~ الغياب الأخير ~
لم تكن عيدا في العام الماضي،
ولم تكن أعيادا في كل أعوامي.
فأيّ باب أفتحه الليلة ليدخل طيفك،
وقد صار الغياب لك عادة ووفاء؟
كانت الوعود تدفن،
وأنا، لسنوات عديدة،
كنت أحفر لها قبرا بيديّ.
يعزّ عليّ أن أكون لغيرك،
وأنت لي، ولست بملكي.
يعزّ عليّ أن تلامس يدك صدري،
وأنت على مرمى صوت ووجع،
وأن أرى صورتك القريبة،
ولست في حضني.
هنا، في هذا الفراغ البارد،
حيث كان لي وطن،
وفي هذا المساء الذي أثقل الهواء،
لن أطبخ الشوق الذي اعتادتْ يدي أن تطعمه لك،
ولن أتزين لعينيك التي أرى فيها فقط خيال الأمس.
لن أطعمك بيديّ الخوف من غد لا يجمعنا،
لن تسمعني الموسيقى،
ولن ترفعني أجراس أحلامك عاليا.
ولن تقطف التوت من عيوني المكحّلة بالغنج،
وتزرعه على شفتيَّ،
لأنّ الغياب جعلك أعمى
عن كلّ ما كان يزهر بيننا.
لن أؤرّخ هذه الليلة،
فهي ورقة تعيسة
ستسقط من شجرة عمري
كأوراق الخريف التي لم تعد تنمو،
ويجرفها تيار الوداع،
مثلك تماما… بعيد.
ولتبدأ سنواتك الجديدة
بما لم يطله عمري.
جميلة عبسي
دبي جويلة 2025

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق