الأربعاء، 17 فبراير 2021

زوج حمام بقلم راضية قعلول

 جلست إلى الحاسوب وبدأت تكتب إليه ومن حين لآخر ترمق محطّة المترو حيث ينزل الركّاب ويصعدون في حركة دائبة .وعلى سقف قرميدي مقابل لنافذتها حطّ زوج حمام .ابتسمت وهي تشاهد ذكر الحمام يغازل أنثاه ويقبل عينها ويغوص بمنقاره في ريش رقبتها وهي تهدل بصوت لا تستطيع أمينة سماعه لأنّ نافذتها مغلقة وضجيج المحطة يمنع عنها الصوت لكن من حركة الرّأس وانتفاخ الرّقبة فهمت الصوت..

نقلت المشهد إلى صديقها على الفايس بوك كما هو.وكتبت إليه عن حبّها للجهاد وعن رغبتها في اللحاق به .
وكتب لها:
أنت وحشاني بكلّ التّفاصيل
وبكلّ الأغنيات,وبكلّ الآهات
وبكلّ الإبتهالات..
برائحة موجك
وظمإ شفاهك
وجنون نظراتك
وهمس قربك
وهمجية رياحك
ونبيذ دفئك..
ضحكت مرّة ثانيّة ورفعت صوت المسجّل لتستمع إلى أغنيّة تحبّها.
وتابعت الكتابة قائلة:
قل لي بالضّبط الخطوات التّي عليّ اتّباعها للوصول اليك.نسيت لقد اقتنيت حجابا ولباسا جميلا سأريه لك.
وخفت إلى الدّّولاب أتت بالثّوب والخمار..
عبّر لها عن فرحه بذلك وكبّر..
قال:
تستقلّين الطّائرة من باريس إلى اسطنبول ثمّ تنتقلين إلى غزينتاب فيها ستلتقين بسيّدة سأمدّك برقم هاتفها عندما تصلين إلى النّزل.لابدّ تجيبي معك نقود .إلى اللقاء والهاتف بيننا.
وأرسل لها أوتو كولون وصورة لباقة ورد....
تركت الحاسوب وتمدّدت على سريرها وهي تفكّر في هذه المغامرة التي ستقوم بها لكن حسّها الصحفي يلحّ عليها إلحاحا .
نهضت ارتدت معطفها ومشطت شعرها القصير ولبست حذاء رياضيّا وأخذت حقيبة صغيرة وأغلقت باب الإستيديو وغادرت..
يوم 6سبتمبر 2014كانت واقفة أمام نزل صغير بمدينة غزينتاب التّركية التّي تبعد 40كم عن سوريا ترقب الطريق بشئ من التشنّج تنتظر السيّدة التي وصفها لها مصعب لم تنتظر طويلا إذو قفت أمام النزل سيارة تاكسي نزلت منهاسيّدة ترتدي السّواد لا يظهر منها إلا عيناها اصطحبتها إلى غرفتها بالفندق..
رفعت السّيدة الحجاب عن وجهها فكاد يغمى على أمينة لأنّ السيّدة التّي أمامها والتي حدّثها مصعب عنها هي طفلة لا يتجاوز عمرها الخمس عشرة سنة.تمالكت أمينة نفسها وابتسمت لها وقبّلتها وقالت :
متى أصل إلى مصعب أنا مشتاقة لرِؤيته؟
ردّت منال:
لا تستعجلي الأمور ستصلين إنشاء الله.
ثمّ فتحت هاتفها وكلّمت شخصا بعد ذلك نظرت إلى أمينة وقالت:
الآن يمكنك أن تتحجّبي فأنت بأمان وفي المساء ستأتيك سيّارة أجرة تنقلك إلى أورفا ومنها إلى سوريا حيث تلتقين بحبيبك.
ابتسمت لها أمينة وقالت لها :
_هيانشرب قهوة معا ونتناول وجبة خفيفة أحس بجوع فضيع..
ضحكت منال وقد استأنست بأمينة خصوصا أنها فرنسية من أصل مغاربي مثلها.
سألتها أمينة :
_عزيزتي كيف وصلت إلى هنا؟
_ألم ينتبه إليك رجال الديوانة؟
ابتسمت منال بخبث وقالت لها:
_لقد سرقت أوراق أختي التي تشبهني قليلا وهي تكبرني بثلاث سنوات وقد عماهم ربّ العالمين وحماني من شرّهم واستطعت المرور..
ردّت أمينة:
_وهل تعرفين نبيل كشخص؟
_لا!!لا!عرفته عن طريق النّات وأنا أحبه بجنون وسألتقي به قريبا.
_وإذا وجدته مختلفا عمّا هو عليه في النات ماذاستفعلين؟
سأعود إلى نيس حيث تقيم عائلتي
وأعود إلى دراستي.
أخذت أمينة صورا عديدة لمنال في غفلة منها وسألتها عن عدد الفتيات اللاتي معها وعن الإقامة وعن أشياء كثيرة ثمّ سلّمت عليها وعادت إلى الفندق حيث جمعت أدواتها وعادت إلى مدينة اسطنبول وهي تكاد تفقد صوابها..!
راضية قعلول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق