أنت والضّباب
بات بصرك شاخصا وغاب عن جفنك النّوم. وصوتك حاصرته الغيوم ليرتطم بها ويعود من حيث صدحت به فينحصر ويكاد يخنقك. حتّى الحلم الّذي كان لديك فقد ظلّله الضّباب فاختلط في ذهنك الحلم بالواقع وبتّ تائهة. غاب عنك النّور فتصدّع صدغك ونال منه شعرك الّذي أمسى والشّوك متشابهان فبات صدغيك كالأخاديد. يشخص بصرك فنخالك متّ وعيناك ترمقان ذاك الحلم الّذي لم يتحقّق. تمتدّ لك الأيادي مختلفة في سبب امتدادها لك فتتشابك وتتعارك لذلك تصيبك الخدوش من كلّ الجهات فتتألّمين..وتئنّين..ولكنّ صراخك تثنيه الغيوم عن بلوغ هدفه فيرتدّ عليك ليزيد من ألمك. كانت الأيادي الّتي أرادت أن تنتشلك ممّا أنت فيه مغمورة ومسلوبة القوّة فقد كبّلوها ليبعدوها عنك ويبعدوك عنها وجعلوها لقمة سائغة للقوارض والكواسر الّتي لا تفرّق بين من لها ومن عليها فتأتي على كلّ شيء حتّى أنت الّتي آويتها وأطعمتها لم ولن تسلمي من جورها. هذه كواسر نمت وكبرت بين أيدي جائرين فعلّموها أنّ اليد الّتي تمتدّ إليها لا بدّ أن تقطع والصّدر الّذي حنا عليها لا بدّ أن يمخر حتّى تظهر عظامه ويمتصّ الدّم الّذي يسري في شرايينه. سوف لن نتركك وسوف نصارع الغيوم الّتي حولك والضّباب الّذي يحجب حلمك. سنتمثّل يدك وعينيك وصوتك وسوف نداهم كلّ الأوكار الّتي كانت سببا في تيهك. لا تبتئسي ولا تحزني سوف لن تضمحلّي بل من أراد بك سوءا هو الّذي سيدحض وتهدم مخابئه حتّى لا يعشّش من جديد. الآن حصحص الحقّ وانفضحت كلّ المكائد ولن يعمّر الغموض بعد الآن.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق