Moufida Jelassi i.
شكرا جزيلا للدكتورة مفيدة الجلاصي على
هذه القراءة النقدية الاسلوبية الدلالية لقصيدتي "لا تكبري"
الطلب المستحيل في قصيدة الشاعرة "حبيبة محرزي"
في بنية القصيدة .العنوان :لا تكبري :ورد جملة فعلية بسيطة في أسلوب طلبي هو النهي لا الناهية مع فعل" تكبري" ومن هذا الأسلوب انطلقت الشاعرة في نظم نثرية شعرية قامت على ثناىية الأمر والنهي لتؤسس خطابا شعريا مخصوصا انبنى على طرفين هما :
_المخاطبة وهي الباثة المتكلمة الأمرة الناهية وهي كما يبدو في موقع قوة بما لديها من سلطة عاطفية روحية وجدانية وفكرية فهي الحاكمة بامرها
_المخاطبة وهي المتقبلة او المأمورة والمنهية المتلقية للخطاب والتي تبدو في موقع ضعف إذ لا نقف لها على رد والتي لم تفصح الشاعرة عن هويتها بدقة بل خاطبتها ب"يا صغيرتي"
لذا قد تكون هذه الصغيرة هي الإبنة أو هي اي فتاة صغيرة ومن هنا ياخذ هذا الخطاب دوره التعليمي التوجيهي بما حواه من مضامين في الوعظ والارشاد عبر مجموعة من التوصيات اعتمادا على ما اكتسبته من تجارب وخبرات في الحياة. هذا يجرنا إلى التساول عن هذه المضامين والاساليب التي توختها الشاعرة لابلاغها للقارئ المتلقي انطلاقا من العنوان كعتبة أولى بكل ما يحمله من طاقة ايحائية دفعتنا لأن نؤطر قراءتنا للقصيدة في اطار سيميائي في ابعادها الدلالية البنيوية والهيكلية محاولين سبر اغوار المعاني التي تنشدها الشاعرة
_.المضامين : فما هي هذه المضامين التي تنشدها الشاعرة؟ وما هي الأساليب التي توسلتها لابلاغ ما تريده من معان ودلالات؟
تنطلق الشاعرة في سرديتها لتستهل قصيدتها بنفس الجملة الطلبية التي اعتمدتها عنوانا للقصيدة "لا تكبري" لتردفها مباشرة بمجموعة من الطلبات بأسلوب الأمر عبر جملة من الأفعال والصفات وكانها تختزل الوقت والزمن قبل فوات الأوان لأنّ العمر "قبس، من ضياء" كما تقول لذا فالمطلوب منها ان ترقص وتغني وتتسلق التلال والصخور، وأن تخاطب الأشجار وتقود اسراب الفراشات وان تنام بين الزهور وان ترسم على كبد الرمال قصورا وجنائن وان تقفز مثل الغزال وان تصنع مراجيح بين الاجمات وووو،
والمبرّر أنّ ا"لجمال بدونها لم يعد جمالا" واذا هي الجمال بعينه
ولو تمعنا جيدا في توصيات الشاعرة لتأكدنا بانها تنشد لصغيرتها حياة بعيدة عن الضنك والبؤس والألم و الوجع وان تغنم من هذه الحياة مباهجها الا يذكرنا هذا بقول الشاعر التونسي "جعفر ماجد" في قوله لابنه :
العب بالرمل ولا تتعب
قد اوشك صيفك ان يذهب
وقريبا تكبر يا أملي
ويعود صيفك ولا تلعب
غير ان الشاعرة وان قصدت ما عناه "جعفر ماجد" فإنها تذهب ابعد من ذلك فتحذّرها من منظار من جربت "الكبر" لتبدع لها عالما بديلا فردوسيا نقيا من كل الشوائب عالم حوى كل جماليّات الطبيعة.بشرط التسلح بالاليات التي بها تتحقق الاحلام (العزة والحرية والانطلاق)
في المقطع الأخير من القصيدة يلين الخطاب فيحضر النداء للتودد والقرب والعطف:
لا تسرعي يا صغيرتي
لا تكبري يا حلوتي
لتربط السبب بالنتيجة "فهم بك يتربصون خلف الدجى والظلمات"
من "الهم" ؟ الجواب بين هم الظلاميون الذين يسكنون الدجى والظلمات. للتواصل النصح والارشاد:"استمتعي.. اطلقي، ضفائرك تغازل الحياة" معجم غزلي والمنازل الضفائر والمنازل بها الحياة"
لتخضر لا المنافسة للجنس نفيا مطلقا "لا سجن لا قيود لا اغلال" هذا هو الهدف .نسف وسائل القمع.والبديل "حواء الابية" هذا بيت القصيدة أنه الاطلاق والتعميم .هي المرأة كلها
هي الدعوة لإثبات الذات في تفاعل وانسجام عشقي مع الطبيعة
ترنمي بانغام الخلود والانطلاق...
غازلي القمر والهلال
وانسي الأحزان في المجاهل البربرية
قاومي تصدي للجهل المتمكن
كوني كالنوارس يانعة
زاهية قرب مسارات الضياء
وهكذا تنغلق القصيدة على مجموعة من النصائح او التوصيات الختامية تحمل في طياتها خلاصة الكلام وزبدته لتقول :
تخطي كل الحصون العالية
كوني انت
كوني ما شئت
كوني نبراسا للحرية
وهنا يخفت ذلك الصوت الهادر نهيا وامرا ونصحا وتفسيرات وتعليلا لخلق واقع اجمل منشودا رهينا بالأمل والتوق إلى الحرية
الخاتمة
لقد استأتست الشاعرة "حبيبة محرزي" بمجموعة من المعاني والدلالات في هذا الخطاب الذي يحيلنا على غرض شعري متعلق بالاخوانيات في الشعر، العربي في علاقة الفرد بالاسرة وفي هذه القصيدة نجد الشاعرة تلبس نصها بنوع من التحدي لأعراف المجتمع لتعبر عن اعتدادها بالفرد من خلال صغيرتها في ثورة على عقلية متخلفة لا تعير اهتماما لقدرات المرأة وهي،مؤمنة بأن تقدم المجتمع رهين حرية المرأة واستقلالها الفكري والقيمي لانه كما يقول الفيلسوف :سان جوست " سلطان الخلق أقوى من الطغاة" وفي، هذا المجتمع المنشود يسير القاتل نفسه إلى المقصلة طائعا كما يقول جان جاك روسو في العقد الاجتماعي :لئلا يكون المرء ضحية سفاك عليه ان يتقبل الموت إذا كان هو سفاكا "
القصيدة تعبير عن قناعات تؤسس لميثاق اصلاحي لمنظومة تربوية اجتماعية أخلاقية مخرٌبة وقد اعتمدت على حقل دلالي متنوع في الاساليب اللغوية ومؤثثات الطبيعة في صورتها المشرقة المشعة لتكون الصغيرة نبراسا للحرية.
ما شدنا في القصيدة انها قد حفلت بكم هائل من الألفاظ المستمدة من معجم لغوي، قام على ما يسمى في النقد الادبي الحديث ب"المعادل الموضوعي،" لا سيما في الصور التي اعتمدتها الشاعرة في التعبير عن المعاني وهذا ما اكسبها كما بينا انفا جمالية،الإيحاء بما،فيه من انزياحية سيميائية التراكيب بكل ما تحمله في طياتها من دلالات وهو ما يحيلنا كمتلقين قارئين على ما يبرر سيطرة المتكلم المخاطب اي الأنا باعتباره الأمر الناهي في تاجج حضوره وتوهجه بالنسبة للمتلقي لذلك وجدنا الشاعرة في تخبط بين الأزمنة بابعادها الثلاثة :الماضي /الحاضر ،/المستقبل هذه المراوحة مع تواتر الأفعال والاحوال والاقوال اكسبت القصيدة ايقاعا تأثيرا مقنعا .رغم بعض الغموض الذي تظل الشاعرة وحدها من تبرره وتفسيره في علاقة تفاعلية مع المتلقي خاصة الذكر الحاضر بالغياب
الدكتورة مفيدة الجلاصي
تونس
لاتكبري.
لا تكبري
فالعمر قبس من ضياء
ارقصي يا صغيرتي
غنّي على قمم الجبال
وتسلّقي التلال والصخور
بمخالب العزّة والحرية
ليس محال
خاطبي الأشجار في عليائها
تبسمي
دعي الجدال
قودي أسراب الفراشات
نحو ذاك النور
نحو الامل على أجنحة الطيور
نامي بين الزّهور
ارسمي على كبد الرمال
قصوراً وجنائن غنٌاء
اجمعي أكاليل الورود
والنسرين والأقحوان
اقفزي مثل الغزال
تمتّعي بأريج الزّعتر
عيشي حياة من دلال
اصنعي مراجيح بين اﻷجمات من خيال
وتصوري أن الجمال بدونك
ماعاد يسكنه الجمال
لا تسرعي يا صغيرتي
لا تكبري ياحلوتي
فهم بك يتربّصون
خلف الدّجى والظّلمات
رشي طريقك بالحنين
بزخّات المطر
استمتعي أطلقي ظفائرك تغازل الحياة
لا سجن لا قيود لا أغلال
عانقي رائحةالتراب الندية
بنبضات حوّاء الابية
لا تخافي
لا تجزعي
نامي بين المخارف
والتلال والرّبى
ترنّمي بانغام الخلود والانطلاق
حذو الوديان في السهول وعلى الكثبان الرملية
اقطفي النّجوم
هي مثلك تعشق الحرّيّة
غازلي القمر والهلال
وانسي الأحزان في المجاهل البربرية
قاومي تصدّي للجهل المتمكن
كوني كالنوارس يانعة
زاهية قرب مسارات الضياء
تخطّي كلّ الحصون
العالية
كوني أنت
كوني ماشئت
كوني نيبراسا للحرية
حبيبة محرزي.
تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق