الجمعة، 19 فبراير 2021

قصة قصيرة جلسة إستماع بقلم الكاتبة بهيجة بن موسى

 قصة قصيرة:

__ جلسة إستماع __
... لماذا تتمرد المشاعر وتتصرف برعونة؟ .. تتزايد دقات القلب ويضيق النّفَس وتنهمر الدموع..
كل هذا يحدث بلا إستئذان.. يالها من مشاعر متمردة..
لِمَاذا تتصرف بكل هذا الإقصاء ولا تأخذ الإذن وأبدا لا تنتظر الموافقة...
يالها من عنيدة تعذب قلبي...
توقفت قليلا عن الكلام. رأى دموعا حارة تحرق خديها.. بقي صامتا يستمع دون مقاطعة..
أما هي فأخذت نفسا عميقا وواصلت حديثها بإسترسال كأنها تحدث نفسها..
دائما ينتابها خوف شديد كلما وجدت نفسها سعيدة.. فهي تدرك
أن هذه السعادة ستكلفها ثمنا باهضا لأنها تعرف حظها، لم يعد غريبا عنها بعد أن جربته أكثر من مرة..
فكل شعور بالفرح يغمرها للحظات.. يعقبه حزن وكآبة وجرح عميق..
إذا فرحت في الصباح تحزن في المساء.. وإذا أنعمت عليها الأقدار بالسعادة ليلا تسلّها من قلبها صباحا مثل ما تَسْحَبُ جند الظلام من حضرة نور الشمس....
...نعم فهي تتذكر كم كانت سعيدة قبل أن تُصدم بخبر وفاة والدها أغلا مخلوق على قلبها فقط بعد ساعات من شعورها بالفرح الشديد...
قلبها الصغير لم يعد يحتمل..
ورفيقها الوحيد هو الدمع.. وهو علاجها..
مدت يدها إلى طاولة بجانبها .. تناولت كأس ماء شربت منه قليلا .. بللت ريقها.. وعادت للحديث
ربما هي لم تفهم قوانين الكون..
فكلما إعتقدت أنها تسعد من حولها وبذلت جهدا في ذلك.. إكتشفت أن كل مساعيها كانت هباءً .. وأنها كانت تسبب الأذى لمن تحب...
عن قصد أو عن حسن نية ... هذا لا يهم...
المهم أنها تؤذيهم.. وهذا هو ما يدمرها من الداخل دمارًا رهيبا .. فهم يمثلون الروح بالنسبة إليها..
سكتت قليلا وإلتفتت إليه ولاحظت على وجهه ملامح إستغراب... لكنها لم تهتم.. وواصلت كلامها..
ما أبشع أن تحرق نفسك لتنير درب من تحب وفي الأخير تكتشف أنك قد أحرقته معك...
آااه.. الحيرة مزقت ذاك القلب المسكين الذي لا يملك من الدنيا سوى نبع دافق من الحنان والنقاء والحب الصادق...
فما هو السبيل إلى تحقيق الرضى والسعادة.. يادكتور ؟؟؟
... هكذا كانت تحدث طبيبها النفسي في أول جلسة علاج لها...
أما الطبيب فقد إنطلق في تشخيص الحالة من السبب الذي جعله يبدو مستغربا من طريقة حديثها.
...فقد كانت تتحدث عن نفسها بضمير الغائب..
بهيجة بن موسى
Peut être une image en noir et blanc

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق