آه يا وطني
في زمنٍ غابت فيه ملامح الوطن وتوشّحت الوجوه بالكآبة، حين اختفى الصّوت الوطنيّ وراء صراخ المتسابقين على المصالح الشّخصيّة، أسأل: أين ذهبت روح الوطنيّة؟ إذ غابت الأصوات الّتي كانت تهتف من أجل الصّالح العام، وحلّ محلّها صدى مطالب فرديّة صارت تدوس على قيمٍ ولدت من رحم آلام النّاس.
اليوم، نرى من يستدرج أبناء الوطن المتعطّشين إلى غد أفضل نحو أجندة ربحٍ شخصيّ. يختفي الولاء حين تخشى التّضحية. تذوب قيم العطاء والبذل في بحر الطّمع، وتصبح المصلحة الخاصّة مرآةً لا ترى فيها الذّات سوى نفسها، لا المجتمع. فهل الوطن بالنسبة إلى البعض مجرّد كلمة تُردّد في الاحتفال؟ هل هو مجرّد علم نرفعه حين تقتضي الحاجة، فيما تمارس المحسوبيّة، ويهدر المال العام، ويتجاهل صوت الفقير؟
أين ذلك الحماس الّذي يجعل الفرد يعطي للوطن بلا انتظار مقابل أو منفعة شخصيّة، يحميه كما يحمي حلم أبنائه، وينسى نفسه في سبيل عزّة وكرامة الأمّة؟
ما عاد الوطن مشروع شعب بأكمله، بل أصبح سوقا تباع وتشترى فيه قضايا الأغلبيّة.
الوطن في حاجة إلى وقفة صارمة وهجر الفرديّة المقيتة، في حاجة إلى رؤية جديدة تبنى على أسس تسود فيها روح الأمانة وصفاء النيّة، ليكون ساحة للبذل والتّضحية.
الوطن ينتظر من أبنائه إعادة التّفكير بما يتجاوز الفرد ويجمعهم تحت سقفه. فمتى؟
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق