيء... كل ما تحبينه ، أكرهه ، و كل ما تكرهينه ، أحبه ، و كل ما تؤمنين به ، أدينه ، و كل ما تدينينه ، أومن به ... حتى اللباس كان مثار خلافنا ، و كأننا اتفقنا ، ألا نتفق في شيء منذ بدء صداقتنا.
خطفت بصرك أضواء الغرب ، و سلب روحي سحر الشرق... أغرتك باريس ، و روما ، و لندن ، و نيويورك... و أغوتني مراكش ، و القاهرة ، و دمشق ، و بغداد.
كنت دائما في حديثك تثيرين غضبي ، فينتهي لقاؤنا بشجار نعتقد بعده أننا لن نلتقي مرة ثانية أبدا . و لا يكاد يلوح في الأفق يوم جديد ، حتى نشتاق إلى بعضنا و كأن شيئا لم يكن ... و أشد
ما كان يثير غضبي عبارتك الشهيرة التي كنت تستفزينني بها دائما:
-"كلهم خذولون ...! كلهم...! من المحيط إلى الخليج ، لا يستحقون منا شيئا ، خذلونا في السياسة، وخذلون في الحياة !"
ترى ماذا تقولين الآن... ؟! تغير كل شيء فينا ، تغيرنا في أحلامنا ، و همومنا ... في أخلاقنا ، و قيمنا ، و مبادئنا... و ها نحن نغير حتى في مناسكنا ، و سننا ، فنضحي في فجر أيام العيد ، بفرد من أفرادنا.
و لو أني لم أوافقك الرأي ، و لن أوافقك إياه أبدا ، إلا أنني أقر أن في آرائك شيء من الحقيقة ، فقد أدركت مبررا لأقوالك ، جعلني أعيد النظر في أشياء كثيرة في حياتي ، إلا فيما يخص الغرب ، فلن يحصل بيني و بينه وفاق على الإطلاق..!
أمينة الوزاني/المغرب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق