الثلاثاء، 27 أبريل 2021

إبق لأجلي بقلم نسرين المؤدب

إبق لأجلي

على قيد الأمل

مهما جاعت الأمنيات

وتشرّدت الرؤى

بين الطرقات

نترفّع عن الشكوى

ونشدو

رغم النحيب من حولنا

أغنيات

 

تعال لننثر ورود الحياة

نرسمها بسمة بسمة

في وجوه الكادحين والكادحات

نتأزر بشال ملوّن

بأطياف الذكريات

ونرقصُ

حفاة عراة

على الطرقات الموحلة

على تربة المقبرة

فربما يُنبتُ الوحل

زهورنا النضرة

 

تعال نصلّي

ونغزل أحلامنا

ضفائر شامخات

فنتسلَّقُ الجدائل

ونطفو زنابق نائمة

فماذا لو نمنا قليلا!

لتصحو الأحلام

في غفوة الأسئلة

فقط تعال ولا تسأل!

عن غد

عن أجل

إقبل لتُقبَل!

ولنُقبِل على الآتي

بلا وجل

تأجل منه ما تأجّل

وما نضُبَ فينا نبع الأمل

فكم هبّت

من قبلُ

رياح أنفاسنا

فانقشعت سحب

و دسنا ساخرين

على ذيولها العابرة

بخفّة ظل

 

تسألني الآن

كيف لا نحزن لخطب جلل؟

لتطمئن ..يجيبُ لساني

أجل !

لن نحزن

فخارج اللعبة

ما من فشل

تفرّج.. تأمل

بقلب طفل

بعزم رجل

 

لنا الآن هنا

حيث نحن

بحبٍّ سنبقى

على قيد الأمل

 نسرين المؤدب



قراءة-متعجلة-في قصيدة مذهلة للشاعر التونسي الكبير جلال باباي (من يكتبني ..الآن..؟) (تقديم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن)

 قراءة-متعجلة-في قصيدة مذهلة للشاعر التونسي الكبير جلال باباي (من يكتبني ..الآن..؟)

(تقديم محمد المحسن)
على التخوم الفاصلة بين البسمة والدمعة،ألقى الشاعر التونسي القدير جلال باباي بذور تفاعله الوجداني مع-جزء-من تجاربه الحياتية المفعمة بالوَد،العشق،الوَجَع،الغربة والإغتراب..،وسقاها بعاطفة الأديب الملهَم،وعزف بقيثارة الشعر الشجية على تلك الضفاف، فكان موعد الحصاد سخيا لنقطف ثمرات ذلك الحصاد من خلال قصيدته الشعرية الموسومة بالمطبوع (من يكتبني اليوم ؟)
فالقارئ في هذه القصيدة المعطاء،وإن يبدأ رحلته بأبيات فياضة بالألم والحزن والتوجع وكذا الحنين التي برع فيها شاعرنا الفذ في فرض الخطاب التواصلي بين الشاعر والقارئ،من خلال التعبير عن العاطفة والدّقة في اختيار الألفاظ والصور الشعرية والبلاغية والدلالات اللفظية، فالشاعر الحق يدرك أبعاد الكلمة وسحرها،وهو إذ يتخيّرها يسكب عليها من وجدانه وعاطفته وذاته،ما يولّد فيها طاقة جديدة،فيها شيء من إحساسه ونبضه،فتصل إلى القارئ تضج بالحياة، وكأنها تتحدّث بلسانه وفكره..
وهذا ما كان حاضرا في هذه القصيدة الباضخة.فما أن يبدأ القارئ بها حتى لا يملك في نفسه إلا متابعة الرحلة في حنايا -سطورها-وسبر غورها واكتشاف دررها.
فالقصيدة يعتصرها الألم والحرقة والتوجّع،ذلك الألم الممزوج بأصدق عاطفة قد يختبرها الإنسان في حياته.وجع مستوطن-قسر الإرادة-في تضاعيف الرّوح،فنجد القاريء يستشعر تلك العاطفة النقية الصادقة الفيّاضة بالشوق والحنين والتأوّه والحزن،فالشاعر شيـّد مدينة للحزن يرقد ويوتصحو في أرجائها مذ -نالت منه المواجع في نخاع العظم-(اللهم رب الناس أذهب عن-شاعرنا الفذ-الباس اشفه وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما) ونقش في رقّ الزمان وجعه بيراع الحزن :
.. يا لجمال الصورة والتعبير :
من يكتبني اليوم ؟
......ِإليٌَ قبل أن يغمرني الفرح
سوف يحين الوقت
لأحيي سعادة الوصول إلى باب الغريب
سوف أعشق للمرة الالف
لأني فاشل في الحب دائما
سأعيد قلبي لذاك الغريب
الذي اتعبه الترحال
سوف انزل رسائل الحب من فوق رفٌ الكتب ،
سأقشٌر جميع الصور من المرآة ،
واخفي نهائيا تلك الملاحظات البائسة ،
فمن يكتبني اليوم؟
من يرغب في تحرير موتي؟
من يرسل بريد النوم هذا الصباح؟
هذا فمي أثقله اليباس
وتلك الشجرة لم تكترث بشحٌ السماء
فمن يغازل قحط الأرض ؟
من يعزل إلى الأبد هذه الشمس الحارقة ؟
بكلٌ ضراوته سيحين الوقت،
حتى تهبٌ رائحةُ الغيمة الماطرة
واروي عطش شِمالي المتكلٌسة
سيحلٌ منتصفَ النهار الغامض
وتتهالك الاحزان على جدران
القصيدة العجيبة.
جلال باباي(تونس)
14 رمضان 2021
ويستمرّ القارئ بالانتقال من ضفة لأخرى،يتنشق عبق القصيدة وأريجها،دون كلل أو ملل، وذلك لتنوّع معانيها وأغراضها،وتنوّع موسيقاها وقوافيها،وصدق عواطفها دون صنعة أو تكلف،من خلال نسيج محكم يحوّل الفكرة من خطرات في الذهن الى عالم يدرك حدوده ومعالمه عبر دلالات لفظية واضحة المعنى،جزلة التركيب،يتوافر فيها الإيقاع الداخليّ متمثّلا بالحركة الداخلية في بناء القصيدة،والإيقاع الخارجي متمثّلا بالوزن والقافية،فتتلقفه الأذن وتترنّم النفس مع نغماته .
وبين هذا وذاك،نجد بعض الومضات الشعرية الجميلة المفعمة بالموسيقى والتراكيب اللغوية العذبة،ورغم قصرها إلا أنها تتمتع بكثافة المعنى ورصانة الأداء،وهذا إن دلّ فإنما يدل على براعة الشاعر في إجادة هذا الفن الادبيّ،والقدرة على إعطاء المعنى المراد بأبيات قليلة موزونة،فكانت بمثابة السكريات اللذيذة بين تلك الوجبات الدسمة من القصائد .
إن‭ ‬الشعرية،‭ ‬هنا-في هذه القصيدة بالأساس، ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬شعرية‭ ‬التركيب‭ ‬والإسناد‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬الدلالات‭ ‬والرؤى، ‬إنما‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬شعرية‭ ‬يانعة،‭ ‬تشبه‭ ‬الرفيف،‭ ‬أو‭ ‬النسيم‭ ‬الرقيق‭ ‬عندما‭ ‬يلامس‭ ‬أرواحنا،‭ ‬فهذا‭ ‬التساؤل‭ ‬الشاعري‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬أشده‭ ‬لنعيش‭ ‬اللحظة‭ ‬الشعرية‭ ‬مجسدة‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬مبهرة‭ ‬في‭ ‬ملمسها‭ ‬وصداها‭ ‬الجمالي‭:
فمن يكتبني اليوم/من يرغب في تحرير موتي؟/من يرسل بريد النوم هذا الصباح؟..
وهذه‭ ‬الشعرية‭ ‬لا‭ ‬يستطيعها‭ ‬بهذه‭ ‬الهدهدة‭ ‬والتناغم،‭ ‬إلا‭ ‬شاعر‭ ‬جمالي‭ ‬يمتلك‭ ‬الرؤية‭ ‬العميقة‭ ‬بكل‭ ‬تحولاتها‭ .‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬المترفة‭ ‬التي‭ ‬تفيض‭ ‬بشعريتها‭:
"سوف انزل رسائل الحب من فوق رفٌ الكتب/سأقشٌر جميع الصور من المرآة /واخفي نهائيا تلك الملاحظات البائسة .."
‬ثم‭ ‬إحداث‭ ‬هزة‭ ‬جمالية‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الكله‭ ‬بتساؤله‭ ‬المثير : "من يعزل إلى الأبد هذه الشمس الحارقة ؟"
وهكذا‭ ‬يدهشنا-جلال باباي-‬في‭ ‬تنقلاته‭ ‬الشعرية الخلابة، من‭ ‬قيمة‭ ‬فنية‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أنه‭ ‬شاعر‭ ‬جمالي‭ ‬بفكر‭ ‬جمالي‭ ‬وحساسية‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬توليف‭ ‬الكلمات‭ ‬والجمل‭ ‬والصور،‭ ‬التي‭ ‬تلتقط‭ ‬اللحظات‭ ‬الرومانسية‭ ‬وتعيد‭ ‬تشكيلها‭ ‬بكل‭ ‬حيوية‭ ‬واتقاد‭ .‬
يلحظ‭ ‬القارئ‭ ‬هنا‭ ‬اغتراب‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬لغته‭ ‬الشعرية‭ ‬وإحساسه‭ ‬المتوتر‭ ‬بالعالم‭ ‬المحيط‭ ‬ليخلق‭ ‬معادلته‭ ‬الانزياحية‭ ‬الصادمة‭ (‬فلماذا‭ ‬تتهالك الأحزان على جدران قصيدته؟‬
وهكذا-أيضا-‭ ‬يثيرنا‭ ‬-جلال-‬بلغته‭ ‬التي‭ ‬تفيض‭ ‬على‭ ‬القارئ‭ ‬بحساسيتها‭ ‬العالية‭ ‬وطاقتها‭ ‬الخلاقة،‭ ‬وكأنه‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬أساه‭ ‬عبر‭ ‬لغة‭ ‬انزياحية‭ ‬جمالية‭ ‬حافلة‭ ‬بالذكرى‭ ‬والحنين‭ ‬تارة‭ ‬واسترجاع‭ ‬اللحظات‭ ‬الماضية‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭.‬
على سبيل الخاتمة:
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أن الشاعر الكبير جلال باباي يسوق لنا قصائده -التي اطلعت على الكثير منها-،في بوح فطري،نابع من تجارب حياتية وخواطر وأفكار ذاتية،ويرصّع-ببراعة واقتدار-قصائده بعناصر مستوحاة في كثير منها من الواقع المعيش كالغربة والوجع والشوق والعشق والحنين..وغير ذلك مما يضفي على النص الحركة والحياة وإحساسا شاعريّا ساحرا،ويوظف مخزونه الثقافي والديني ويتصرف بأدوات اللغة تصرف المتمكن المُلمّ ليبرز ذلك كله في قالب شعري يخلو من الصنعة والتكلف،بأسلوب مرن،سلس وممتع يداعب الذائقة الفنية للمتلقي..
وختاما نجد أن الشّاعرالمتميز جلال باباي صاحب الكلمات الجميلة قد دخل من خلال هذه القصيدة-العذبة-الشعرية الجديدة (من يكتبني اليوم ) مرحلة أخرى من مسيرته الشعرية،مرحلة تتّسمُ بكثير من الحيرة والشكّ والتساؤل ..
مرحلة تأخذ مسارا دائريا بحيث لا يمكننا أن نعرف من أين بدأت،ولا يمكننا أن نتنبأ إلى أين ستنتهي هذه المرحلة بالشّاعر العازف على قيثارة الحيرة،بأنامل الشوق،الوجَع،الحيرة والحنين..؟!

حين ينتفض-الحجر الفلسطيني-على حالة الإستنفاع السياسي والإجتماعي وحتى الثقافي في الوطن العربي التي أرادت الملابسات السياسية تكريسها.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين ينتفض-الحجر الفلسطيني-على حالة الإستنفاع السياسي والإجتماعي وحتى الثقافي في الوطن العربي التي أرادت الملابسات السياسية تكريسها..

الإهداء (حتى لا ننسى): إلى الفتاة الفلسطينية الجاسرة عهد التميمي التي صفعت الجندي الصهيوني أمام الكاميرات وغدت السلاح الأقوى لدى الفلسطينيين..
تصدير : لا ينطفئ الحنين إليك-يا فلسطين-لكنه يوقد الحياة في عالمك المشتهى وينبت زمنه في الذاكرة الندية،ليرسّخ معنى الهوية المتشبّثة بذاتها والمعرّضة للنسيان في منفاها..(م-المحسن)
أليس الفرق واضحا بعد أكثر من نصف قرن يعيش الغاصب الدموي تحت وطأة الخوف،ودون هوية،بينما يستطيع العربي الفلسطيني أن يشعر بالفخر بهويته،ويجسّد إنتصار الإرادة الإنسانية،إرادة الحياة على آلة الموت والإقتلاع،وكلما مرّ الوقت يكتشف قواعد جديدة للإجابة على سؤال البقاء والإستمرار..والتحدي؟!–
..هل يرقى الحبر إلى منصة الدّم،أو يتعالى الحرف على الميدان..
وهل بإمكان الكلمات أن ترقى إلى مرتفعات الظاهرة الفذة-الإنتفاضة..؟
أم أنّ هذه الأخيرة جرّدتنا من أدواتنا اللغوية والبلاغية جميعها،وأوقفتنا عراة أمام حقائقنا المرّة،بعد أن فقدنا رشاقة الإستشعار ولامس وجوهنا رذاذ الدّم !؟
ليست هذه الأسئلة قاسية،أو عصية على الجواب غير أنّ الجرح من العمق بحيث لم تعد تنفع معه الكلمات.
لذا سأصارح:
على غفلة من الزمن ولد جيل من الفتية المشمرين عن سواعد مغذاة بشمس البلاد،يرجمون الغدر ويقتحمون بعناد شديد مدارات الزمن.لقد أسقطوا من حساباتهم-الأبويات السياسية والإجتماعية وسائر تربويات الوصاية-ليفسحوا المجال لضوء قد يصير غدا وطنا جميلا..
على غفلة من عين الجلاد ولد شعب كامل من الأطفال الذين يتقاذفون الموت بينهم..تسللوا من خلف دخان الجنون لقيموا أعراسهم على حواف المقابر..أعراس مجلّلة بالسواد..ومحسوبة بكلفة مرتفعة من الدّم.
سأصارح ثانية:
منذ بدء -الإنتفاضة-ضد قرار ترامب الأهوج (الرئيس الأمريكي المنصرف )،تجلى المشهد دراميا ورهيبا حيث كشف صراعا حضاريا بين الجندي والطفل،بين القميص الواقي من الرصاص والصدر العاري،بين الرصاصة والحجر،وبين النجمة السداسية والكوفية الفلسطينية.وفي ثنايا هذه التداعيات كان-القاتل-يلهث خلف حدود دهشته،ويواري صدمته بالأطفال الذين كانوا مرشحين لأن يمثلوا “جيل النسيان” فإذ بهم يمتلكون ذاكرة مفعمة بتفاصيل الوجع،ذلك أنّ جراح آبائهم ظلّت تنزف أكثر من نصف قرن من عمر الإحتلال والنكبة،لذا قد حان الوقت ليعيدوا لمعنى الإستشهاد سمعته العطرة عبر إحداث الصعقة في جدار الوعي اليهودي.
ماذا يعني هذا؟
هذا يعني أنّ الحجر الفلسطيني ما فتئ يهاجم الراهن الإسرائيلي،يرجم الوعي العربي،يخلخل الضمير العالمي ويخلق تحديات سياسية جديدة على كل مستويات الحديث عن المسألة الفلسطينية والقضية العربية.
إنّه-حجر-ينتفض على حالة الإستنفاع السياسي والإجتماعي وحتى الثقافي في الوطن العربي التي أرادت الملابسات السياسية تكريسها.لذا،انصهر الخارج الفلسطيني في الداخل،ليصوغ معادلة جديدة يذكّر فيها الخاص الفلسطيني العام العربي بإنسحابه وسلبيته..
هناك لا تكافؤ عبثي بين الدبابة الإسرائيلية العمياء والحجر الفلسطيني الأخرس،بين الصمت العربي المتخاذل والصوت الفلسطيني المجلجل.
وهذا يعني كذلك أنّ الغضب الفلسطيني العارم في فلسطين المحتلة فجّر مناخا جديدا في مسيرة النضال الفسطيني ضد العدو،وأعلن تبعا لكافة التحديات عن ولادة جيل جديد وسر نضالي مغاير.إنّه يقظة المكان في المكان وثورة الوطن في الوطن،مما جعله يستفز اللحظة الفلسطينية العربية ويخلخل ركائز أكثر من مخطط.فالحجر كعنصر ثابت،تحوّل مع هدير المد الفلسطيني الجارف إلى عنصر متحرّك ليمنح الرفض الفلسطيني مداه وصيرورته.
أليست هذه إذن مفارقة يعاد من خلالها النظر في البديهيات حيث الثابت يصبح متحركا،وحيث الحركة تغدو أكثر تحركا بفعل عنصر ثابت وبفعل الإصرار الإنساني على رفض حقيقة الإحتلال بالعودة إلى أن تحتل الحقيقة مكانها محل الإحتلال..؟
أقول هذا،لأنّ المشهد الفلسطيني بات ينسج حقيقته بكثير من المعاناة والألم فيما يعبّر الوعي السياسي العربي عن إنحساره بكثير من البطء والإنفصام..
يحصل هذا في الوقت الذي تدعو فيه -الإنتفاضة-الفلسطينية الثالثة الإنسان العربي إلى التناغم أكثر مع ذاته والتصالح مع عناصر المقاومة فيه.فالحجر الفلسطيني لا يستهدف الوجود الصهيوني فحسب،طالما أنّ هذا الوجود يمثّل نقيضه الوجودي،بقدر ما يخلخل الثوابت التي انبنى عليها الخطاب السياسي العربي في السنوات التي مضت،وهذا ما جعل المسألة برمتها تتحدّد بثلاثة عناصر:
-ترجمة ساخطة لغضب وطني كفر بكل الوعود وانتهج الكفاح التحريري سبيلا لإستعادة الذات والهوية ومعنى الإنتماء.
-العنصر الثاني يتمثّل في القمع الصهيوني الهستيري الذي كشف الحجر البدائي عن وهم “ديمقراطيته المتحضّرة” وأسقط الأقنعة فتوارت تبعا لذلك رموز الديمقراطية والإشتراكية والعلمانية التي تدثّر بها الغرب،وذكّر الإسرائيلي بأنّ حياته على الأرض الفلسطينية غدت مشكوكا في أمرها،على عكس الهوية الفلسطينية التي أصبحت بفعل المقاومة أكثر تجذرا وصلابة من كل أشكال الإستيطان والإغتصاب.
-العنصر الثالث والأخير يعكس في خباياه الوهن العربي بإمتياز ويجسّد في ذات الوقت الهزّة العنيفة التي خلخلت الوعي المخدّر،المستلب وصاغت-الإنتفاضة-حدثا ممهورا بالدّم ما فتئ يطرح بإلحاح أسئلة الحرية والسيادة والتحرّر لشعب يرفض العبودية والتهميش،ويتصدى بصدور عارية لجنون صهيوني متدحرج..
لقد أدرك الوعي الصهيوني في ظل الإنتفاضة اللاتكافؤ الحضاري العجيب بين الحجر والدبابة،وما يكتنف ذلك من صراع بين الحق ونقيضه،بين العدل وما يلغيه،لذلك قال شمعون بيريز أحد أئمة التناور الصهيوني متأفّفا“إنّ التاريخ لا تصنعه الحجارة“ أما بن أليعازر،ذاك الذي كان يسمّى بالحاكم العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية في العام 1981 فقد قال ساخطا“إنّ سلطات الحكم العسكري تعتبر كل حجر صغير بمثابة قنبلة يدوية“..
فيا أطفال فلسطين،أنتم بذلك تقبضون على قنابل يدوية(!)
ولكن..لا تنسوا أنكم تنجزون وحدكم “وطنا” وإستقلالا،وتحريرا لمقدسات عجز مليار ونصف المليار من البشر على تحريرها..فأنتبهوا إذن واحذروا وهم الشقيق اللدود،والحليف غير المأمون،ولا تركنوا إلى سلام هو في جوهره أتعس من أية حرب.
هل ثمة ما أضيف !؟
السؤال يتناسل من السؤال،والدم يرث الدم،إلا أنّ الجغرافيا اللاهوتية لا تصنع التاريخ،كما أنّ القاتل ليس بوسعه-وبصناعة الموت وحدها-أن يسوّي حساباته مع العالم.فالقوّة وحدها غير قادرة على طمس حسابات الموتى،والطغاة قد تقتلهم أصغر الهزائم..
أفلا يمكن لهذه التراجيديا الضارية أن نكتب بأسلوب حبره من دم وحجارة وأكباد ..!
أليست فلسطين في جلال حزنها،أكثر من أرض ووطن وزمن يمضي..
وهل بإمكان الذاكرة..ذاكرتنا،نحن،أن تتقدّم سبيلا مريرا لإستعادة هذا العالم المفقود،وترسم علامة جارحة على معنى ضياع الوطن..!
لا ينطفئ الحنين إليك-يا فلسطين-لكنه يوقد الحياة في عالمك المشتهى وينبت زمنه في الذاكرة الندية،ليرسّخ معنى الهوية المتشبّثة بذاتها والمعرّضة للنسيان في منفاها..
لذا،سنتطلّع إليك،وإلى كل ما بذرته فينا من عناصر وذرات ذابت في فيض أجسادنا..وستظل رائحتك-كيمياء العلاقة-التي لن تقوى على تبديدها المسافات،ولن يحول الزمن دون تواصلها مع عالمك المفقود..إنها العلاقة الواضحة التي تلوذ بها ذاكرتنا،لتبعث الحياة في عالمنا من جديد
سلام أنت..فلسطين.
ماذا بقي لي أن أضيف؟
إن أصواتنا من هنا،لا تبلغ علوّ الدّم المراق على الإسفلت وحول الحواجز وعلى تخوم الموت في البعيد هناك..إلا أننا نحاول تحرير ضمائرنا من وطأة الإحساس باللانفع وإراحة ضمير من يسمعنا من الوهن الذي يرين عليه بسبب ما يعانيه من شلل شامل،أو لعلنا نسعى كذلك،وبمنآى عن التجريد المشخّص الذي آلت إليه كلمة “الإنتفاضة” إلى إستلهام الحدث..حدث الروح الفلسطينية العظيم،لتخليده وجعله عبرة للآتين في موكب الآتي الجليل،ذلك في الوقت الذي نجح فيه الطفل الفلسطيني في اختراق جدار الصمت العربي،مجسّدا نبل البطولة وصدق القرار.
أقول هذا أولا وأخيرا،لأننا غدونا نخشى من الكتابة عن القضية الفلسطينية في زحمة الكلام،والخطابات والإنتماءات الخاوية،كما لم يبق لنا في زمن يتلوّن بالليل ويرى فيه الموت طيفا في الهواء،إلا أن نخبئ في عيوننا أحزان الدروب،ونتصفّح أوجاعنا ونردّد كلمات لم نعد نعرف أن نكتبها.
سلام أرض فلسطين..
على سبيل الخاتمة :
-كاتب هذه السطور-يدعو إلى تضافر جهود المؤسسات الرسمية والأفراد للعمل من أجل الأسرى،وتحويل قضية الأسرى إلى قضية عالمية تعرض قصص الاضطهاد اليومية التي يعيشونها. وحذر من تكرر مشاهد سجن أبوغريب وغوانتانامو بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.
كما يدعو أيضا كافة الشباب في العالم للانخراط في حملات مقاطعة إسرائيل لما تشكله من مصدر قلق لها،واستثمار قضية الأسرى في تلك الحملات، مشدداً على إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية لما له من أثر على الحركة الفلسطينية الأسيرة داخل سجون الاحتلال.
محمد المحسن

الاثنين، 26 أبريل 2021

هل جاءت عندكم بقلم الشاعر عبدالله النجار

 هل جاءت عندكم

أين تاريخ عزكم
هل رأيتموها
هل سمعتموها
لا حياة لمن تنادي
والنحيب شرعكم
تذكروا كيف
كانت تربي أطفالكم
تدللهم تلاعبهم
تعالج فيهم
قبيح طبعكم
كانت تشهر السيف
في وجه ضدكم
أعيدوا لها الحق
أهملتم حفظها
فزاد فقرقكم
دنستم بالعار أموالكم
خسرتم تنكيس أعلامكم
رحلة الشتاء والصيف
لم تنجو من شركم
وكأنكم من قطاع الطرق
لكنكم أهديتم الأمان لغيركم
مهدتم صعاب عدوكم
فتجرأ ليقطع دابر حولكم
حاسبوا من ظلمكم
نحتاج لا وألف لا
صرخة تحي الآمال
لا ترضى ضعفكم
// عبدالله النجار


تطلعات...مجلة بأفق عن فريق العمل/ رئيس التحرير جعفر شرفي

 تطلعات...مجلة بأفق

تطلعات مجلة ثقافية اجتماعية تربوية توعوية تستهدف التثقيف في شتى مناحي حياة الانسان ليستأهل الدور الحضاريالمنشود، فيكون نافعا لنفسه ومجتمعه ووطنه فعالا في عالمه، معتزا بثوابت أمته...

مجلة تطلعات فكرة، عمل عليها مثقفون من داخل وخارج الوطن وتبناها سريعا قراء من كل الفيافي، فتحت قلبها قبل أوراقها الافتراضيةلكل الكفاءات، محررة أقلامهم ليعبروا عن آرائهم الشخصية وابداعاتهم الأدبية وملخصات تجاربهم العلمية والأكاديمية التي تلامس حياة الناس بغية فهم مشاكلهم وطرح مقاربات وحلول لها...

ولعكس هذه الرؤيا واضحةًأمام القراء المتعطشين لمنابع الثقافة والعلم،عمدنا إلى خلق ثلاثة دوائر متكاملة:

أوسعها صفحة مجلة تطلعات على الفايسبوك مفتوحة أمام رواده،مع شروط مخففة للنشر فيها،أبرزها الالتزام بتخصص الصفحة الثقافي الاجتماعي، وتجنب النسخ والنقل عن الغيرإلا في حدود دنيا...

ثم موقع مجلة تطلعات على النت، وهو أكثر تميزا من ناحية الطرح والأسلوب واللغة المستعملة (ننشر فيه أيضا باللغات الأجنبية)، وبه أركان ثابتة ومحينة على مدار الساعة،وفيه أيضا يتم تصفح أعداد المجلة ببرمجيات حديثة وراقية...

وآخرها، عصارة هذا المشروع: المجلة الالكترونية الافتراضية "تطلعات" تصدر كل شهرين، وقد صدر منها حتى الآن عددان:

 الأول شهرجانفي المنصرم بمجموع صفحات تعدى السعبين وعدد محررين تجاوزوا الثلاثين،والثاني صدر منذ أيام -آخر شهر مارس- وتعدت صفحاته المئة، وعدد من حرروا فيه الخمسين،مع تطوير أركانها باستمرار وتتوزع على :

افتتاحية وكلمة التحرير ثم ملفا للعدد وريبورتاج،وركنا للإبداعات وآخر للرؤى والأقلام الحرة، فركنا للأسرة والمجتمع والصحة والبيئة وثلاثة أركان فكرية معمقة:حضارة وقيم وتاريخ وتراث ودراسات وأبحاث وختاما استراحة للقارئ...

وحرَصنا على أن تبدأ المجلة بلوحات فنية خطا ورسما، وتنتهي بصورة فوتوغرافية للغلاف الخارجى لمناظر من وطننا بعدسات مصورين محترفين وهواة...

واخترنا أن تكون المجلة من القارئ وإليه،فهو من يصنع محتواها لتؤثر فيه أولا،ومن ثم يمتد الأثر في غيره ونحرص أيما حرص لتكون تطلعات بانية للفكر غارسة للقيم دافعة للعمل وتطوير الذات والمحيط والحياة...

نأمل أن يصل صداها كل المبدعين والمفكرين والمهتمين بكل مناحي التثقيف النافع للإنسان في شتى الميادين ليشاركونا هذا البناء شيئا فشيئا، فيكبر ويعم نفعه...

لا ندعي شمولا ولا احاطة بكل شيء، بل نشتغل في زاوية نعتبرها صغيرة أمام الجهد العظيم المطلوب لرقي الفرد والمجتمع والوطن والأمة في القرن الواحد والعشرين، صغيرة ولكنها تصب في نهر كل العاملين من القوى الحية لترسيخ الشهود الحضاري المطلوب...

نصبو لتطوير الفكرة ومنفتحون على كل الاقتراحات والدعم التقني والفني في ميدان نلجه لأول مرة...

الشكر أكيد موصول لجريدة الوجدان الثقافية، راجيا لها مزيدا من التألق والرقي.

عن فريق العمل/ رئيس التحرير جعفر شرفي




واهم حين أظن للشاعر الجزائري أحمد بوقرة

واهم حين أظن للشاعر أحمد بوقرة

دعك مني

بعد ماذا

دعك مني

هل تريدين انعتاقا

من هوايا ...أو هواك

هل ذكرت يوم سددت سهامي

ما رميت ..اذ رميت

ليت قلبي ما غوى

فد وفعت و انتهى

يا كل صيد في شباكي

دعك مني

هل ظننت ان قلبي

لعبة بين يديك

ها كبرت طفلة الامس

القريب

ورميت لعبة القش القديم

من علو في سماك

واهم حين أظن

أن عمرا من جنون

قد توارى

خلف تلك الذكريات

واهم حين أظن

أن أنثى ترتدي ثوب الجريمه

تلعب دور الضحية

قد تلوذ من شراكي

واهم حين أظن

أن فصلا من فصول

المسرحية

فد تلاشى منه دوري

واهم حين أظن

أن غيري ...غير أنثايا الجميلة

تستسيغ مفرداتي

شاءت الأقدار حتما

أن يكون موج هذا الشعر

جزء من حياتي

واهم حين أظن

أنني لست غريقا

ليس عيبا ان

تماديت قليلا

ليس عيبا ان ركبت

لثوان كبريائي

واهم حين أظن

أنني شيدت حلما

واكتشفت أن بيتي

من خيوط العنكبوت

شعر / أحمد بوقرة – الجزائر 

-