جَنَّةُ عيْنٍ ودَيْجُورُ أُخْرَى...(من غزل الشّباب)
دَعَيَا الظّلَامَ فَمَا الظّلَامُ مُحَبّبُ
واللّـيْلُ ظُلْـمُ والدَّيَاجِـي تُرْهِبُ
دَعَـيَـا الظَّـلَامَ فَلِلـصَّبَــاحِ أَشِــعَّـةٌ
تُنْشِي الحَدَائِقَ والطُّيُورَ، فَتُطْرِبُ
فَالــوَصْفُ مِنْـهُ مُحَبَّـرٌ، مُتَغَـرِّبُ
لَا النُّورُ فِيـهِ، ولَا الصَّبَاحَةُ تَعْتَلِي
قَسَمَاتِهِ، فَهْوَ المُخِيفُ الـمُرْهِبُ
وتَــعَالَــيَا أُلْقِ الــنَّشِيدَ إلَـــيْـــكُـمَا
بِعَقِيقِ هَذِي العَيْنِ، إِنِّي مُطْرِبُ...
فَــهْــيَ الــرَّبِــيعُ بِــزَرْعِهِ وحُــقُــولِهِ
وَهْيَ السَّمَاءُ، بِصَحْوِهَا لَا تُسْحِبُ
وَهْــيَ الـمِــيَــاهُ بِـصَـفْـحَـةٍ مُخْضَـرَّةٍ
بَعْدَ الأَصِيلِ، فَسَطْحُهَا يَتَخَضَّبُ
وَهْيَ الـزَّبَـرْجَدُ فِي إِطَارٍ سَبِـيكَةٍ
وَهْيَ االلّآلِئُ، والإِطَارُ مُذَهَّبُ
هِــيَ جَـنَّــةٌ، إِنْـسَانُـهَـا مُــتَـوَرِّدٌ
مُتَلَأْلِئٌ، مُتَخَضِّبٌ، مُعْشَوْشِبُ
حَـفَّتْ بِــهَا سُودُ الــرِّيَاضِ تَكَـاثُفًا
فِي بَحْــرِ نُورٍ طَافِــحٍ، هِيَ أَهْدُبُ.
لَا تُــذْكَــرُ الفَـيْــحَاءُ عِنْدَ تَذَكُّرِي
زُرْقَ العُــيُونِ، ففَـضْلُهَا لَا يُحْسَبُ
فَلَئِنْ جَرَتْ تَـحْتَ الجِنَانِ مِيَاهُهَا
فَالعَـيْـنُ مَاءً واخْضِـرَارًا تَسْكُبُ
ونَـعِـيـمُـهَا وأَدِيـمُــهَا وسَـمَــاؤُهَا
يُـــبْكِي القَــوَافِي لَحْنُـهَا، ويُعَذِّبُ...
جَـهْلًا، أَرَى لَيْلَ العُيُونِ قَصِيدَةً
فَقَصِيدَةُ الأَلْحَاظِ، سَهْلٌ مُعْشِبُ
أَبْــيَاتُـهَا سِـحْرُ الـجُفُونِ ولَحْظُـهَا
وضُــرُوبُـهَا مَرْجُ العَقِيقِ، المُسْهِبُ
سَلَـبَــتْ نُـهَــايَ بِـنَــفْـحَــةٍ أَزَلــــِيَّـةٍ
مِنْ سِـحْرِهَا، وفُنُونُـهَا لَا تَنْضُبُ.
حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)
"خواطر" ديوان الجدّ والهزل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق