الاثنين، 22 سبتمبر 2025

أزمة منتصف العمر بقلم الكاتب/ محمد حسان بسيس

 [ أزمة منتصف العمر ]

قد يواجه الإنسان في حياته العديد من الأزمات، ولكن لا توجد أزمة تضاهي ما يعانيه الإنسان من أزمة منتصف العمر، فهذه الأزمة بمثابة صرخة عقل يقف حائرا؛ بل متخبطا بين واقعه وبين ما تتمناه نفسه، فهي نقطة عبور بين عهدين، عهد مضى وولى_وللأسف مر كأنه حلم لا يتجاوز الثواني_ وعهد قادم، ولكن القادم هذا لا ينظر إليه إلا بعين العقل المحض، فهو يعي ما يئول إليه، فيجد الإنسان نفسه بين صراع العقل والنفس، فنفسه تشتاق إلى الرجوع بالعمر إلى الخلف، حيث الحنين إلى أيام الطفولة والصبا، أيام كان هو موضع الاهتمام والرعاية، وكان بين من هم مسئولون عنه مسئول منهم لا من هو مسئول عنهم، فيرى الماضي بكل مظاهر جماله وفرحه، ويرى القادم من مسئوليات عقلية وعملية، وناهيك من إدراك المآل، ففي هذه الفترة ألا وهي منتصف العمر يكون الإنسان أشد احتياجا لمن يحنو عليه، من يعامله طفلا وإن كان ظاهره كبيرا في السن، فهو كبير في هيئته، صغير في داخله، يشتاق أن يلهو لهو الصبيان، يطيش طيش المراهقين، ولكنه سجين قضبان العقل والواقع، فيظل حائرا بين العهدين، يعيش مرحلة، وقلبه يطير ويهفو إلى مرحلة سابقة، فهذه الأزمة من أشد الفترات على المرء، يكاد ينخلع قلبه فيها، فلذا نجد الكثير لا القليل لهم بعض المواقف التي نراها غير طبيعية في وقته هذا، ولكنها ليست سوى إرهاصة من إرهاصات النفس خلجة من خلجاتها وانعكاس للصراع الداخلي بين نفسه وبين عقله، وستظل هذه الأزمة ملازمة للشخص لا يتخطاها إلا بعد أن يفرض الواقع نفسه عليه من إظهار علامات العمر عليه ويضرب الواقع بسهامه ليؤكد له أنه لا بد من أن يتخطاها، فيا لك من أزمة كأنها ناقوس يدق في محراب الزمان، أزمة لا يعلم مدى معاناتها إلا من يعايشها ويعاينها بعمره، فهي لا توصف ولا تحس إلا بالدخول فيها، وستظل هكذا أزمة لأن حلها الوحيد هوةتجاوز تلك القنطرة ولا يتجاوزها من يعيشها إلا بعد أن يدفع رسوم عبورها والعملة فيها هي العمر،

ألا ليت الشباب يعود يوما 

بقلمي/ محمد حسان بسيس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق