الثلاثاء، 23 فبراير 2021

يا حلوتي بقلم الشاعرة حميدة بن ساسي

 يا حلوتي

أرجعتني تلك الطّفلة إلى البدءُ...إلى
الظّلمة.. إلى غياهب الضّياع...
هذا السّبات يهزّني ...
يحملني بسرعة
إلى عينيك...إلى ضيق الأكمام...
من ينطق عنك يا طفلتي
عربدة الأيّام....
وخربشات الأشواك على أغصان
الأزهار...
زهرة البنفسج أبكت عيوني
والنّهر في دفقه
جداول رقراقة ...
ما زال في النّبض غرام
ليستِ الأحلام إلاّ هتاف الصّبايا
لا تحزني...
مازال وجهك الجميل مرايا
من سماء العشق ...نبضك...
يا حلوتي...يخفق في قلبي
أنّاته...
عشت في الخيام ...والبرد يزمجر...
منذ أن رأيتك تحدّقين
وهم نيام...على فراش وثير...
مزدان بقوس من عدَمٍ...
كي تعلموا
في صمتها ألم...في قلبها الصّغير
نور جليّ...
من أرواح العالم...
المدافع دمّرت بيتها الجميل
واستمعت إلى طقطقة العظام
وطار الرّصاص فوق رأسها
كالغربان...
شوقها إلى دميتها التي تركتها
بركنٍ من بيتها...
وإلى مدرستها التي رحلت عنها...
وإلى مدينتها ...التي صارت
مكانا للأشباح...
القدر ...وعربدة ...وسفر إلى المجهول...
كلّ شتاء ترتعش أوصالها
والماء يحمل أعباءها...
ثوبها الزّهري تلوّن بوحل الطّين
والطّين صار كالمسك معطّر...
يا حلوتي لا تبك
فالزّهر يبعث سلامه لك
والشّمس في دفئها
انعتاق ...حرارة شوق ...يا حلوتي...
ما زال الهتاف داخلي...
وتلك الصّرخة المدوّية
بقصائدي...
لم يعد يحلو لي الغرام
ولا قطائف الحبور
ولا اللؤلؤ المنثور....
ولا رسائل الحكّام ...ولا عوالمي...
شغلني شقاؤك ...
وجدائل شعرك الصّفراء
التي خاصرتها
الرّياح العاتية...
وأرنبة أنفك الحمراء...
الغضب مزّق ثوبك المُخمليّ
والنّور تسربل إلى
جسمك النّحيل ...والضّباب أعمى
عيونهم...
ما زال الصّمت مطبقا...
والصّقيع جمّد قلوبهم...
درجة الإحساس تحت الصّفر
تُسجّل...
يا حلوتي لا تبكي...
ستمتطي يوما الرّيح
لتعصفي بتلك القيود
وتدمّري كلّ آلات الحروب...
وستحملك السّيول
لتغمري مدينتك بالاخضرار
وتُنبتي الحبّ في قلوب
الأبرياء...
وستُخاصرك النّسائم اللّطيفة
كما كنت تخاصرين والدتك
بتلك المحبّة....
يا حلوتي ...لا تبكي ...
وامنحي الأزهار عطرها
والشّمس دفأها
والقمر جماله...
من عين السّماء أمطري...
حمّلي العالم
أعباء أطفال ...عاشوا
تحت الخيام ...ولم يرأفوا
بحالهم....
ضاع الحبّ بوازع الأطماع...
والمدافع كالعفاريت
ترعب الأطفال...
كانوا ينظرون إليها
بلا حراك...الأرض عجفاء
وشظايا الرّصاص مارقة
كالسّهام....
لا تخافي يا حلوتي
سينبت الزّهر وستشرق الشّمس
في كل بقاع الأرض ...
حميدة بن ساسي
Peut être une image de enfant et plein air

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق