الخميس، 14 أبريل 2022

بحر عيون أمي بقلم أمقران جلول

 بحر عيون أمي

أتوه في بحر عينيك أمي
وفيهما أرتل آيات الطهر
أجوب الدنيا عرضا
لأقطف لك باقات الزهر
أشتاق دمعة تسكب منهما
علهما يدركا معاني القهر
يحتبس الدمع فيهما كأنما
الدمع كان لهما كليلة البدر
فيهما تباح أسراري كلها
وهناك تدون أبيات الشعر
فليت الزمان يطوى لنا
فنعمربالدهر ألف دهر ودهر
أتوه في عينيك.البراقتان
وتلك الكلمات وحروف النتر
وتقاسيم وجهك الكئيب
وحروف مقيدة بقيد الكسر
وترانيم قداس الأباء ليلا
وآيات تتلى عند الفجر
أيا إليادة من زمن الإولين
أيا حاملة لواء العشق والطهر
أياصبر الصابرين .ودموع الباكين
وشموع المزار.وتربة داك القبر
أيا صفحة من كتاب إغريقي
وحكمة آخر بحار فنيقي
كفكفي دموعك فأنا فيهما الغريق
أنا من سيفتعل في المدينة الحريق
في عينيك.....
سأخرج الناي من جوف التراب
وأعزف لك سنفونية السراب
فيهما .سيعاتب اللقاء الغياب
وتراقص الخراف عنوة الذئاب
ويقرأ الكفيف في سره ألف كتاب
في كل صفحة للحب ألف باب
هناك لك..سأبني مزارا
به سبعة أبواب ..
وفي كل باب....
يفتح لي ألف ألف باب
بقلمي أمقران جلول
Peut être une image de 1 personne

الداعية بقلم الأديب والكاتب الصحفى أحمد محمد عبد الوهاب

 الداعية

--------
إمرأة أرادت ،أن تعمل عملا نبيلا في الحياة ،نظرت إلي هاتفها المحمول ،وشاهدت محتويات ، بعض النساء الذين، يقومون بأشياء تخدش الحياة ، ويروجون لها، بحجة الفساد والوصول إلي ، أعلي قدر من المشاهدة ،للحصول علي مبالغ طائلة من هذا العمل الذي ، لا يرضي الله سبحانه وتعالى ،ف لجأت لوسيلة أخري ،ألا وهي الدعاء لهم ، بالهداية والعودة ، إلي الله سبحانه وتعالى ،بالفعل تقربت هذه الداعية ، من واحدة منهم بحجة ، التغير ،فقالت لها أريد ، بطاقتك الشخصية لشيء ما ،قالت لها ،هذه المرأة ،أنت داعية ،وأنا بعيدة ، كل البعد عن منهجك تماما ،قالت لها الداعية ، لا عليك من ذلك ،بعد إلحاح شديد من الداعية ،وافقت هذه المرأة بأن ، تعطيها الهوية الشخصية ،المرأة تثق في الداعية ، أخذت هذه البطاقة ، وقدمت لها إجراءات قانونية للموافقة لها ، بالسفر لأداء مناسك العمرة ،فؤجئت هذه المرأة بالداعية ، تطرق بابها ، فتحت ، هذه المرأة ،فوجدت هذه الداعية ، ترتدي ثوبا أبيض وفي يديها الأخري ، ثوب أبيض ورداء أبيض ،إندهشت المرأة من هذا الموقف ،وكادت لا تصدق ، ما تراه أمام أعينها ،تبسمت إليها الداعية ،ف إبتسمت المرأة وقالت ، للداعية ماذا يوجد في يدك اليمني ،قالت الداعية ،هداية الله لك ،هل تقبلين بذلك ،بكت المرأة بكاءا شديدا ، ولكن في خشوع وتوبة ، إلي الله ،فرحت الداعية من بشائر المرأة بالفرح والبكاء ،فقالت لها الله سبحانه وتعالى ، يغفر للمرء ، مالم يشرك به ،أحست المرأة بذنبها ومن الأفعال ، التي كانت تقوم بها ، من أعمال تفسد الحياة ، عبر وسائل التواصل الإجتماعي ،وعادت لرشدها وتخلت ، عن المبالغ التي تقاضتها قبل ذلك ، وإمتنعت تماما ، عما يغضب الله تعالى فأحتضنتها الداعية ، وذهبت معها ، للسفر لأداء مناسك العمرة ،وها هي تدعو الله ، أن يكفر عنها ما كان قبل ذلك ، وتدعو لبعض من النساء الذي كانت تسير علي نهجهم بالهداية ، والعودة والرجوع إلى الله تعالى ، بالتوبة والغفران
ها هي سماحة الإسلام والمسلمين ،هذا المقال كتب بدافع تغير ، ما نراه في مجتمعاتنا العربية عسي ، الله أن تتغير سلوكيات بعض البشر بالرجوع والعودة ، إلى الله تعالى ،فقد تكون أنت وأنا سبب مباشر في تغير الأخرين ،
اللهم ردنا إلي دينك ردا جميلا ؟
بقلم الأديب والكاتب الصحفى
أحمد محمد عبد الوهاب
مصر/ المنيا/ مغاغه
بتاريخ 14/4/2022
Peut être une image de 1 personne, foulard et texte

سفر في طوابع البريد بقلم عمار إسماعيل/تونس

 سفر في طوابع البريد

............
واقفا...لا أرجل تمشيه
يخيط أشلاء البحر المتناثرة
على صدره
يشرب صخب الموج
من عنق زجاجات المجهول
رسائل منتحرة في طوابع البريد
هو احمق احيانا
وأحيانا سكير ماجن
يختمر من عرق الصخور
وينحت حروفا تضيق بها السبل في الحناجر
مريض نفسي
يداوي جراح الرمال
وينتحر كل غروب على شاطئ زجاجاته
لا تهتموا لأمره
فالوحدة تنجب الهرطقة من رحم المنطق
هو عاقر
لم ينجب سواه وبضع ضلال نسخه المشوهة
يلهث خلفها يهرول
باحثا عنها في كل ظرف
في كل طابع بريدي مجعد
لا تهتموا لامره
فالوحدة يسألها وترويه
ترويه بلا ملامح
يخيطها كأشلاء بحره
يهدهدها على صدره
طفلا لا طفولة تشكله
يروي مشيبه في قواريره
ويرمي بها لصخب الامواج
لعرق الصخور
ولحروفه المتكسرة
كالعادة...لا تهتموا لأمره
لا تصدقوه ان شئتم
كاذب هو كظروفه
لا طوابع بريدية هذه المرة !
ترسله نحو ضفافه الزرقاء
عمار إسماعيل/تونس
Peut être de l’art

* أنا كما أنا* بقلم الشاعر كمال العرفاوي

 * أنا كما أنا*

أنا كما أنا
هادئ الطّبع
في العادة
شديد الغضب
أحيانا و زيادة
قلبي حديقة حبّ
أجمل من كلّ الجنان
مليئة بأزهار الودّ و الحنان
عطرها أفوح من شذا الفل و الياسمين
و السّوسن و النّرجس وكلّ الورود و الرّيحان
أنا كما أنا
بحر هادئ
من العشق و الهيام
ونهر مليء بالعطف و الحنان
و غابة ودّ من أشجار الصّنوبر و الزّان
و من نخل باسقات و أشجار زيتون و عنب و رمّان
أنا سيّد الغرام و المحبّ الوفيّ لزوجته العاشق الولهان
أنا كما أنا
حصن حصين
لعائلتي الصّغيرة
و لإخوتي و الأخوات
و لأصدقائي و الصّديقات
و لكلّ من يريد الأمان في كلّ حين و آن
فأنا شجاع بما فيه الكفاية لا يهاب الموت و يعشق الحياة
أنا كما أنا
شهم مخلص
معطاء خدوم و زيادة
عزيز النّفس أنوف قويّ الإرادة
أمين نصوح خلوق متواضع كالعادة
محبّ للخير دائم التّشجيع للغير صاحب الرّيادة
أنا كمال و لست بِكامِل و لكنّي أسعى للنّجاح لأجله عامل
كمال العرفاوي
Peut être une image de 1 personne et costume

* مجمع الأماني - بقلم الشاعرة روضة بوسليمي

 * مجمع الأماني -

أسرّ للطّائر الذي يستريح على أناملي
المنشغلة بتعديل نوتات روحي ،
ببضعةٍ من سرّي العظيم :
- أن تكون ذاك الإنسان الذي في البال
أمر محفوف بالمشقّات ...
أن تُسمِع الأمداء
آياتِك المقدّسةَ ،
لحنا يرافق الشّروق ،
لهو من الصّالحات الباقيات
إذ ما أحوج القلبَ إلى النّور !!
يا غابة من شجر الزّيتون !
كم نشتاق عناق الشّروق !!
وقد اعيتنا ابتسامة القيد
على خصر السّيف المسلول
لك أعشاش الدّفء يا سرب الطّير
الذي علّمني كيف أصنع المستحيل
ومرحى لي بعودك الميمون
يا من خبرت مشقّات السّبيل
ولأنّ لي في الخيال أشرعة بيضا
سأدّخر محاصيلي في سنابل القلب
حتى إذا ما أزف الفرج
يضّاعف لي في النّبض
تقول العرّافة :
- إنّ الحواريين سيحيطون
بكلّ ذي فؤاد
يفوح بالصّدق المكنون
حين يتخطّفنا الصّمت
ويكون ما في سِفر الصّدر
أعظم من كلّ اللّغط ...
فسلام ولطائف الشّعر
على أفئدة تبتهل للخلاص
حتّى تبلغ مجمع الأماني
------------------روضة بوسليمي
Peut être une image de 1 personne et montre-bracelet

القصة القصيرة جداً.. رؤية تأصيلية كتاب نقدي جديد للكاتب والناقد د. محمد ياسين صبيح متابعة الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 القصة القصيرة جداً.. رؤية تأصيلية كتاب نقدي جديد للكاتب والناقد د. محمد ياسين صبيح

صدر للكاتب السوري د. محمد ياسين صبيح عن دار خطوط وظلال في الأردن الكتاب النقدي الجديد الذي يهتم بالقصة القصيرة جدً، هذا الجنس الأدبي الجديد نسبياً والذي يحتاج إلى المزيد من الدراسات النقدية التي تفتح أفاق الكتابة الإبداعية.
يحتوي الكتاب على الكثير من الفصول التي تناقش وتدرس الكثير من المواضيع مثل (التناص والشعرية والتجريب والخطاب السردي الخاص بها، وإلى علاقتها الحساسة بالشعر النثري وتداخلاتها معه، والذي يعتبر إشكالية كبيرة ترافق الشعراء وكتاب القصة القصيرة جداً، والى الغوص في تعالقاتها مع الثنائيات اللغوية والضدية وغيرها من المواضيع)، والتي ستساهم في خلق رؤية إبداعية جديدة لها، وتعزز الفهم الأفضل لماهيتها السردية ولتقنياتها المتعددة.
يقدم الكتاب دراسة شاملة عن كل ما يتعلق بالقصة القصيرة جداً مدعّم بالكثير من الدراسات التطبيقية للعديد من الكتاب العرب، وتأتي أهمية الكتاب من خلال محاولته تقديم رؤية تنظيرية ونقدية للكثير من المواضيع الخاصة بالقصة القصيرة جداً،فهي لا زالت تحاول أن تجد لها مكاناً راسخاً على الساحة الأدبية،من خلال ترسيخ أحقيتها الأجناسية وتقنياتها السردية وتأصيل الحالة النقدية والتنظيرية لها،من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة في دراسة ومناقشة هذه المواضيع، حيث الأجناس الأدبية السردية الأخرى (الرواية والقصة القصيرة)، حظيت بدراسات تنظيرية ونقدية كثيرة جداً.
تحاول هذه الدراسة، تقديم رؤية تأصيلية ممكنة للقصة القصيرة جداً، ومدعّمة بدراسات تطبيقية واسعة وللعديد من الكتّاب العرب الذين نشروا مجموعاتهم عبر الوطن العربي.
متابعة محمد المحسن

الشاعر والكاتب التونسي الكبير طاهر مشي يكتب الحياة مشدداً على وجهها المُعتم..كي يحتفي ببهائها المتعالي على التراب المُعّفر. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

  الشاعر والكاتب التونسي الكبير  طاهر مشي يكتب الحياة مشدداً على وجهها المُعتم..كي يحتفي ببهائها المتعالي على التراب المُعّفر.

تصدير :

* سيظل  طاهر مشي شاعرا قديرا وقاصا ماهرا،سوى حمل الجسد/ الذاكرة/ رحلة الإنسان من البدايات إلى النهايات متأمّلا الذات والعالم برؤية شعرية مدموغة بسؤال الشعر الحارق والمتقّد بالبحث الأبدي عن الكينونة. (الكاتب)

*هو شاعر تونسي وكاتب مثابر مُجدّد ( طاهر مشي)،يراهن على الكلمة وامداء وحيها، يصطفيها كميثاق خلاص،رميها كنردٍ أكيد من ربحه أو يناوشها كأفعى في جحرها.(الكاتب)

هي سيرة حياة شبابية تعبق يعطر الإبداع، اعتبرها أجمل قصيدة كتبها بحبر الرّوح ودم الكلمات، و جبلها من ترابه ورصعها بفسيفساء متقنة اكتنه أسرارها وعبث بألوانها.

بدا لنا كذواقة يلتهم الزمن ويتأنى في تذوقه،ينافس نفسه بصدق وعناد، ويأبى لا أن يقلب حياته على جمر حارق.

أحب الحياة كعاشقٍ أبدي مهما جانبت توقعاته،وانتصر دوماً على ضعفها وراودها عن أذيّته، وواجهها بملامح ونظرات جُبلت بالتحدي والسخرية والذكاء.

والحياة عنده قطار طويل وسكة ومحطات ولذة ارتحال..والكتابة عنده رحلة لا يرجو منها وصولاً ولا راحة .. هي نسق حياة سبحة لا نهائية..ومحطات عديدة، وظل يُكمل بهجة الاستكشاف،يعاند الصعوبات،ويحوّل التعب إلى ثمار، والثمار إلى لذة..واللذة إلى إبداع مذهل وخلاّق..

هو شاعر تونسي وكاتب مثابر مُجدّد، يراهن على الكلمة وامداء وحيها، يصطفيها كميثاق خلاص، رميها كنردٍ أكيد من ربحه أو يناوشها كأفعى في جحرها.

إن التكامل الجمالي-في قصائد الشاعر التونسي الكبير  طاهر مشي -يكمن في روح البناء الكلية من حيث الشفافية والعمق والتماسك الجمالي بين الأنساق،فثمة قيمة جمالية في الاندماج والتلاحم بين الأنساق الوصفية والمضافة، مما يرتد على إيقاع القصيد بشكل عام، لاسيما في العلاقات الجدلية التي تعطي جمالياتها على الشكل النسقي التضافري الذي تشكله القصيدة

إن خصوصية التجربة الشعرية لدى  طاهر مشي تمتاز باكتنازها بالرؤى والدلالات المراوغة التي تباغت القارئ في مسارها النصي، وهذا يعني أن الحياكة الجمالية في قصائد شاعرنا الكبير ( طاهر مشي) حياكة فنية يطغى عليها الفكر التأملي والإحساس الوجودي، وكشف الواقع بمؤثراته جميعها..

إن الحياكة الجمالية في قصائده -ترتكز على المخيلة الإبداعية، ومستوى استثارتها، الأمر الذي يؤدي إلى تكثيف الرؤى، وتحقيق متغيرها الجمالي.

ذهب في قصائده إلى أقاصي الجمال كما إلى أقاصي العشق، متقناً شهوة الاسترسال وبراعة الومض…يكتب ويكتب وكأن الكلمات تتوالد وتنساب بسعادة إلى ناشره وبسهولة إلى القارئ من أصابعه المتعرشة على قلم لا ينضب حبره.

لا يحاول - -طاهر مشي-أن يسترضي قارئه أو يستميله أو يمجّد قصائده. هو يصافح البؤس البشري، ويروي سقوط الإنسان في هاويته، ويفتح بجرأةٍ ستارة تفضح ما نوّد أن نخفي لإراحة ضمائرنا..يكتب الحياة مشدداً على وجهها المُعتم كي يحتفي ببهائها المتعالي على التراب المُعّفر.

وهنا أقول:

مثل ساحر متمكّن يقود الشاعر الألمعي  طاهر مشي القارئ في كل قصيدة من قصائده، يقوده سيرا حيناً وركضا في الكثير من الأحيان. نتابع الكلمات والمعاني بلهفة الفضول والحيرة ونلتهم الكلمات من بين متون القصيد التهاما، ومن ثم لا نملك فرصة للهرب من فتنة شعره (بكسر الشين)،منذ أول بيت في القصيدة أو أول كلمة في القصة، حتى آخر نقطة في آخر صفحة. لا نستطيع أن نهرب من فتنة أسلوبه الشعري الموغل في الإيحاء، التكثيف والترميز، حيث تتحول اللغة إلى مجرد أداة، وتصبح بالتالي مثل إزميل النحات أو فرشاة الرسام، ولا تكون محور القصيدة، مثلما تعودنا من بعض الشعراء العرب الذين يهتمون باللغة وزركشتها على حساب القصيدة وأشكالها الفنية.

سواء في القصة أو الشعر تكشف لنا أعمال المبدع التونسي الكبير  طاهر مشي (المدير العام لمؤسسة الوجدان الثقافية)عن مدى قدرته على الانتفاع من معارفه الأدبية والثقافية والفكرية، بدون أن يسقط في نرجسية «ذات الكاتب»، التي تقول: «أنا موجود بالقوة». وإنما يستثمر كل ذخائره مراعيا حدود الجنس الأدبي، ومحافظا على الحس الجمالي والأثر الفني للعمل الأدبي.

سألته ذات يوم  قائلا: نسيج نصك الإبداعي (شعر،قصة،خاطرة..إلخ) غني. يتعدد الصور الفنية ومستويات السرد.كيف تنظر إلى التجريب ووظيفته وتبعاته؟

فأجابني -جوابا مربكا-ينم عن قدرة هائلة في التفكير الفلسفي :

في – تقديري-القصيدة الحديثة تحمل أدواتها معها، ما يسمونه تجريباً ينبغي أن ينبع من رائحة النص وشخوصه، بل ينبغي أن توفر الحكاية سبباً للابتكارات فيها، وهكذا كانت نصوص التراث العربي، فالشكل التقني لألف ليلة وليلة يرتبط بظروف الرواة دائماً، والطبيعة الشخصية لأبي الفتح الإسكندري في مقامات الهمذاني يمنح سبباً لتكرار ظهورها، والفضاء المتخيل في «رسالة الغفران» أعطى شكلاً منسجماً لتنقلات النص، ويبقى التجريب مفهوماً مضللاً في الكتابة الجديدة، فلم يعد شرطه تخليق عوالم خيالية، كما تقول قواميس النقّاد، لكنه مضمار تقديم علاقات حديثة مع الحياة المسرودة، وهذا شرط مفصلي يتعلق بنموذجنا العربي، فقد حدث من التفريط والتهويم والنسخ الشكلي ما ضيّع الواقعة وطرح الجزء التوثيقي في السرد، فاكتسب التجريب سمعته المتعالية التي لا تأبه بعلاقات الحياة ولا تقدّم صورة واضحة عنها، بينما تحتاج الرواية -مثلا- دائماً إلى إدارة ناجحة تضع التجريب في محله؛ أو تضحي به لصالح قيمة إبداعية أخرى داخل النص. ولا يعدم التلويح بما يوفّره التجريب من دافعية مرحة نحو الكتابة، في حالتي، لا أكتب شيئاً بدون التحديق بعدّاد المجازفات الذي يحفر في المجهول.”

لقد كشف الشاعر -طاهر مشي- بمهارة عالية من خلال تداخل رموزه عن قدرة شعرية تحقق المزيد من الانزياح والانحراف الدلالي عن النسق العام بلاغياً وتركيبياً ونحوياً وتنسيقها ضمن رؤية النص ومنظوره الذي يتحرك وينمو ويفيض بالرؤى وترابطاتها وتقنياتها المختلفة على التفاعل النصي والدلالي. فهي يكتسب أبعاداً جديدة عبر خلق معطيات التحول الذي تنفتح القصيدة به كلياً إذ تظل العلاقة بين البنية العميقة والانزياح النصي والدلالات المتشابكة والتقنيات والأساليب الشعرية هي المحرك الأساسي للنص الذي تتكامل فيه عناصر التشكيل البنائي في مجمل العلاقات النصية التي توّلد بدورها أسئلة الواقع وأسئلة النص وتتعانق وتتمازج في مكوناتها وأصواتها وأفعالها وأحداثها بشكل يعيد تشكيل تناقضات هذا الواقع ومفارقته ومأساويته وطاقاته المكبوتة ، ليوّلد الشاعر من خلال ذلك تمسكه بالشعر والقصيدة كمنقذ فاعل ومخلص أصيل وليؤكد هويته المتحققة في عمق المشهد ويعمل- جاهدا- على إضاءته وإثرائه وحضوره البهي المتألق في التجلي والرؤيا التي تنطلق منها قصائد الشاعر.

إن الرموز في مجمل نصوصه (وهذا الرأي يخصني) قد تشتبك مع بعضها وقد تتداخل مع الاستعارة بأنواعها لتمنح النص صورة مكثفة..

على سبيل الخاتمة :

قد لا أجانب الصواب إذا قلت أن سمة الشعر التحول والتغير، فهو يجترح الوسائل التعبيرية والقوالب التي بإمكانها احتواء نداء الذات والوجود، والبحث الأبدي عن تأسيس خطاب شعري منبثق من عمق الجرح الكينوناتي، النازف لغة تعبّر عن التوتر والقلق والاحتراق، تلك سيرة الشعرية العربية التي لم تستسلم للعقلية الثبوتية، لكونها تجد حياتها في التمرّد ضد القوالب الجاهزة،والمروق عن السكونية، بل تجنح صوب المغامرة، وارتياد أفق شعري يكتب تاريخ كتابة شعرية ممتدة في ذاكرة الإبداع الكوني.

فنداء الذات والوجود هو نداء إشكالي مادام السفر عبر دروب الإبداع شاق ومربك -كما يحلو لي أن أقول- لكن قصائد شاعرنا المدهش -طاهر مشي تلج عتباتها المزدحمة بالدهشة والاندهاش، عبْر قراءة تحاول القبض على مُمْكِنِهِ النَّصي والتَّنقيب عن جمالياته، رغم استحالة الإلمام بهذا المعطى، لأن الشعر عاص على التحديد واستكناه غوامضه وكوامنه.

هكذا نروم الولوج إلى عوالم تجربة شعرية لها ميزتها في الكتابة، لأن الشاعرالتونسي الألمعي  -طاهر مشي ينطلق من تصور نابع من رؤية عميقة للعملية الشعرية، الشيء الذي يجعلنا نقف حائرين من أي الأبواب القراءاتية يمكن أن ندخل؟ وما هي الآليات الممكن توظيفها لسبر البئر الشعرية العميقة لنصوصه الإبداعية المذهلة والمربكة في ذات الآن، سواء قصصيا أو شعريا، فالشاعر خبر المناطق الخفية للمتن الشعري.

هو ذا الشاعر التونسي السامق  -طاهر مشي كما عرفته.. وعرفته الساحة الأدبية في أصقاع عربية كثيرة.. وحتما سيظل شاعرا قديرا وقاصا ماهرا، سوى حمل الجسد/ الذاكرة/ رحلة الإنسان من البدايات إلى النهايات متأمّلا الذات والعالم برؤية شعرية مدموغة بسؤال الشعر الحارق والمتقّد بالبحث الأبدي عن الكينونة.

محمد المحسن