الخميس، 25 فبراير 2021

قراءة في كتاب ( ماذا جنينا بعد أعوام التحدي والمواجهة ) للدكتور / عبد القادر بشير بابان بقلم الناقد / محمد رمضان الجبور / الأردن

 قراءة في كتاب ( ماذا جنينا بعد أعوام التحدي والمواجهة ) للدكتور / عبد القادر بشير بابان

بقلم الناقد / محمد رمضان الجبور / الأردن
من الكتب التي وصلتني حديثاً كتاب الدكتور / عبد القادر بشير بابان ، وقد عنون كتابه بسؤال يشرح فحوى كتابه ، ويحمل في طياته دلالات متعددة تُتدخل المتلقي إلى عمق ما أراده الكاتب ، (ماذا جنينا بعد أعوام التحدي والمواجهة) ، عنوان يثير شهوة المتلقي جاء بصيغة وأسلوب سؤال استنكاري ، وقد كان هذا العنوان العتبة الأولى للدخول إلى متن الكتاب ، ثم تأتي صورة الغلاف التي ظهر فيها صورة للقدس الشريف ، وأمامها أطفال يلهون ويلعبون في دلالة واضحة لعدم نهوض الأمة وترديها ، فالجيل في حالة لهو والأوطان في حالة ضياع .
الكتاب كما بين لنا المؤلف الدكتور عبد القادر بشير يأتي ضمن سلسلة مائة كتاب ، وقد حمل هذا الكتاب الرقم (15) ، وقد جاء على الغلاف الخلفي الخارجي للكتاب توضيح عن هذه السلسلة " سلسلة مائة كتاب ، مشروع بدأته سنة 2008ميلادية لتحليل الأحداث بحرفية ، وأرشفت التغيرات الإقليمية والدولية وفق منظوري الشخصي الذي يحتمل الخطأ والصواب ، ليكون عوناً للأجيال القادمة ، وفق مفهوم التنمية المستدامة في شتى مجالات الحياة "
تضمن الكتاب مجموعة من المقالات بلغت واحد وعشرون مقالاً ، تناول فيها المؤلف مجموعة من القضايا الهامة التي تمس الجانب السياسي والاجتماعي على مستوى العالم الذي نعيش فيه ، فلم تقتصر مقالات الدكتور عبد القادر بشير على بقعة جغرافية بعينها ، بل تناول كل ما يهم المواطن العربي ، وحاول الوقوف على مفاصل كثيرة من الحياة اليومية للمواطن العربي ، ففي مقاله الذي عنونه بمعسكر الانبطاح العربي وبطولات السلام الوهمية ، يتحدث لنا الكاتب عن غدر اليهود وعن هذه الصفة الملازمة لهم ، ويستنكر ما قامت به الأمارات العربية مؤخراً من عقد اتفاقيات السلام الوهمية من قبل الكيان الصهيوني الذي اشتهر بالغدر والخيانة على مدى التاريخ .
وفي مقال آخر بعنوان (آيا صوفية ) يتحدث لنا الكاتب عن الضجة الإعلامية التي حدثت من تحويل متحف آيا صوفية إلى مسجد كما كان في عهد محمد الفاتح ، ويستشهد الكاتب بأحداث كثيرة حدثت في تحويل مساجد إلى كنائس ، بل يذكر لنا بعض المجازر التي حدثت في الجزائر وغيرها ، ويصرح الكاتب في مقاله ، أن ما أريد من هذه الضجة هو افتعال أزمات وهمية بين المسلمين والمسحين ، وإثارة الفتن .
وكما قلنا يحاول الكاتب في مقالاته وفي كتابه أن يؤرخ لبعض الأحداث الهامة على مستوى العالم والعالم العربي خاصة ، ففي عنوان ( بيروتـ.....شيما) يتحدث لنا الكاتب عن انفجار مرفأ بيروت وبحسه الصحفي يحاول الكاتب تحليل ما حدث .
وتظل قضية ومشكلة التطبيع مع العدو الصهيوني الهاجس الأكبر لدى كاتبنا ، فنتيجة هذه القضية كما يقول الكاتب الدكتور عبد القادر بشير هو ضياع فلسطين ، وانهيار للدول العربية التي تظن أن إسرائيل وكيانها هو المنقذ ، فيطرح هذه القضية في عنوان آخر يتعلق بالسودان الشقيق وما وصل إليه من انهيار اقتصادي وسياسي خطير .
وفي الشأن الأمريكي يتناول الكاتب هذا الموضوع في أكثر من مقال ، ففي مقال بعنوان ( التنمر هو المعيار وقول الفصل في السباق الرئاسي الأمريكي ) ، يرى الكاتب يرى الكاتب أنه لا بد من التنمر للوصول إلى كرسي الرئاسة في الانتخابات الأمريكية، ويشير الكاتب إلى عجز من يتولون الرئاسة للخوض في القضايا الكبرى ، ويطرح مثالاً على ذلك ، قضية فلسطين فهي غير قابلة للتفاوض سواء كان الفائز (جوي بايدن ) أو (ترامب ) ، وفي مقال آخر ، يذكر لنا الكاتب الأزمات المتلاحقة للإدارة الأمريكية ، كانهيار المال والاقتصاد ، والانتكاسات السياسية والإنسانية في ظل جائحة كورونا وعهد (ترامب) ، وما زلنا في الحديث عن الشأن الأمريكي ، ففي مقال عن السفارة الأمريكية في بغداد هل هي سفارة أم قاعدة لأذلال وإرهاب العراقيين ، يقول الكاتب : أنه ليس مع العبث في أمن السفارات ، ولكن على السفارة في أي بلدٍ كان أن تحترم سيادة البلد كعرف دولي ، أما ما يخص السفارة الأمريكية في العراق فهي منذ بداياتها لم تكن إلا عشاً للجواسيس والدخلاء من أعداء العراق الجديد ، وبؤرة للتآمر .
لا نريد أن نستطرد كثيراً ونقف عند الكثير من المقالات التي ضمها الكتاب ، فقد يكون ذلك ليس في صالح كتاب يحتاج الكثير من التوقف والتأمل ، ولكن تناولنا بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر .
الكاتب في كتابه هذا يحاول أن يتتبع كل ما يجري حوله ، بأسلوب جميل يشد المتلقي للمتابعة ، ويزيد من قاموسه المعرفي لما يدور في عالمنا من أحداث ، فالدكتور عبد القادر بشير صاحب قلم وصاحب فكر ، ينظر إلى الأمور بعين الصحفي الحاذق ، ويحلل ويناقش ، ويترك المجال والفرصة للمتلقي في إبداء ما يراه مناسباً ، هناك الكثير من المقالات التي تستحق الوقوف والتأمل ، ولكن هذه الوقفة مع الكتاب ما هي إلا لحظة عابرة ، لا نستطيع من خلالها أن نسبر أغوار كل ما أراده الدكتور عبد القادر بشير من كتابه ، وليس هذا الكتاب إلا كتاب من سلسلة طويلة كما يصرح الدكتور عبد القادر وكما قلنا ، وسوف تكون هذه السلسلة مرجعاً ومصدراً لكل الأجيال الآتية ، وشاهداً على عصراً سيكون في يومٍ ما في طي النسيان .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق