القليلُ مِنْ بَوْحِ الشّعراء
لا تُحدِّثني كثيرا عن اللُّغةِ المُروّضَةْ
أعرِفُ جيُّدا هذه النّكتة الباردةْ
قُلْ ما تُريد وامض في سبيل حالك
تلك النّجوم البعيدة تتواصل فيما بينها وبينا
دون كلمات معقّدة أو تراكيب سمِجةْ
من علَّمها البُكاء بصمت هادئ وساحر
من علمها فنَّ الإصغاء
العابرون في نيازك التّأويل
يُلقون بالقُبلِ الحارّةِ على شاطئ البحر
يُشاكِسون الفاتنات دون أن ينبسوا بِبِنْتٍ شَفَةٍ
اللُّغة ارْتِدادٌ أحمق لنرجسيّة اللّغويين والنّحويين
فلا أحد من هؤلاء يُتقِنُ بلاغةَ الورد
كُلَّما حلَّ المساء
وحين صدح النّاي بالأنين رقصتِ السّماء طربا
وأضْرَمَتِ الأرضُ أنهارا من البكاء
كَمْ مِنْ سيبَوَيْهٍ ماتَ على ضفّةِ النَّهر وما كان لِيَمُوتَ
لو حضنَتْ كفُّه حفْنةَ ماءٍ
وَكفَّ عنِ الثّرثرةْ
عليْكَ أن تُصغي لكلِّ هذا الصّمتِ الصّاخب
لقداسة الموسيقى بداخلِك
وفي دمِكَ
لسْتَ وحدَك مَنْ يُجيدُ الكلام
بل أنْتَ لا تُجيد الكلام أصلا
أنت مُجرّد قَرْعٍ على طبْلٍ فارغةْ
آن الأوان كي تتخلّى عن طولِك
وبعضٍ من عرضك
كي تُلامِس دِفْءَ وهمْس الأشياء مِنْ حولك
وتُنصِتَ
ِللْقليلِ القليلِ
مِن بَوْحِ الشُّعراء
محمد الناصر شيخاوي
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق