السبت، 25 ديسمبر 2021

*حالة مستعجلة* قصة قصيرة بقلم الأديبة حبيبة المحرزي

 *حالة مستعجلة*

قصة قصيرة
الساعة تشير إلى الثانية صباحا . الظلام مستبد في المنعرجات خارج قسم الاستعجالي . الاضواء الخافتة المنبعثة من عامود الكهرباء المقابل للنافذة البلورية تكشف رذاذ مطر يتراقص في احتشام.
طبيب يسرع بسماعة تتأرجح على صدره . تلاه اخر مهرولا ، ثم طبيبة وممرضات ..استوقفت احدهم :
_مالها كريمة ؟
_لا ادري . دعيت لحالة مستعجلة.
اشتد خوفها . فتاة وجدتها اخر النهار متلفعة بمعطف صوفي مهترئ في محطة الحافلات القريبة من بيتها و بيدها صرة ادباش صغيرة وهي تبكي . سالتها :
_ما بك يا ابنتي ؟
ازداد نشيجها برهة ثم اجابتها :
_ انا يتيمة الأب. امي فقيرة . جئت من قريتنا البعيدة ابحث عن عمل .
صفا ذهنها لحظات. تذكرت أن ابنتها الموظفة تبحث عن معينة تهتم بابنتها الرضيعة في هذه الأيام الباردة.
الطبيب يسالها:
_هل هي ابنتك؟
_لا . مالها دكتور؟ هل هي في خطر ؟
_لماذا اتيت بها إلى المستشفى ؟
_لانها أحست بآلام شديدة ثم رايتها تتقيا سائلا خالطته الدماء.
الطبيب يعود مسرعا إلى قاعة الفحص. مشت خلفه دون استئذان . رأتها على الطاولة. وجهها شاحب عيناها فزعتان ذراعاها تلتفان على بطنها وهي تئن .
_خير يا دكتور .مالها ؟
_البنت قاصر . عمرها لا يتعدى الخمس عشرة سنة.وهي حامل في شهرها السادس وتقول انها شربت سائلا لتجهض .
الممرضة تسألها:
_هل انت اعطيتها السائل ؟
لم تجبها. انتابتها حالة ذهول غريب. كيف لم تتفطن لهذه المصيبة؟
تقترب منها غير مصدقة. وقبل أن تنبس بكلمة سمعتها تقول بصوت متهدج:
_البارحة تفطنت امي. أخبرتها . ارتعبت . اعطتني عشرة دنانير واوصلتني إلى الحافلة واوصتني بألا اذكر الأمر لأحد كي لا يتخرب بيت اختي ولا يتيتم أطفالها السبعة. صديقة لي اعطتني مغلى "قضوم" واعشاب جبلية قالت إنها ستجهضني بسهولة.
_اين هو هذا السائل؟ صرخت الطبيبة.
__شربته اول ما وصلت دار السيدة. ظننت أنه سيسقط الجنين بسرعة وارميه في الحاوية واستريح لكن الما شديدا مزق أحشائي. ....
تعود اسماء حزينة إلى بيتها بعد أن تركت رقم هاتفها عند الممرض .
في الصباح صحت على رنين هاتف ملح .وصوت يسالها ان كانت تستطيع الاتصال بأهلها ليستلموا الجثتين .
حبيبة المحرزي
تونس .
Peut être une image de 1 personne

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق