الأربعاء، 20 سبتمبر 2023

لا لمْ تمُتْ.. بقلم الشاعرة سعيدة باش طبجي

 في رثاء الأستاذة المربية والصديقة الوفية و الأم الرؤوم المغداقة والفنانة الموهوبة الذوّاقة :(نائلة بن حربي)

《 ☆لا لمْ تمُتْ...☆》
اليوْمَ جاءتْني القوافِي هاطلةْ☆
تهْفُو وتسْألُ : أين غابتْ نائلةْ؟☆
ما عوّدَتْنا أنْ تغيبَ عنِ المَجامعِ
والمَجالسِ والحُشُودِ الحافلةْ☆
يا رقْدةَ الأمّ الرّؤومِ بلَحدِ أعتامِ
الرَّدَى.. وبِمَهْد أرضٍ ماحِلةْ !☆
يا لوْعةَ الفنِّ الرّفيعِ على المَواهبِ
و البَدائعِ والسَّجَايا الزائلةْ ☆
كيْف ارتَحَلْتِ بلحظةٍ مثْلُومةٍ
وتركْتِ أحداقَ الأحبّةِ اَفِلةْ؟☆
وزَرعْتِ لَوْعَةَ فَقْدِکَ المَحمُومِ جَمْرًا
في تَجَاوِيفِ القُلوبِ الثّاكلةْ☆
هلْ يأفلُ النّجْمُ المُعمَّدُ بالهوَى؟
ويَغُورُ في جُرف الكُهوفِ القاحِلة؟☆
هل شَحَّتْ الكفُّ الّتي كانَتْ هُنا
كالغيْمةِ الغَرّاء تُغْدِقُ وَابلةْ؟☆
لمَّا تَرَجَّلتْ الحَبيبةُ ذاتَ يومٍ
أخْرسَ الحُزنُ المَريرُ عَنادِلَهْ☆
ناحَتْ دَواةُ العلمِ تنْدُبُ حظَّها
والكتْبُ والأقلامُ خَرّتْ ذاهِلةْ ☆
كانتْ هُنا... أجْيَالُنا منْ نبْعِها
الدَفّاقِ والمِغْداقِ تشْرَبُ نَاهِلةْ☆
لا لمْ تمُتْ..لا..لا يَموتُ المُبْدِعُ
الفنّانُ والأمُّ الرَّؤُومُ الباسِلةْ☆
أفلا ترَوْنَ الطيْفَ يَرفُلُ في الشَّذَا؟
أفلا تشُمُّونَ الطُّيُوبَ الهاطِلةْ؟☆
إنّي أرَاها في مُلاءاتِ العَطا
في القاعةِ الفيْحاءِ تَرفُلُ جَائلةْ☆
مَوْشومةً في القلبِ..في الجُدرانِ
في الطبْشُورِ ..ذكرَى في الجَوارحِ مَاثلةْ☆
والقَاعةُ الفيْحَاءُ تَحلُمُ بِالجَنَى
وقدْ ارتَدَتْ ثوْبَ الأمانِي...رافلةْ ☆
والإسْمُ مَنْقُوشٌ عَلَى أبْوابِها
يَرنُو إلَى هَذِي الجُموعِ الحافلةْ☆
أيْن العَرُوسُ؟...و هلْ صَحيحٌ أنَّها
أخْفَتْ شَمائلها بأرضٍ مَاحِلة؟☆
لا لمْ تَمُتْ...كانتْ "سِزيفا".. تَدفعُ
الصَّخْرَ العَنِيدَ إلى الذُّرَى المُتَطاوِلةْ☆
حتّى ولوْ سقَطتْ بجُرفِ المَوْتِ
صَخرتُها..فرُوحُ الحُلْمِ فِيها كَاملةْ☆
نبْعُ الشّهامةِ والكَرامةِ و النّصاعَةِ
و البَراعةِ و اليَناعةِ : نائلةْ☆
قد ضَامَها ذئْبُ السَّقامِ و غالَهَا
داءٌ بأنْيابِ الحِمامِ الغَائلةْ ☆
لكنَّها سَتظلّ رَمْزًا للصّمُودِ
وكُلّ أنْثى بالعَطايا حَامِلةْ☆
أيْقونةً..أُمْثُولةً..أمَّ السَّجَايَا
و العَطايا والمَزايا الفاضِلةْ ☆
مَهْدَ الهَوَى..طُلّابُها أبْناؤُها
والمَعهَدُ المَحظُوظُ هُوّ العائِلةْ ☆
قد غِبْتُ عنْ تأْبينٍها و وَداعِها
لا.. لْا تََكُوني يَا أخَيّةُ عَاذِلةْ☆
ما كُنْتُ أقْدرُ أنْ أراكِ طريحَةً
مَا كُنْتِ يَومًا يا أخَيّةُ خَامِلةْ☆
اليوْمَ أحمِلُ أحرُفي ومَواجِعي
مَمْهُورةً بالشّوْقِ تَصدَحُ قائلةْ :☆
"سَيَظلُّ طيْفُك شامِخًا كالنّسْرِ
يَهْفُو للمَدَى والعَيْنُ تَرنُو اَمِلةْ☆
"الطِّينُ منْكِ اقْتاتَهُ جَوْفُ الثّرَى
والرّوحُ جِذْلَى في الأقاصِي رافِلةْ☆
"سَتزُفُّك الأشْعارُ والتاريخُ والفعلُ
الجَميلُ إلى الخُلودِ بأحرُف مُتَناسِلةْ☆
"فلذِكْرِك الرَّيّانِ عِطرُ تَحِيَّةٍ
تهْمِي سَلامًا..بالمَحبّةِ سَائلةْ☆
"ولرُوحِكِ الزّهْراء بَوْحُ قَصائدٍ
بالحُبُّ يَبْعثُ للحَياةِ رَسَائلَهْ☆
☆《سعيدة باش طبجي》☆
18 /9/2023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق