الاثنين، 21 نوفمبر 2022

 ذكريات بشير (1) بقلم:عزيز مومني المغرب

نشأ بشير في الباديةوهو ينتمي لأسرة محافظة كان يقطع مسافة طويلة ليصل إلى مدرسته الإبتدائية التي قضى بها خمس سنوات وصبر وصابر وعانى كي يحصل على الشهادة الإبتدائية،ويرجع السبب لقسوة بعض المعلمين الذين درسوه بحيث كانوا يتعاملون بحزم،وصرامة مع التلاميذ ولا يقبلون من أي تلميذ أن يخطئ.
بعدما عاش بشير مثل جميع الصغار أحداثا كثيرة في طفولته وأحب الطبيعةوهدوئها،رغم أن والديه كانا ناسا عاديين إلا أنه بمجرد انتقاله للإعدادي قرية( عبارة عن تجمع سكني متوسط) تعرف على أصدقاء متمزين وأساتذة مبدعين وراقين فكريا حببوا له الدراسةورآهم بعيني الكمال واتخذ بعضهم قدوات له فاهتم بدراسته وكان منضبطا فيها،وأحب القراءة والمطالعة فكان ينهل من معين العلم عبر قراءته لبعض روايات لطفي المنفلوطي ونجيب الكيلاني وبعض المجلات الإسلامية" منار الإسلام".
كان بشير محبا لوالديه وبارا بهما منذ طفولته وكان ينظر لهما بإكباروبدأ الصلاة مباشرة بعد حصوله على الشهادة الإبتدائية
،وتعرف في الثالثة إعدادي على أصدقاء آخرين متميزين يعشقون الدراسة والتعلم،فكانوا يراجعون معه دروسه و
يعلون همته،ويرفعون سقف طموحه بحلو منطقهم وجديتهم وتفانيهم في عملهم،وكان يحب مصادقة من هم أكبر منه في السن ومن لهم نفس سنه.
كان بشير يسافر باستمرار مع والده وبعض أفراد أسرته عند العائلة،وتعلم الكرم والجودوالسخاء من أفراد عائلته حيث كانوا يحبون الضيوف ويفرحون عند رؤيتهم ويكرمونهم، فأحب عائلته كثيرا،وبقيت أواصر القرابة وصلة الرحم قائمة بينه وبين بعض أفراد عائلته لسنوات طويلة.
تعرف بشير على صديقه حسام وكان يتتافس معه في الدراسة طيلة سنوات الثانوي،ولأن حسام كان يسكن في حي راقي كان بشير يستعير من عنده بعض الكتب الفرنسية الجيدة قصد قراءتها،سافر بشير عدة مرات في طفولته وفي فترة المراهقة لعدة مدن(مراكش- الدار البيضاء-الرباط- بني ملال)،ولعدة مناطق سياحية مثل أوزود وتاغبالوت( منطقة طبيعية توجد فوق القصيبة ب 2 كلمتر) وبونوال( منطقة طبيعية( بعيدة عن القصيبة ب 12 كلمتر ).
لم تكن دراسة بشير في الثانوية مسألة سهلة بل قام بجهود كبيرة كي يصل للباكلوريا كان يدرس بشعبة العلوم التجريبية
،وكانت علاقته بأساتذته يطبعها الإحترام المتبادل،كان بشير يستعير الكتب من مكتبة الثانوية،وكان نشيطا ومحبا لأصدقائه،وكان يقوم بجهود كبيرة في الدعوة إلى الله،وكان متواضعا يعشق القراءة الكثيرة ومحافظ على صلواته.
لأن بشير كان يحب تغيير نفسه باستمرار للأفضل فإنه كان يجد صعوبات في التعامل مع مقربيه،والمحيط الذي يتحرك فيه لأنهم لم يكونوايستوعبون تصرفاته وسلوكياته لمحدودية ثقافتهم،ففكر في الانتقال لمدينة أخرى حيث يوجد بعض أفراد عائلته،إلتحق للدراسة في ثانوية بالمدينة التي انتقل إليها،ولأنه كان يعشق الكتب والقراءة الكثيرة،وله معرفة بتقنيات التواصل مع الآخرين فإنه اندمج بسرعة في المدينة التي انتقل إليها فأصبح لديه أصدقاء طيبين كثر بها.
رغم أن فترة شباب بشير كان فيها نجاح وإخفاق،صعود و
أفول إلا أنها كانت مليئة بالمنجزات والجدوالإجتهاد،ومن ثمار ذلك أن بشير لم يتأثر ،ولم يبالي بفترة المراهقة ولم ينتبه لها كيف مرت،أحلام وطموحات بشير كبيرة جدا ورغم أنه لم يحصل على الباكلوريا للمرة الثالثة بسبب بعض الظروف الخارجة عن إرداته إلا أنه عازم أن يكمل دراسته إلى النهاية ولو بعد حين.
بشير كان محبا للعمل والجد والإجتهاد منذ طفولته إلى فترة المراهقة ثم الشباب،وكان يستعيذ بالله باستمرار من العجز والكسل والفتور، كان فعالا في دراسته وفي الأعمال التي يقوم بها،ويعشق الدينامية والحركية،ويعشق رفع الإيقاع،كما يكره الملل والروتين،ويحب التجديد والتطوير للأعمال التي يقوم بها،وهذا ما جعله يحب الناس المتعلمين جدا و
المبدعين والراقين فكريا،ويستشير معهم باستمرار في شؤونه الخاصة وينظر لهم بإكبار ،ويتعلم منهم ويتعلم منهم كيف يعيش حياته وينجح فيها.
بشير إنسان منفتح على غيره ويسعى لاكتشاف مواهبه و تعزيز قدراته وتطوير ذاته ومهاراته،ويقوم بتكوين عصامي حقيقي وفعال،ولا يرضى بالدون ويكافح ليكون متعلم على أعلى مستوى،ويتعامل مع الآخرين بأدب واحترام ورقي، يحرص أن يكون إنسان اجتماعي طموح ومحافظ، ولا يجامل أحدا على حساب القيم،والمبادئ والأخلاق والهوية الإسلامية همه أن يرضى الله عنه.
طول مسار حياة بشير كان يجلس مع أكابر الناس من المتعلمين جداوالأذكياء والمبدعين الذين حصلوا على دبلومات وشواهد عالية،وأمنيته أن يكون واحدا منهم يوما ما لذلك فهو لا يتوقف عن القراءة الكثيرة في تخصصه وفي تخصصات أخرى، وأمنيته أن يصبح يوما ما كاتبا كبيرا،لذلك فهو يسعى لتطوير كتابته وتجويدها،وتقوية أسلوبه في الكتابة.
بشير إنسان مكافح وعصامي يمتلك روح المغامرة والتحدي ولا يخشى أحدا،ويحرص باستمرار أن يتحرر من وصاية الآخرين عليه،ويحب الدوران حول الأفكار المبدعة والملهمة الراقية،وليس حول الاحداث والأشخاص والأشياء لأن هذا شأن الأمم الحية،رغم الأخطاء والفتور والإنتكاسات التي وقعت لبشير على طول مسار حياته إلا أنه كان خبيرا بنفسه ويؤدبها مرارا ويمنعها أن ترتع في المحرمات ويخالف هواه مرارا،ويلزم نفسه باحترام الآخرين ويحرص أن يكون متوازنا في حياته.
كان بشير يحب السهر الكثير في شبابه من أجل القراءة الكثيرة، وكانت صلته قوية بالله،وكان وقافا عند كتاب الله ومطيع لله ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم،ويشعر اللحظة كأنه أهبط من الجنة إلى الأرض مثل أبيه آدم لأنه في فترة استقامته في المراهقة،والشباب طاول الأنجم في السماء شموخا ورفعةوقربا من الله،وكان مستقيم الفكر والسلوك والأخلاق.
- يتبع -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق