الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجزيري : شاعر تـفـجّر الشعـر في قـلبـه..كما تفـجرت الصخرة بالماء لقوم موسى دون سابق عهد..(تقديم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن)

 الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجزيري : شاعر تـفـجّر الشعـر في قـلبـه..كما تفـجرت الصخرة بالماء لقوم موسى دون سابق عهد..


(تقديم محمد المحسن)


شاعر تـفـجر الشعـر في قـلبـه كما تفـجرت الصخرة بالماء لقوم موسى دون سابق عهد، فتعهده بالشكر والجهد فما انبجس كما انبجست،ومد يديه إلى السماء،ورنا ببصره إلى العلياء،واستسقى من -الوَجع-عاضا على جرحه،واستضاف القصيدة إلى -عشيرته-فجاءته تحبو..لكنها اشترطت عليه الصبر..فصبر وصابر وتجلّد وثابر..وثبت ثبوت الرواسي أمام العواصف..وطلبت منه العطاء فأعطاها،واشترطت عليه الجهد،فاجتهد،وحين حاولت (القصيدة) الفرار من قلمه..اصطدمت بصخرة سيزيف وتهاوت إبداعا خلاقا دون أن تدرك أن كاتبها الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري،ذالك الذي شعره ليس نظما كالناظمين،بل سيل جارف من الألم والأمل،وحنان قلب مفعم بإشراقات الآتي الجليل..

هو ذا محمد الهادي الجزيري الذي حارت القصيدة في أمره وتوجعّت بين أنامله حد البكاء..

وأترك للسادة القراء حرية التفاعل مع اللوحة الشعرية التالية التي نحتتها ببراعة واقتدار أنامل الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري على الساعة الرابعة فجرا..عفوا..ألما..


هاتها

للقصيدة فرسانها الأغبياءُ

وبي ظمأ للحياة ولذّاتها

هاتها

لم أعِد أحدا بالقصيدةِ.....

ولولتُ من شجن بالغ في طريقي إلى القبر

فاعتقد الناس ما اعتقدوا

أوَشعرٌ بكائي على طائر كنتُه؟

أوَشعرٌ نُواحي على أمّة

غصّ قلبي بأيتامها

وقطعت حياتي وراء جنازاتها

هاتها

لستُ ربّ القطيعِ

ولاربّ لي غير حزني

ولاغد لي في قبائل تعزل أحياءها

وتبايع أمواتها

هاتها

كشف الغاب أوراقه كلّها

وعوى الذئب فيَّ

وفي كلّ من مرّ بي

ويلنا من تدحرجنا في جحيم الأنا

ويلنا من حديث الأنا مع مرآتها

هاتها

كذبٌ كلّ ما قلته عن أخي

إنّه الذئب في كلّ عصر ومصر

ولست أبرّأ نفسي من الجوعِ

حتّى وإنْ لمْ أمدّ يديّ إلى طبق واحد

في ولائم أمّي وجاراتها

هاتها

ولتحلَّ على كتبي لعنتي

وعلى كلّ من حوّلوا وجهتي

من سكينة روحي إلى ضجّة الكتبِ

أين أهرب من هذه الجلبةْ؟

كيف أفلت من زحمة الكلمات وأصواتها؟:

جنّة......

وطني جنّة ..إنّما ..إنّما .

عاشقان وتفّاحة وجيوش من المفرداتِ

أمن أجل تفّاحة كلّ هذي الدماءْ؟

أأُهشّم رأسي على حجر ناتئ في مضيق اللغةْ

أمْ أشير إليك بأنْ هاتها

هاتها

إنّ ما بي عسير على الأبجديةِ

مسكينة....

أوْجدتها القبائلُ حتّى تعدّ غنائمها

وتُسَمّيَ غاراتها

ليس في وسعها الغوص في غيمتي

ليس في وسعها فعل شيءٍ

سوى العيش في ذاتها

هاتها

أمسِ قبّلتُ جبهة قاتلتي

واعتذرت لها عن شحوبي

وعن ظلمها وجناياتها.

لمْ أجد في بلاد النساء أنوثتها

لم أجد في عيون الكلام عذوبتها

لم أجد في لحاف الهوى نبضها واخْتلاجاتها

هاتها

ثمّ هات شقيقاتها ...فبنات عمومتها...

هات خالاتها..

كيف ...هلْ نفد الخمرُ؟

هات الكروم بغاباتها

فلعلّي متى غرق العقل

أدرك أسرارها

وأعي كيف تفعل.......سبحانها

لتقيم هنا في دمي

وتكون هنالك في بيتها

هاتها

أكلتني الحياة

ولم تُبق منّي سوى جثّة

تتعثّر بين كوابيسها والتزاماتها

هاتها

لا أرى غير أرض

تصرّ على ضمّ ذاتي إلى ذاتها..


*ملحوظة : أوصاني الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجزيري بأن أحتفظ بقصائده وأتولى نشرها تباعا في المدى المنظور إن حصل له-لا قدر الله مكروه-إذ يعاني من مرض عضال نخر جسده ونال منه في نخاع العظم (مثلي تماما)..لكنني "خنت" الأمانة،ولم أستطع الإحتفاظ بإبداعاته المذهلة،لا تحت الأرض ولا فوق السماء..فليعذرني..فقد مارست عليَّ قصائده إكراهاتها-قسر إرادتي- 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق