السبت، 20 فبراير 2021

هلوسات_الهزيع_الأخير بقلم فوزية البوبكري

  هلوسات_الهزيع_الأخير

يا سنواتي العشر
يا لحظة الدهشة
يا مواسم الأعياد
يا زمن الفراشات الملونة ،
والمساءات الملونة
والقمرُ العابث هناك
يراقبنا دون اكتراث
يحرُسنا
وأرضنا البتولُ
تحضُننا
فتأخذنا البراءة إلى أبعد مدى
يا زمنا مضى
ونحن نجمع شقائق النعمان
وتوتا بريا نبت على جنبات الوادي
يا سنواتي العشر
من بعدك كل شيء مضى
مضى في زحمة الجنون
في لهونا بين الأزقة
و في زحمة الميادين
مضى ومضت معه
أمنية بيضاء لا شية فيها
سقطت مع أول قطرة ندى
من بعدك ضاعت طفولة بين الجدران
وفوق سطوح التقينا عندها
صدفة أو بميعاد،
يا سنواتي العشرين
يا لحظة العزيمة المباغتة
يا أزمنة العشق والحب والحنين
يا زمن الأغاني
والأماني
و الفراشات الحائمة
والفوضى العارمة
يا زمنٌ فيه الأحلام كبُرت
ازهرت
وتمرّدت
وذاك القلب الخافق الذي
لا يستكين
قابع في جب الصمت
ينتظر قافلة المارين
يا سنواتي العشرين
فيك نمت ظفائري شجرة لبلاب
تسلقْتُها حتى لامستُ السحاب
وأشياؤنا التي تأتينا على دفعات
كزخات المطر
كأحاديث السمر
أو كتساقط أوراق الخريف
على الرصيف.
والأحلام تترى تنتزع البياض
من السواد
من بعدك يا سنواتي العشرين
تغيرت كل القوانين
و تغيرت أمكنة اللعب
التي كانت تحت الطاولة
وخلف الستائر المُسْدَلة
ووقفنا هناك
في المواجهة
ننقش رسائلَ للقمر
كبركان ثائر بلون اللهب
نقصّ الحكايا تحت المطر
نصفق للعابرين
للأبطال وللكمبارس التافهين
نقرأ تعويذةً للحب
علّها تأتينا بمن نحب
وطيفا رسمناه
بين الدفاتر وكل الكتب
يا سنواتي الثلاثين
يا ملمس الحرير
يا صخب الليالي
يا لون البنفسج
وعطر الياسمين
يا زمن الاسراف
يا لحظة الاعتراف
يا غيمة فرت من دفاتر العشرين
كما شهرزادُ أنتِ
كذوبا
طروبا
لعوبا
حافية القدمين فوق الغيم ترقصين
تتصفحين كتاب الحقيقة
تسألين العرافات
عن سر الكلمات والأمنيات
فراشة تطير خارج الأزمنة
سجينة تحبسُ الجلّاد.
يا سنواتي الأربعين
يا مخبأ الأسرار
يا وقفة للتأمل والاعتذار
يا لحظة الحكمة
يا عمر النبوة
يا زمن الرحيل
يا شجرة الصبار
كرجع الصدى
ينوء به جسدي الثائر،
تحضرين
فأتيه وتتوهين
والتيه يثير فزع طفلة
كانت بالأمس تشبهني
أبحث عنها في روايات
الزمن الغابر.
أركض في مسافات الفرح
أقتات اللهفة
والسؤال يلِحّ عليّ
من أية دهشة أتيت؟
يا سنواتي الأربعين؟
يا صفحة
طُمِستْ فيها ملامح الكلمات
والصور والبدايات
رذاذ الفرح يتساقط من ثقوب الذاكرة
فيتيه في زحمة الصراخ
يبحث له عن موطن ولو بين ثنايا خاطرة
كل ما فيك مُدوَّن
يا سنواتي الأربعين
بالتفاصيل الصغيرة
وخيباتي المريرة
وتلك الأمنيات
لا زالت هناك
في تضاريس الذاكرة
في ثورتي وانقيادي.
يا سنواتي الخمسين
يا لحظة الشك واليقين
امّحَى فيك لون ظفائري
وقصيدتي
وأشعاري
وباحت باسرارها آباري
و السؤال يعود
هل مازال هناك متسع
لنظم القصيد؟
وصرخة بين الحنايا تدوي
فيما أمضيت ثوانيك أيتها السنون؟
انحبس المطر
والكل من أمامي عبَرْ
و كدسني الخريف مع أوراقه
أستجدي الزمن
وهذا الصمت المريب
تتجمد معه عقارب الوقت
فأين أنا من الزمان؟
أين هذا الزمان مني؟
أستجمع بقايا الانكسار
من عثرات المسير
ومن وصايا الراحلين
أبحث في المدى عن خطوة
تحملني إلى بر الأمان
فيتجمّد العمر
لأنتهي إلى حلقة مفرغة
صرخة في وادي الأيام
و يعود الصدى
نفخة في رماد العمر
ليشتعل اللهيب
تحت الرماد.
يا سنواتي الستين
يا مرافئ العابرين
يا لحظة وقار
حقيقةٌ توشّحَت بالأسرار
بين سراديب العمر تخفّت
على شفا جرف الأيام استقرت
هناك عششت عنكبوت
تنسج آخر فصل في ثوب الرواية
والسؤال يعود يلحُ علي من جديد
أين أنا؟
ضباب كثيف
همس الوجيف
وصدى لصوت بعيد
مخيف
والاسوار مصبوغة بألوان الصمت
والأنفاس حفيف
طفت صعودا وهبوطا
وعلى صفحات اعترافاتي
أسير
تنام الشمس خلف الضباب
والريح
فحيح
والجاثمون على حقول الورد
يرددون صرختي
فتتجرد الكلمات من معانيها
وأستحضر كل ضمائر الخطاب
وضمائر الغياب
فجأة انبثقت من بين الركام
خمس زنبقات بيضاء
بذورا زرعناها ذات خريف
أدارت بوصلة الفكر عمرا ونيفا
تستجدي الزمن
هي من عاشت عمرا تلعن اليأس
وهي من نشرت الأمل
في قص الحكايا
في كل القصائد
وفي أعماقها طفت أمنية منسية
أخذت في الاخضرار
وبكل أبجديات الرفض
انفجر البركان
فتحولت المسارات
صفّرت تلك السفينة
ثم تاهت في العباب.
فوزية البوبكري
Peut être une image de montre-bracelet

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق