السبت، 23 سبتمبر 2023

ركبت الهوى ــــــــــ رجاء بوستة


 ركبت الهوى

(رجاء بوستة)
إني الذي ركب الهوى ليراكمُ ~~~ بيد تجود بشربة من ماءِ
في زحمة العشّاق علّيَ أسبق ~~~ فأقبل كفّا سقت بشفاءِ
كلِفٌ عـسى يرقى المنام بخاطري ~~~ و تذوب روحي في جميل لقاءِ
عجبا رأوا عمق المحبّة و ادّعوا ~~~ أنّ حبيبيَ ساحرُ الأحياءِ
حاشاك حِبّي إنّما أنت الهدى ~~~ للعالمين ، بمِنّة العطّاءِ
يا ذا الذي قُبِس الضيا لمّا بدا ~~~ نورا سنا، من وجهه الوضّاءِ
فأتى على حَلَكِ الزمان بكوننا ~~~ و زها الوجود بحُلّةٍ بيضاءِ
خشعت جميع الكائنات و هلّلت ~~~ لمّا حللتَ بسجدة الإصغاءِ
لبّيت ربّا ما ارتضى لك أرحُما ~~~ غير التي من صفوة الكرماءِ
فسجدت في باب الدخول تخشّعا ~~~ و سرى الضيا في كامل الأرجاءِ
بقدومِكَ سعدت وئيدات العربْ ~~~ ها قد نجت من ظالمي البطحاءِ(1)
و بدت أسارير العبيد طليقة ~~~ ها قد نجوا من وطأة الأسواءِ(2)
من بعدما حَلَكَ الدجى و طغى الرَدى(3) ~~~ و عَلت شكاوى البُكم و الصمّاءِ(4)
يا من أبى شمسا بيُمناه و لا ~~~ قمرا على يسراه من جهلاءِ(5)
لا جاه يرضى عندهم لا مالهم ~~~ ما طاع غير أوامر الأنباءِ(6)
رفض التنعّم بالحرير و بالحلي ~~~ و سعى يروم مصاعب الصحراءِ(7)
و محا الرذائل في غياهِب كوننا ~~~ و أقام عهدا لا يُدان بداءِ
شهد الزمان بقاءه هو سيّدا ~~~ ما دام عمر الأرض تحت سماءِ
و مُبجَّلٌ و مُفضَّلٌ يوم اللقاءْ ~~~ بوسيلة من أرحم الرحماءِ
و إليه يهرع سابِـقوه(😎 لِعلمهم ~~~ أن الإله يخصّه بعطاءِ(9)
ذاك الذي من أجله في زمزم ~~~ جُعِلَ السَقاء بلا انتقاص بماءِ(10)
فهو السموح و لو طغى مِن قَبْل مَن ~~~ عاد إلى الرحمان بعد شِفاءِ(11)
و دليلي ما فعلت تُماضَر بعدما ~~~ جهلت بحملها راية الخنساءِ(12)
قلبي متيّم فيك يا حسن الورى ~~~ عرف الهوى مذ ظلمة الأحشاءِ
و يبوح في كل زمان مكابرٌ ~~~ بهواك جهرا لحظة استثناءِ
( رجاء بوستة)
--------- -------- --------
1: البطحاء: مكة
2: الأسواء: جمع سوء
3: الردى: الهلاك .
4: البكم: الحيوانات. الصمّاء : الحجارة
5: عندما حاولت قريش ردّه عن مبتغاه بإغرائه بما يريد
6: الأنباء: الوحي
7: الصحراء: أرض العرب
8: سابقوه : إخوانه و أجداده الذين سبقوه من الرسل و الأنبياء
9: يخصه بعطاء : الوسيلة و الفضيلة يوم القيامة
10: جعل الله زمزم فسقى منها اسماعيل لأنه يحمل في صلبه محمدا. و منها سقاية الحجيج إلى يوم القيامة . وهي لا تنبض أبدا
11: عاد التائب إلى ربه بعدما شُفي قلبه من الكفر
12: تماضر : هي الخنساء التي قتلت حمزة عمّ الرسول و تفننت في التنكيل بجسمه انتقاما لأخيها صخرا. و عندما دخلت الإسلام قدّمت أبناءها الأربع شهداء تحت راية الإسلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق