لُغَتِي
سَكَـبَتْ حُرُوفي خَمْرَةَ الأقْـلَامِ،
واسْتَمْرَأَتْ فَوْقَ البَيَاضِ مُدَامِي.
***
شَهْدُ المَعَانِي في رَحِيقِ مِدَادِهَا،
وزُلَالُهَا الألفَاظُ نَهْرُ كَلامِي.
***
لُغَتِي عَرُوسٌ لِلبَدِيعِ تَبَرَّجَتْ،
وتَمَنَّعَتْ حِينَ اسْتَبَدَّ غَرَامِي.
***
مِنْ أَيْنَ لِي أَلَّا أَهِيمَ بِعِشْقِهَا،
بِالعَاشِقِينَ لِضَادِهَا وَاللَّامِ؟
***
وَطَّنْتُ نَفْسِي وامْتَطَيْتُ قَصَائِدِي،
جِسْرَ العُبُورِ لِسَالِفِ الأقْوَامِ.
***
فَوَجَدْتُنِي بَيْنَ الأَحِبَّةِ عَاشِقًا،
لِلشِّعْرِ، لِلشُّعَرَاءِ، لِلْخَيَّامِ.
***
وَرَأَيْتُنِي مِثْلَ الخَلِيلِ مُوَلَّهًا،
وَرَأَيْتُهَا خَفَّاقَةً أَعْلَامِي.
***
فَكَتَبْتُنِي، وَالقَلْبُ يَعْلَمُ أَنَّنِي
دُونَ الكِتَابَةِ يَسْتَحِيلُ مَقَامِي.
***
في ظِلِّ أَرْضٍ لا تَرُوقُ لِخَاطِرِي،
أَوْ قَدْ تَضِيقُ بِلَحْظَةِ الإِلْهَامِ.
***
فَاخْتَرْتُ "عَبْقَرَ" مَوْطِنًا لِمَشَاعِرِي،
أَرْضًا لِشِعْرِي، رَوْضَةً لِهُيَامِي.
***
عَلِّي أَرَى العَذْرَاءَ تُـمْطِرُ دَاخِلِي،
وأَرَى القَصِيدَ مُوَلَّهًا بِغَمَامِي.
***
وَسَلَكْتُ ما بَيْنَ الدُّرُوبِ جَمِيعِهَا،
مَا كَانَ مِنْهَا مُذْكِيًا أَحْلَامِي.
***
عَلِّي أُذِيبُ اللَّيْلَ في قَبَسِ الرُّؤَى،
وأُرِيحُ نَفْسِي مِنْ صَدَى آلامِي.
***
فَأَنَا الَّذِي وُلِّهْتُ بِالكَلِمِ الَّذِي
أُرْضِعْتُهُ مِنْ قَبْلُ، قَبْلَ فِطَامِي.
***
فَكَأَنَّهُ مُنْذُ المُخَاضِ تَمِيمَتِي،
وكَأَنَّنِي المِحْرَابُ، وهْوَ إِمَامِي.
***
وأَنَا الَّذِي ما زِلْتُ أُبْحِرُ نَاشِدًا
رَسْمَ الحُرُوفِ بِرِيشَةِ الرَّسَّامِ.
***
وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّتِي سَكَنَتْ دَمِي،
ضَمَّتْ خَيَالِي، وَاصْطَفَتْ أَنْغَامِي.
***
فَتَفَتَّحَتْ فيَّ البَرَاعِمُ، أَوْرَقَتْ،
وارْتَاحَتِ الأَزْهَارُ لِلأَنْسَامِ.
***
فَوَجَدْتُنِي بَيْنَ اخْضِرَارِ فُرُوعِهَا،
كَمْ أَرْتَوِي مِنْ ثَغْرِهَا البَسَّامِ.
***
نُطَفُ الرُّؤَى مِنْ سَلْسَبِيلِ مَجَازِهَا،
خَصَّبْتُهَا في غُصْنِهَا المُتَرَامِي.
***
فَانْسَابَ نَهْرُ الشِّعْرِ لَفَّ جَوَانِحِي،
وبِدَاخِلِي لَفَّ الحَرِيقُ رُخَامِي.
***
إِنْ عِشْتُ دَهْرًا لَنْ أَعِيشَ بِدُونِهَا،
مَا دَامَ نَبْضُ الفِكْرِ رَبْعُ خِيَامِي.
***
فَهْيَ الحَيَاةُ، ومَا احْتَفَيْتُ بِغَيْرِهَا،
وهْيَ انْبِعَاثِي مِنْ رَمِيمِ عِظَامِي.
بقلم ✍️ سليمان بن تملّيست
جربة الجمهورية التونسية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق