الاثنين، 12 يونيو 2023

شِعَابُ الذكرياتِ بقلم الشاعر محمد حميدي

 شِعَابُ الذكرياتِ

---------------------
تقاذَفَتني أمواجُ الحنينِ وهي شاغِلَتي
حتَّى نَفضتُّ الغُبارَ عن شِعابِ ذاكرَتي
تراءَى لي بين ظُلُماتِ الأيَّامِ وَهجُ نورٍ
بهِ اسْتَهدَيتُ إلى ذِكريَاتٍ تُدفِئُ أفْئِدَتي
في أولِ شُعْبٍ للفِكر طفولتي قد بَدَتْ
في دارٍ لَم يخبُ لَها نورٌ في مُخَيِّلَتي
هنا وُلدتُ وهنا رضَعْتُ الحَنانَ مُنْتَشِيَاً
ومِن حَنانِها كم نَبَتَتْ مع الحبِّ ذائِقَتي
كمِ احْتَضَنَتْني أمِّي بِدِفْءٍ لازِلتُ أذكُرُهُ
فهيَ لكُلِّ الَّذي فيَّ مِن الخَيراتِ نائِلَتي
وهيَ علَّمتني أنَّ منازلَ الحبَّ مدرسةٌ
فلازِلتُ أنا أُمِّيَّاً ولازالتْ أُمِّي مُعَلِّمَتي
لا أنسى ما عَلَّمَتْني مادامَ قلبي خافقاً
لُأمِّي دُرُوسٌ في الحبِّ لازالتْ مَفْخَرتي
هنا لعِبتُ فتعالتْ على المَدى ضِحْكَتُنا
في دارِ أُنسٍ قد صارت ذِكراها مُعَذِّبَتي
كم تعثرتُ و نهضتُ بلا كَلَلٍ بِفُسْحَتِها
ماأجملَ أيَّامَها فهي عن حالِي نائِبتي
هُنا تَمازَحْنا و هُنا تَصَارعتْ طُفُولَتُنا
وتفُضُّ الخِصامَ أمِّي وأرَاها مُنْصِفَتي
هنا داليةٌ تُظَلِّلُنا والياسَمينُ يُجَاوِرُها
وتُحَاوِرُهُما باللُّطفِ و بالغرامِ أورِدَتي
كم مِن مائِدةٍ هُنا على الأرضِ فُرِشَتْ
ياسعدَ قلبي إنْ كانت أمِّي مُجَاوِرَتي
كم تَسَابَقْنا للذهابِ إلى مَدْرسةٍ تُسَدِّدُنا
وقد مُلِئَتْ بالكتبِ والأقلامِ مِحْفَظَتي
وعند البابِ دعاءُ أُمَّي بهِ اللهُ يَحفظُنا
من كُلِّ كُربَةٍ بعينِ سُوءٍ أو أذىً ناظِرَتي
أعُودُ و بَسمةُ أمِّي لازالتْ نوراً بِوجهِهَا
وساعةُ اللقاءِ بها بَلسَمٌ يُداوي أزمِنَتي
وللحارةِ شِعبٌ مِن ذِكرياتٍ قد نُقِشَتْ
آهٍ على أيَّامِها كَم يَجْلُو حُلْوُها باصرَتي
هنا زيدٌ كَم رَكَضْنا يُسابِقُني وَ أُسَابِقُهُ
وهناك عَمرٌو و تملأُ صُورتُهُما مُخيِّلَتي
ولضِحْكاتِنا فيها صدىً لازِلتُ أسمَعُهُ
كُلّما هاجتِ الذكرى وثَارتْ بي أَسْئلَتي
وللشَّبابِ شِعبٌ بالصِّدقِ كم سِرْنا بهِ
ليتَهُ عادَ والشبابَ فذي بعضُ أُمنِيتِي
كم رُحنا نُرَوِّحُ النفسَ بِأُنسٍ يَجْمَعُنا
فطاعةُ الله مؤنِسَةُ أحبتي ومُؤْنِسَتي
أينَ الشَّبابُ وأينَ حَيٌّ مِنهُ قد نَبَتُوا
لازالتْ ذكرياتُهمُ رُغمَ البُعد مُرَبِّتَتِي
لِكُلِّ شُعْبٍ سَبيلٌ لستُ أُحْصي مَناقِبَهُ
ياليتَ الشِّعابَ تَعودُ كمَا كانتْ مُدْرِكَتي
إنْ كان أهلُ مَكَّةَ أَدرَى بِشعابِها فإنَّني
أدرَى بِشِعابِ الهوى في شِعابِ ذاكِرَتي
لَستُ أدري كَم مِن الشِّعَاب سَأَسْلُكُها
أخشى أَنْ تكونَ بينَ جَنَبَاتِها قاتِلَتي
محمد حميدي
Peut être un dessin de texte

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق