الصّداقة
الصّداقة قيمة لا تدرّس، لا تباع ولا تشترى، هي رهينة طبيعة النّاس المشار إليهم بالأصدقاء أو بالأصحاب فإمّا أن يكونوا صادقين ، فتبنى معهم جسورا إلى عوالم لا يمكن للفرد أن يصلها بمفرده، أو أن يكونوا طينة هشّة فتهوى معها كلّ المشاريع الخاصّة والعامّة، ويتوه معهم الفرد في ما لا يحمد عقباه.
الأصدقاء هم أولئك الّذين لا يحتاجون لأن يفسّروا شيئا، فالتّناغم بينهم فطرة لا تدرس ولا تشترى، إذ هي ليست سلعة معروضة للبيع والشّراء.
في ما بين الأصدقاء، يصبح الصّمت لغة صريحة بليغة المعنى، والضّحك موسيقى تصويريّة لما بينهم من أحاسيس ومشاعر دافئة ما هم ببالغيها إلاّ في هذا الإطار الّذي صنعوه هم من خلال معاملاتهم فيما بينهم، وأمّا ذكرياتهم فهي قصصا تروى بلا تحفّظ ويمكن أن تلقّن في المدارس ومجالس الأخلاق.
الأصدقاء هم الّذين يملأون الفراغ حين يقفون إلى جانبك دون طلب منك وقت الحاجة، فهم يشعرون بما تشعر ويسبقونك إلى ملء الفراغ الّذي يؤرّقك ، وهم الّذين يسندونك حين تميل بك الحيطان ويثقل كاهلك أمر ما. ضمن الصّحبة الصّادقة، تتعلّم أنّ التّآزر ومدّ يد المساعدة ليست كلمة مجرّدة أو كلمة انشائيّة تكتب لملء فراغ على ورق، بل هي لحظة مرجعيّة تؤرّخ وتسطّر وجهة النّاس نحو المستقبل؛ هي جلسة صادقة بريئة حول كوب شاي في المساء، حكاية بسيطة تضحكك بلا غرض أو فائدة مبيّتة، أو مكتوب يهتزّ قلبك عند قراءته أو حتّى قبل ذلك وأنت تفتح الرّسالة.
الأصدقاء هم الانتماء والأصل وهم العشيرة الّتي تختارها بنفسك وتنمّيها وتنمو ضمنها، وهم الشّجرة الّتي تلجأ إليها لتستظلّ بها عندما تشعر بحرّ شمس حارقة أو مطر مفاجئ. وفي بعض الأحيان.
قد يغيب الأصدقاء أو يبتعدون لسبب أو لآخر، لكنّ أثرهم لن يزول، يصحبك حيث ذهبت وتشعر به في كلّ مكان زرته او مكثت فيه معهم.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق